حزموا أمتعتهم وأشواقهم مهرولين للقاء أهاليهم ومحبّيهم، حجزوا مقاعدهم على حافلة تنقلهم لقضاء إجازاتهم في حضن الأم والأب والأسرة الغالية وهم لا يعرفون أنهم حجزوا أماكنهم في الجنّة..!!. سيناريو مخيف يتكرّر في بلاد الحكمة بين أناس يُفترض أنهم الأرق قلوباً والألين أفئدة. قتل الجنود بتلك الطريقة الوحشية وبتلك الدماء الباردة والإنسانية المنعدمة يثير فينا حزناً بحجم السماء وقهراً لا تحتمله أقوى الجبال. هم إخواننا وأبناؤنا وأماننا يُقتلون في أرضنا لتشرب الأرض دماء طهوراً لا يستحق أن يُسفك وأن يكون الصمت حالنا. مجرمون يتوضأون بالدم ويذهبون للصلاة وهم نجس، لا دين لهم ولا رب يعبدونه، أي دين ينتمون إليه وهم ينحرون الإنسانية كل حين..؟!. أعمالهم القبيحة تبرّأت منها كل الأديان وهم يلصقون أنفسهم بدين الرحمة، يبرّرون قتلهم بمبرّرات هي أقبح من أعمالهم الوحشية، أولئك الوحوش المتعطشون لدماء إخوانهم وأبناء جلدتهم. ولكن أين الدولة من هكذا جرائم تدمي القلوب، هل البيانات كفيلة بردع القتلة ومنع قوافل الشهداء الذين يُزفّون إلى السماء شبه يومياً..؟!. على الدولة أن تثبت أن الحرب ولو كانت بين دولة وثلّة من الإرهابيين يجب ألا تكون فيها هي الطرف المهزوم، تتلقّى الهزيمة تلو الأخرى، ونتلقّى نحن الفجيعة تليها أخرى في أبناء هم ورب السماء أغلى من البصر، كيف لا وقد تركوا الحياة باستقرارها وهبّوا ملبّين نداء الواجب وآثروا أمننا على أرواحهم التي تُزهق بوحشية على يد أعداء الله وأعداء الإنسانية. قتل الجنود بتلك الطريقة هو قتل لحياتنا جميعاً، وقتل لمستقبل وطن بأكمله، فهم شهداء شرفاء صعدوا إلى الفردوس؛ بينما بقينا نحن نخوض ماراثون الكراهية والحقد، نبرّر سفك الدماء حيث شغلتنا الطائفية، ونسينا أن ديننا واحد، وربنا ورسولنا واحد، وكذلك ألمنا ووطنا واحد. سعداء هم بدخولهم الجنة، وتعساء نحن الصامتون والعاجزون عن قلع نبتة الإرهاب الخبيثة التي تلتهمنا بشراسة بينما ننتظر معجزة من السماء تنعش المحبّة في قلوبنا وتعيدنا كما خلقنا الله بشراً وليس مسخاً كما يريد لنا الإرهابيون أن نكون. [email protected]