بدأت المقدمات الأولى للظاهرة الحوثية في اليمن بالترافق مع الوحدة اليمنية لعام 1990م، وقد اقترنت تلك الظاهرة بالتعددية السياسية التي تمَّت كشرط رئيسي في الوحدة، وهو الشرط الذي تبنَّاه يومئذ الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكم جنوباليمن، مُراهناً على أن التعددية ستشكل مخرجاً استراتيجياً من الاحتقانات السياسية والمجتمعية المتواترة في اليمن بشماله وجنوبه؛ وبالترافق مع الإعلان للوحدة والتعددية، بدا واضحاً أن فرقاء الساحة السياسية اليمنية ليسوا في مستوى التعددية التي اكتست حينها طابعاً غنائياً، وغير واقعيً بالمرة، ذلك أن طرفي الوحدة تمترسا في مربع الماضي القريب، وبدت النوايا الطيبة للإشتراكيين الحالمين غير مناسبة في ظل منطق “الأشاوس” الفاقدين لأخلاقيات الممارسة السياسية الحكيمة. يومها جرى تحالف تكتيكي خائب بين المؤتمر الشعبي العام الحاكم في شمال اليمن، وحزب الإصلاح الإسلامي، وكان ذلك التحالف مسيجاً بتحالف اوليغاركي موازٍ، تمثَّل في شخصي الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر. كانت الوصفة مثالية بالنسبة لهما، فقد حققا الحاكمية الاتوقراطية المسيَّجة بالقوة، والمال العام، بالترافق مع رئاسة التعددية المُخاتلة، والتدثُّر بأردية فضفاضة لا قبل لهم بها. كان الحزب الاشتراكي اليمني يقف وحيداً في الميدان، ويتعرض لأسوأ أنواع المصادرة المعنوية والمادية، وكانت بقية قوى الحداثة.. قريبة الشبه به، مخلَّعة الأظافر والأسنان. كان الوضع مريحاً بالنسبة لرأسي السلطة الفولكلورية غير المعلنة، لكنهما أيضاً كانا رئيس الدولة علي عبدالله صالح، وشيخ رئيس الدولة عبدالله بن حسين الأحمر، كما أنهما ترأسا معاً حزبي المؤتر الشعبي العام والإصلاح ذي النمط السياسي الإسلامي، وبهذا جمعا عناصر قوة متعددة الحراب والأركان ، ولم يكونا يتصوران أنهما قد يصلان إلى طريق تحالفي مسدود، بالنظر لتنامي قوة الدفع المتحركة للقاعدة الشعبية، واستحقاقاتها المتصاعدة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك