“عندما خلق الله آدم وحواء, من كان يومها السيد؟”. صرخ جون بول – أحد قادة ثورة الفلاحين بانجلترا إبان العصور الوسطى – محاججا للدفاع عن الفكرة الجوهرية للنضال الانساني (العدل), كان الفلاحون البريطانيون يخوضون في ذاك الوقت صراعا ضد اقطاعيين صادروا أراض عامة, تماوجت صرخة بول مع صرخة ابن الخطاب “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا”, وبينما فشل المسلمون وما زالوا في تقنين العدل (القيمة الرئيسية في الاسلام), قامت أوروبا بتحويله الى منظومة حقوق راسخة, كانت آخرها الاحتفاء بعيد العمال. ومع ادراج فقرتين تخصان حقوق العمال, في الاعلان العالمي لحقوق الانسان (المادتين 23 و24), وصلت الفكرة الحديثة لحقوق العمال الى أرقي مطالبها, لكن هذا الرقي لم يتأتى إلا بعد نضال طويل لعمال اوروبا استمر منذ القرن الثامن عشر حتى القرن العشرين, بدأ بنقابات عمالية, وساندته فلسفات ونظريات, أثمر قوانين تجرم استغلال حاجات العمال, وتحدد سقف للعمل ب 48 ساعة عمل اسبوعيا, وحاليا يحتفل العمال في اوروبا بذكرى عيد العمال للمطالبة بتطوير حقوقهم, بينما نحتفل نحن للمطالبة بالحقوق, التي ما زالت حبراً على ورق الدولة, ووعوداً على عرَق العامل. ويجدر التنويه الى أن كل الثورات التي قامت في العالم المتقدم, بدأت بانتفاضات عمالية, بما فيها الثورة الصناعية التي بدأت بحناجر العمال وقامت على أكتافهم, كما أن وصول العالم اليوم الى فكرة الدولة الحديثة وما تحمله من مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وما يصاحبها من تقدم تكنولوجي ومعرفي, بدأت باضطرابات مدنية قام بها العمال, وكانت اول انتفاضة في بداية الثلاثينات من القرن التاسع عشر في فرنسا, وبعدها انتشر غضب العمال في الولاياتالمتحدة والمانيا وبريطانيا ووو... ثم روسيا حيث نشأت الفلسفة العمالية, وعربيا كان العمال هم القاعدة الاساسية لكل الثورات العربية ومنها ثورة 11 فبراير. يمكن الاشارة الى أن العامل العربي واليمني خصوصا, مازال يعامل بتمييز من حيث الأصل والشكل والجنس, بالاضافة الى الاجور المتدنية في أوضاع معيشية صعبة, والتهرب من دفع التعويض للوقت الاضافي, وتزداد المعاناة للعمال في القطاعات الخاصة أكثر من المؤسسات الحكومية,... الخ. لكن الحوار الوطني الناتج عن ثورة فبراير, أثمر ولأول مرة, اهتماماً واضحاً وقوياً بالعمال في مخرجات الحوار, وهذه المخرجات الخاصة بالعمال يجب أن تكون أكثر قوة في مواد الدستور القادم, كون الشباب الذين قامت بهم الثورة, هم القاعدة الاساسية للعمال في اليمن, ويمكن القول إن علينا جميعاً, الضغط باتجاه جعل حقوق العمال هي الركيزة الاساسية لحقوق الانسان في اليمن, فنيل العمال حقوقهم هو الطريق الرئيسي لترسيخ المواطنة اليمنية, وحماية حقوق العمال هو الضامن لنيل الجميع حقوقهم. كما أن العامل اليمني يجب علينا أن نشعره بأن كرامته مرتبطه بكونه عامل, علينا أن نفتخر بيده المناضلة ونُجلّ عرقه النبيل, نعم؛ هو مناضل ونبيل , كون العامل اسم مشتق من (العمل)؛ اقدس قيمة على وجه الأرض, ولأن رائحة عرقه هي رائحة الوطن, الذي كنا وما زلنا نناضل من أجل تطوره وأمانه, ... شخصيا؛ أفتخر أنني ولدت من أب عامل وأم عاملة, وأن لي اخوان واخوات عاملات, وأن كثيراً من أصدقائي الحميمين, (نجار ومباشر مطعم وسائق حافلة وحارس بوابة ووو.. وحائك احذية..). [email protected]