تقويض العملية السياسية في اليمن برفع السلاح علنا والاستقواء بمليشيات في مواجهة الدولة لا يهدد أمن واستقرار البلد فحسب بل هو في حقيقة الأمر إعلان رسمي لحفر قبر يتسع ل 25 مليون نسمة ومالم تكن هناك معالجات سريعة لمعالجة الجزء المريض من الجسد اليمني فإن الأوضاع برمتها ستؤول إلى حالة فوضى عارمة وقد يصعب ، بعد فوات الأوان ، احتوائها بالشكل الذي يجنب البلاد ويلات حرب قد تبدأ بعنف وتنتهي بخسائر لا حصر لها أو تستمر بعقد صفقات مشبوهة طمعاً في ان يستفيد منها أطراف الأزمة. في اليمن ليس الحوثة وحدهم الجزء الفاسد أو المريض ، ثمة أطراف كانت ومازالت تستحق البتر وإذا كان الحوثيون يواجهون الدولة في النهار وعلنا فإن أطرافاً أخرى بذات السلوك تواجه إرادة الأمة تحت جنح الظلام وتحفر بذات السلاح قبراً للوطن. على الرئيس عبدربه منصور هادي ان يستوعب حقيقة ان عدو اليمن هذه المرة يمنيون يحملون مع السلاح أفكاراً لا طاقة لنا بها ، عليه ان يدرك ان الخطر ليس في محاصرة صنعاء بمسلحين وإنما أيضاً في أطراف تقتات من الفوضى تحاول إقناع الساسة بضرورة مواجهة التمرد الحوثي بالسلاح من دون عمل أي اعتبار لرصاص طائش سيغرق أرضنا بدماء ضحايا أبرياء.. لا نريد لمشهد العراق ان يتكرر في اليمن فثمة من يغذي الأزمة بالمال والسلاح، لقد استمعت إلى زعيم تنظيم القاعدة في تعز عبدالرحمن هزاع يقول في لقاء حصري بثته الفضائية اليمنية إن كل العاملين في تنظيم القاعدة إلى ما قبل أزمة أو ما يطلق عليها الثورة الشبابية كانوا يمنيين ثم انضموا إليهم بعد (الثورة) عناصر إرهابية من جنسيات مختلفة مستغلين بذلك حالة اللا استقرار التي كان يعيشها اليمن فتخيلوا لو ان حرباً قامت بين الجيش ومليشيات الحوثي المسلحة كيف ستؤول الأوضاع في عموم اليمن ؟، أظنها ستكون نسخة من العراق أو ليبيا . إذا أفترضنا ان جر الدولة إلى حرب شوارع خطأ فادح والتزام الصمت حيال التمرد خطأ مرتين فإن من الواجب العودة إلى الحوار مهما استهلكنا من وقت ، وأيضا إبقاء خيارات المصارحة والمكاشفة مفتوحة لتظل معها فرص توعية الناس بما ينفعهم ويضرهم سانحة وعلى الإعلام النزيه بمختلف وسائله ان يلعب دور الوسيط في التهدئة ويؤدي دوره الوطني في التأثير على المغرر بهم فربما عادوا إلى صوابهم وجنبوا أنفسهم وأهاليهم والبلاد كوارث مخيبة لآمال وتطلعات قاداتهم. محاصرة صنعاء بأربعمائة مقاتل حوثي لا يعني إلى الآن ان الحياة توقفت في اليمن ، مازال أمام القيادة السياسية وقتاً للتفاوض معهم حول الانسحاب وتسليم السلاح ومازال أمام الحوثيين فرصة النجاة والعودة إلى ديارهم سالمين ، وللتاريخ لا يوجد من يشجع على الحرب في اليمن إلا أطرافاً تريد للحوثي ان يضعف لتنقض عليه ومن ثم تعود إلى المشهد بمليشياتها تمارس ذات الفوضى تحت مبرر عودة (الثورة) وكأنه مكتوب على اليمن ان يبقى رهن صراعات وأزمات مفتعلة.