في مايو الرابع والعشرين يخالج أبناء الشعب شعور امتزج مابين الفرحة وحيرة الموقف ..ما بين استثنائية المرحلة وآمالها المستقبلية, وبين صمود شمعة الوحدة بضوئها الوهاج رغم كل الافتعالات والمساعي المأزومة.. هاهي وحدتنا المباركة في عيدها ال24تنير الدرب أمام بناء اليمن الجديد.. الفرحة في هذه الذكرى العظيمة لا تحدها المظاهر الشكلية كون للجماهير اليمنية قلوب تتوجس فرحاً بها مهما تعالت آلام الواقع نتيجة مساعي قلوب المرض والحقد الدفين إلى تمزيق رايتها الخفاقة في عنان السماء .. يأتي يوم ال22 من مايو كذكرى عطرة تخمد في طريقها نيران الغضب الشعبي كبقاياء أثر خلفها الحاقدون تجاه هذا الإنجاز التاريخي العظيم “الوحدة اليمنية” . نعم تأتي هذه الفرحة في ظروف صعبة لكنها لن تكون معقدة ومستحيلة أمام إرادة الجماهير التواقة إلى غد أكثر إشراقة .. يأتي هذا اليوم وجيشنا المغوار في مهمته الوطنية والمتجسدة بتطهير أرض الوطن من ذلك الدنس الإرهابي, وكل من يفتعل الازمات بغرض إعاقة مسيرة البناء.. ما يدركه بل ويلامسه الجميع أنه ورغم العواصف والمحن التي مر بها الوطن إلا أن وحدتنا ظلت مصانة تسمو بشموخ جبالها , وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على مدى الرغبة الجماهيرية الكامنة في مواصلة هذا العناق الأبدي , وهو مايحتم على الاجيال وخاصة البالغين عمر الوحدة التمعن بمفرداتها الوطنية من خلال قراءة تاريخ ما قبل تحقيقها لمنحها تلك المساحة من الاخلاص والعشق الوطني المفرط لما لها من مكانة عظيمة في حياة اليمنيين.. ربما كتب علينا الشقاء لكن ما نتجرعه من هموم وآلام سببها نيران الفتن المشتعلة, وما اقترفه في حقنا والوطن أعداؤه المتربصون وفي مقدمتهم قوى الشر الارهابية ليس بالضرورة أن نجعله ينعكس على الوطن ووحدته المباركة والتي عانى شعبنا اليمني قبل تحقيقها ويلات الشتات والتمزق , ولعل الأجيال الواعدة لاتعي الكثير من تلك الآلام بحكم عدم معايشتها لذلك الواقع المرير, وبسبب تلك التعبئة الخاطئة التي تم من خلالها إرهاق فكرهم وقلوبهم الركيكة بالأحقاد الدفينة تجاه وحدتهم التي قضت على العديد من الحواجز للوصول بنا إلى هذا التلاحم الوطني الكبير للأرض والانسان , والذي نحتفل اليوم بذكرى إعادته وانتصاره على وهن التشطير البغيض لتعلو راية الوحدة في مثل هذا اليوم الأغر من سنة 1990م , وكل عام سنحتفل به ليس كما يروج له فكر بل كحلم ظل يراود أبناء الشعب اليمني جيلاً بعد آخر عقود من الزمن . لذا يجب أن تبقى الوحدة التي استعادت عافيتها بمخرجات الحوار الوطني بعيدة عن كافة المناكفات السياسية والأيديولوجية وفق منطلق أن عبورنا إلى ضفة الأمان مرهوناً بالحفاظ عليها , وأن جميع نقاشات قضايانا الوطنية , وحواراتنا , والعمل في مسارات البناء , وحياتنا الشخصية والعامة لابد وأن تبقى في ظل وتحت سقفها المتين , وعلى الحالمين بعودة التاريخ إلى الوراء أن يدركوا مدى صعوبة تشظي طينة الأرض وروح الانسان التي امتزجت خلال العهد الوحدوي كعنوان لمساره الخالد..