ذروة حملة الإبادة الجماعية الممنهجة ضد الجماعة الأحمدية في باكستان حصل العالِم الفيزيائي محمد عبد السلام على جائزة نوبل للسلام ،كأول بروفيسور مسلم ينتزع «نوبل» في هذا المجال. تواكب هذا الإنجاز العلمي العالمي مع موسم النكسة الدينية وازدهار الانحطاط على يد السلفية التي تمتلك موازنات مالية فاحشة جراء طفرة النفط في معقلها، وهي سخَّرت هذا الذهب الأسود في تكريس التراثيات الدينية ونشر الفكر الوهابي في البلدان الاسلامية الفقيرة وخاصة دول الحوض الإستاني كأفغانستان وباكستان. كانت الجماعة الأحمدية قد بدأت تدفع ضريبة إعلان وجودها ككيان إسلامي مستقل ومتحرّر كلياً من لوازم الفكر الوهّابي والفكر الشيعي وهنا التقى الفكران النقيضان: الوهابي والشيعي في نقطة تقاطع عجيبة للفتك بالجماعة الناشئة بضربة سيف واحدة ،لتفريق دم أنصارها بين القبائل ،بحيث لاتقوم للجماعة قائمة. صدرت فتاوى التفكير مدججة بالحقد الطائفي وأبشع وجوه الإقصاء المذهبي، داخل نطاق آخر الديانات السماوية، وظلت التهمة هي أن الأحمدية صنيعة إسرائيلية مثار الضحك وعين الفجور في الخصومة. وما كان لجماعة ناشئة لاتمتلك رصاصة واحدة أو سنداً سياسياً أن تشكّل خطراً على أحد فقد أعلنت الأحمدية عن نفسها كجماعة سلمية لاتبيح سفك قطرة واحدة ولو كانت لكلب. وضمن فكرها التجديدي تقول الأحمدية بالجهاد غير الحربي إلا في حالة واحدة وهي الدفاع عن النفس من معتدٍ محارب وإنه لايقتل المرتد عن الاسلام إلا كان محارباً وهذا قول تلتقي عنده فتاوى علماء تنويريين من مذاهب إسلامية أخرى ،غير الأحمدية. أعود إلى البرفيسور الحاصل على نوبل والذي رفع شعار: الذرّة من أجل السلام ورفض مئات العروض المغرية للبقاء في دول غربية وإلقاء محاضرات في جامعات عالمية مرموقة فحبّ الوطن من مبادئ وأسس الفكر الأحمدي التجديدي. وحدثت كارثة الصيف الملتهب، لتفرض السلطات الرسمية الباكستانية وبإيعاز مباشر من السلطة السلفية طوقاً أمنياً على البروفيسور وصدرت فرمانات أمنية فورية في حظر استقباله في مطار إسلام أباد حتى على أفراد عائلته ووُضع تحت الإقامة الجبرية ومنعت الحكومة الباكستانية وسائل الإعلام من أيّ حديث عنه أوحتى نشر خبر فوزه بالجائزة التي تدخل العالم الإسلامي لأول مرة، كما مُنع البروفيسور من إلقاء أية محاضرة أو حضور أي مجمع عام قبل أن يتم نفيه. تلك الاجراءات التي تجاوزت بها السلطة الدينية في الإسلام فجائع الكنيسة في العصور الوسطى ،ماكان لها أن تقف في طريق البروفيسور لولا أنه من الجماعة الأحمدية. [email protected]