ليس مجرد اعتقاد بل هو جزم على القول والفعل المقتضي على أنه لم يسبق أن مررنا والوطن بوضع كهذا، طبعاً ليس المقصود هنا من حيث الأزمات المعيشية القائمة وحسب؛ كون هناك ما هو أشد عناءً بكثير مرّات. فكل من صرخ اليوم ينوح ألماً أو رفع يديه يشكو مظلمة أو كتب عن واقع معاناة قيل عنه ما لا يقال؛ حيث يوصف بأنه إما من أتباع النظام السابق الذي تغنّى فيه الجميع سنوات طويلة, أو وجّهت إليه تهمة الانتماء إلى جماعة أو قوى معادية للنظام, وبهذا لا يتم إنصافه, وهنا تكمن المشكلة في هذا التوجُّه غير المنصف من قبل البعض والتي لا تعد فقط نقطة تعثّر أمام جمود الحركة العملية في قطاعات الدولة والشارع اليمني بشكل عام؛ بل مكّنت عدّة مسؤولين من ممارسة عملية الإنهاك الكلي داخل وخارج مؤسساتهم، مستغلّين في ذلك تردّي أوضاع البلاد المتسبّبة في عدم التركيز على مجمل سير العمل ومتابعته المستمرة من قبل المعنيين لتصدر على ضوئها العقوبات الصارمة في حق كل متخاذل انتهج في قيادته أسلوب الإقصاء والتهميش والمحسوبية المعروفة ب “الشللية” التي لا تنتج عنها سوى أضرار مادية وبشرية وتراجع ملحوظ في مستوى أداء العمل, وعند مثولنا أمام وقفة وطنية جادة فإن هؤلاء هم أعداء الوطن الحقيقيون الذين وجب محاسبتهم والضرب بيد من حديد حتى لا تتفشّى هذه الظاهرة المقيتة. فكما هو معروف أن الوطن قد شهد حالة تغيير اقتربت من الجذرية ابتداءً من رئاسة الدولة وصولاً إلى الوزارات والمؤسسات والقيادات العسكرية كخطوة إيجابية مازالت بحاجة إلى مساندة الجميع كي تتمكّن من المضي بالوطن إلى الأمام. لكن عملية الفرز والتصنيف التي أوجدتها بعض القيادات بين أبناء الشعب هدفت إلى تمزيق كيان الصف الواحد من خلال التعامل على خلفية الانتماءات الحزبية والطائفية تُعد النقطة التي سبّبت حالة من الإرباك في الوسط الشعبي باعتبارها لغة صعبة كان من المفترض أن تتعامل معها القيادات بحذر شديد على أن تقدّم مصلحة الوطن قبل وفوق كل المصالح.لكن ذلك لم يحدث، حيث كان البديل أشد مرارة وخطورة على الوطن والمتمثّل في الانقسام الحاصل وسط القيادات الوسطية كونه من شكّل ذلك التمييز العنصري بين الطبقات العاملة، أما تلك القيادات فقد انشغل جزء منها بمصلحته الشخصية ليتم إهمال المسؤولية المُلقاة على عاتقهم, والجزء الآخر اهتم بعملية الفرز حسب الانتماء. أما ما تبقّت منها، وهي الأشد خطورة على الوطن والمجتمع، فهي التي قامت بتقسيم الكوادر إلى شقّين؛ الأول من أصحاب التغيير والمد الثوري وتعتبرهم من الموالين للثورة؛ بينما الشق الآخر صنّفته على أنه من بقايا النظام السابق ويتم التعامل معه وفق هذا المعيار حتى وإن كان هذا التصنيف غير واقعي لكنها تعمّدت اتخاذ هذا السلوك لتخلق من خلال مماحكاته تصادماً كبيراً بين أبناء الشعب؛ الشيء الذي ندرك عدم تحمل البلاد نتائجه خصوصاً ونحن بحاجة إلى اصطفاف وطني للوقوف أمام جملة التحديات التي يواجهها الوطن خلال مرحلته الانتقالية؛ لذا لم يكن أمامنا سوى احتساب كل من يسير في تلك الطريق على أنه من ألد أعداء الوطن؛ وقد وجب الخلاص منه قبل تمكُّنه من نشر سمومه القتلة..!!.