النقد التعميمي؛ ثقافة مفلسة تحمل عدم امتلاك مشروع ورؤية واضحة سوى النقد من أجل النقد على سبيل العموم كنتيجة لانعدام الرؤية، الأحزاب هي أدوات الدولة المدنية، ولها منجزات وعيوب لنعترف بالمنجزات ولنساعد على توضيح الخطأ وتقديم البديل. قتلتنا العبثية و«القرّاح للجو والمجابرة والمجاملة» حتى تحوّل البعض ممن يُحسبون على الفكر إلى مجرد "مرتزقة وعاملين باليومية" يتنقّلون بين النقيضين دون حياء ولا مبرّر مقبول, تحوّلت الحرية والتقدُّم والمساواة إلى مصطلحات تُباع وتُشترى كسلعة بائرة, والسبب هو أن الناس هم البائرون، وأن الفكر النقدي لم يعد له محترفوه ورجاله، ولهذا نجد نقداً تعميمياً لا هدف منه سوى تسويد الصفحات و«أكل عيش» في أحسن الأحوال..!!. الأمة تمرُّ بمخاض خطير وتتفاعل فيها براكين العالم وتتناطح داخله مصالح الدنيا كلها، وفي الوطن العربي سيسقط الطغيان العالمي في هذه المنطقة التي وضع الله فيها سرّه وكانت محلّاً لرسالاته السماوية, إنها مغناطيس الدنيا، كل العالم ينظر إلى مصالحه من هذه المنطقة؛ يرى تقدُّمه وتأخّره ونحن نائمون، ينطلق من هنا وكأنها ركن العالم، وهي كذلك، غير أن أبناءها يفرطون في كل الامتيازات الفكرية والثقافية والدينية والجغرافيا ويقضون حياتهم في المناطحة و«المناجمة» والجدال ليسهل التلاعب بهم من أوباش الأرض. تحسب وكأن العربي واليمني من الصعب أن يرفع رأسه لينظر إلى الأعلى والبعيد ويتصرّف على حسب مصلحة بلاده, هذه البلد رافعتها الثقافة الإسلامية وأساس حضارتها الإسلام، وعندما نفهم الإسلام فهماً صحيحاً سنخطو الخطوة الأولى نحو النجاة, البحث عن مشاريع تغريبية ومصطلحات من بلاد الأعاجم لا يفيد؛ لأنها غريبة وبعيدة عن حاجتنا الروحية والمادية والتوجُّه إلى المشاريع العصبوية والطائفية سيؤدّي بنا إلى الهاوية التي نستحقها. نحتاج إلى توجُّه شعبي من كل القوى يسارية ويمينة، قومية وإسلامية لتتسابق على المشتركات الوطنية وأسس دولة مدنية وقاعدة حضارة قائمة على الإسلام الذي بُعث رحمة للعالمين، الإسلام روح العروبة الذي جاء من أجل مصلحة الناس والعمران الحضاري, الإسلام الذي جاء من أجل الحرية والرحمة؛ وهذا لن يكون بإسلام زعطان أو فهم معطان. يجب أن نفرّق بين الإسلام الذي هو دين الجميع وبين أفهام هذا وذاك؛ هؤلاء العاشقون للسلطان لم يكن باستطاعتهم أن يستعبدونا إلا عندما حيّدوا الإسلام عن الحياة وأبعدوا الناس عنه أو صادروه لصالحهم أفراداً أو جماعات، وأعني بالإسلام هنا الإسلام العامل، إسلام الحرية والحياة وما يطلقون عليه «الإسلام السياسي» إسلام الحياة والحضارة، هذا الذي يجب أن يتسابق على فهمه الناس وتقديم تجاربهم والخوض في تصفيته من الأهواء والتعصُّبات والفرعنة واللصوصية والمصادرة. لن ننجو إلا بمزيد من فهم الحياة والشراكة في الفعل السياسي، ولن يكون هناك فعل في هذه البلاد مالم نفهم الإسلام الوسطي والمعتدل، ونشارك في نشر الوسطية والاعتدال بعيداً عن المكايدة أو «المناجمة» أو الأحكام المسبقة أو المجاملة، فكل هذا يفعله الصغار الذين لا يكبرون. والمطلوب هو نقاش مجتمعي ونقد فكري لما يدور وفهم أفضل للرافعة الحضارية الفاعلة في هذا الوطن وهو الإسلام، وهو ليس ملكاًَ خاصاً لفرد أو جماعة أو أسرة، هو دين الأمة وحضارتها عندما لا تقف موقفاً سلبياً مما يجري وتدخل بإيجابية إلى الفعل العام على مستوى السياسة والفكر لبناء قواعد متينة من المشتركات الوطنية والدولة المدنية على قاعدة «الحرية والمساواة» كمعيار واضح للوطنية والإسلام. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك