إعلامياً يخوض الحوثة الإرهابيون معركة مسلية ضد داعش أو الدواعش في العراقواليمن على حد سواء.. وكما هو ملاحظ فإعلام المخلوع اليمني – أيضاً- يشارك باهتمام في هذه المعركة؛ لكننا لن نهتم كثيراً بموقف المخلوع وإعلامه، فما يستحق التعليق هو هذه الحمية الإعلامية والسياسية الحوثية ضد داعش والتكفيريين! بداية فلأن الحوثة هم نسخة يمنية رديئة من مشروع إقليمي مذهبي فقد كان لابد لهم أن ينخرطوا في معركة وهمية ضد داعش والتكفيريين في العراق دون أن ينتبهوا أنهم يقفون في هذه المعركة كتفاً بكتف مع الأمريكان ورجالهم في العراق بقيادة نوري المالكي وحزبه؛ أو المنافقين وفق قاموسهم السياسي.. ولأن قوات أمريكية وخبراء أمريكان هرعوا إلى العراق لدعم الحكومة بقيادة المالكي تماماً كوصول دعم إيراني؛ فقد كان لا بد للشعارات الحوثية المضحكة أن تتعدل على الأقل خلال مدة الدعم الأمريكي الإيراني للمالكي، وبدلاً من "الموت لأمريكا" يصير الشعار "الله يحفظش يا أمريكا!".
بالضرورة دعمم كارهو الدعم الأمريكي والتدخل الأمريكي، وواصفو العلاقات مع أمريكا في اليمن بأنها تتنافى مع الولاء والبراء وحقيقة الإيمان؛ دعمموا عن التحالف العسكري الثلاثي في العراق ضد معارضي حكومة المالكي المدعومة إيرانياً.. والأكيد أنه لو اقتضى الأمر استدعاء قوات الجيش الصهيوني بذاته لدعم المالكي والقتال جنباً إلى جنب مع قوات الجمهورية الإسلامية الإيرانية فلن يكون هناك مانع شرعي ولا عقلي.. والأمر كله بسيط يحتاج فقط لتعديل شعار "الموت لإسرائيل واللعنة على اليهود" إلى "الله يطول عمرش يا إسرائيل.. ويلعن أبو من يلعنك!".
****** والآن لنحاول أن نعرف هل هناك ثمة فوارق بين داعش والحوثة.. مع ملاحظة أن داعش العراقية ليست هي الفصيل الوحيد ولا الرئيسي في ثورة العراقيين ضد حكومة المالكي المدعومة من إيران.. فعلاوة على وجود تذمر شيعي أيضاً من النفوذ الإيراني على حساب عروبة شيعة العراق، فإن تضخيم دور داعش إعلامياً كان مقصوداً من إيران وأتباعها (البعض يقول: عملائها) لتحريف جوهر الصراع والأزمة في العراق!
المهم؛ فلنفترض أن داعش هي كما يصفها الإعلام الإيراني ونسخه العربية واليمنية.. فما الذي فعله الدواعش في العراق ولم يفعله الحوثة في اليمن؟ أو للدقة فما أوجه الشبه بين الحركتين؟
- التمرد على الدولة بدعوى المظلومية المذهبية؟ كلتا الحركتين تعزفان اللحن نفسه مع فارق أن الحوثة صاروا هم الظالمين منذ سنوات، ويكررون إنزال المظلومية على مخالفيهم، وإنتاج كل ممارسات الإقصاء والعنف والإجرام ضد كل من يعارضهم في إطار كيانهم السياسي الذي يحكمونه باستقلالية عن الدولة (للدقة ليس استقلالاً كاملاً فما تزال الدولة تمنحهم نصيب صعدة من موازنة الدولة كاملاً! وتتعامل معهم كجزء من اليمن وإن كانوا هم يرفضون ذلك .. لكن ماذا نعمل لقاعدة: حبني بالغصب؟).
- قتل المعارضين.. الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. الحوثة والدواعش.. حتة واحدة! - هدم المقدسات الدينية.. كلاهما يخرجان من مستنقع واحد.. مع فارق أن داعش تهدم مشاهد وقبور موتى، والحوثة يهدمون مساجد الله ويمنعون أن يذكر فيها اسمه، ودور ومدارس تعليم القرآن الكريم، ومنازل موحدين أحياء! - تكفير المخالفين.. الحوثة هم الذين أسس أجدادهم فكر التكفير وممارساته كاستحلال دماء المخالفين وأعراض نسائهم في اليمن منذ 1200 سنة.. وما زالوا هم أوفياء لذلك الفكر والرموز المذهبية حتى الآن.. (انظر سلسلة مقالات: تكفير الحوثيين القدامى والجدد لليمنيين والجنوبيين لكاتب هذه السطور، والموجودة على موقع المصدر أونلاين).
وبناء على ما سبق؛ فإن كانت داعش العراق مخطئة ومجرمة في ميزان حوثة اليمن فهم كذلك مجرمون مثلهم بل أشد إجراماً منهم؛ لأن الدولة والمجتمع في اليمن يمدون للحوثة كل أسباب العمل السياسي السلمي، ولا ينكرون وجودهم وحقهم في الحياة والعمل للوصول إلى قيادة الدولة نفسها إن انتخبهم الشعب.. ومع ذلك فهم يصرون على الاحتكام إلى السيف، وفرض وجودهم بالقوة، ويرفضون كل الدعوات لتشكيل حزب سياسي، ويتعاملون مع الدولة بمنطق الندية ككيان سياسي قائم!
****** لو كان الحوثة الإرهابيون أصحاب مشروع وطني لليمن واليمنيين كلهم للعبت كل فئران اليمن وحيدان وضحيان في خواطرهم وهم يرون إعلام المخلوع علي صالح يحتشد وراءهم مؤيداً، ويروّج لأطروحاتهم ومواقفهم السياسية وتقييماتهم لكل ما يجري في البلاد! ويبرر أعمالهم الحربية ضد الآخرين، ويعادي من يعاديهم ويصادق من يصادقهم!
وللعبت كل عردان صعدة في نفوسهم وهم يرون أنصار المخلوع ومرتزقته يقاتلون معهم، ويتلقون الأوامر من المخلوع أن: اذهبوا فقاتلوا مع الحوثيين.. وانصروهم.. وكونوا معهم كالبنيان المرصوص!
ولو كانوا حقاً مؤمنين بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وأنهم مظلومون من الإصلاح الذي يريد جرهم للحرب؛ لفوتوا الفرصة عليه ولسحبوا مليشياتهم وأسلحتهم الثقيلة (ولا نقول تسليمها) من جميع المناطق إلى صعدة كمرحلة أولى.. ولتركوا عمران وهمدان وأرحب وحجة بسلام طالما أن أحداً من أتباعهم لم يمسه سوء! ولم يمنعوا من الأذان كما يشاءون أو يصلون كما يعتقدون!
الغريب أن وكالة رويترز في تقرير خبري قصير؛ بثته أمس الأحد عن أعمال العنف في اليمن، وتأكدت من صحته من موقع الوكالة الرسمي؛ وصفت الحوثة بأنهم يطالبون بمزيد من الحقوق للطائفة الشيعية الزيدية في البلد الذي تسكنه أغلبية سنية!
ولا شك أن القاريء للخبر ولا يعرف حقيقة الوضع في اليمن سوف يظن أن حكام اليمن من الوهابيين المتطرفين.. ولن يصدق بالطبع أن اليمن تحكمه – على سبيل المثال- قوانين مأخوذة من كتب الطائفة الشيعية المضطهدة! وأنه حتى أقل من ثلاث سنوات كان الحاكم المتفرد بالبلاد ذي الأغلبية السنية من الطائفة المضطهدة عند وكالة رويترز! ولن يصدق أن الطائفة المضطهدة سيطرت خلال سنتين على مناطق شاسعة بما فيها محافظة كاملة، وتحكمها ككيان مستقل حكماً ذاتياً.. وتتحكم بمن يعيش فيه، وهي التي تحدد من يبقى ومن يرحل! وكيف يصلي وكيف يركب الدراجة النارية! وكيف يستخدم الهاتف الجوال، وماذا يسمع وماذا لا يسمع!
وبعد كل هذا يقولون عنهم إنهم يطالبون بمزيد من الحقوق؟
أخفضوا أصواتكم لكيلا تسمعكم الأغلبية السنية في اليمن.. فترفع عقيرتها مطالبة باعتبارها أقلية على مذهب الطيبين الطاهرين!