أعتقد إننا حتى الآن لا نعرف كيف نجيد الغوص في مواجهة الأمواج العاتية الكبيرة.. لأنه إذا كنا نجيد فن السباحة أو لنقل فن السياسة لما وصلنا إلى هذا الحال الذي نحن فيه من منعطفات خطيرة ربما تقود الوطن إلى منزلق لا يُحمد عقباه.. خاصة في ظل الظروف التي نعيشها اليوم والتي تتطلّب منا تضافر كافة الجهود من كل القوى الاجتماعية بما فيها المكونات السياسية والمجتمعية والشباب والمرأة لما من شأنه الحفاظ على الوطن ومكتسباته الوحدوية والديمقراطية.. صحيح إن ما نعيشه اليوم من أوضاع لم يكن وليد اللحظة وإنما هي عبارة عن تراكمات ماضوية. لم يتم النظر إليها من واقع الأحداث التي يعيشها الوطن بين الفينة والأخرى، لذلك ظلت الأمور تسير هكذا دون الإمعان فيها أو الوقوف أمامها من منطلق المسئولية الوطنية والتاريخية التي تحتّم على أولئك المسئولين وضع المعالجات والحلول اللازمة لها ولو بصورة تدريجية.. لكن للأسف أمر كهذا لم يتم.. الأمر الذي أوصلنا إلى هذا الحال من أوضاع غاية في الخطورة، رغم ما يعانيه الوطن من تشظيات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية حتى اللحظة. رغم إدراكنا أن الأوضاع الاقتصادية متردية إلى حد كبير وهو ما دفع الحكومة لاتخاذ مثل هذه الخطوات الإصلاحية لكن أعتقد أن توقيتها لم يكن مناسباً.. لا سيما في هذه الظروف الملبّدة بالغيوم من كل جانب، كما أن هناك قوى متربّصة خفية.. تسعى بشتى السبل والوسائل إلى استغلال مثل هذه الظروف.. والعمل على الدفع بالبلاد نحو التأزيم لكي تصل إلى نقطة اللا عودة.. ولذلك أرى بأنه يستوجب من كل الأطراف السياسية الابتعاد عن كل ما يشكّل خطراً على الوطن والجلوس إلى طاولة حوار واحدة.. بعيداً عن كل ما يثير البلبلة والفوضى وما يهدّد حياة الناس ويقلق السكينة العامة، حتى لا تصل الأمور أو تتفاقم إلى أكثر مما هي عليه الآن.. لأن هذا سيزيد الطين بلّة وسيجعلنا قاب قوسين أو أدنى من التصادم والدخول في معترك لا نهاية له.. وهنا سيكون الخاسر هو الوطن والمواطن، لأننا لا نريد أن تتكرّر الأحداث الماضية، التي مرت بها اليمن.. وما أكثرها من أحداث مؤلمة ومحزنة، لا تزال مآسيها غائرة في جسم الوطن ومواطنيه.. وبالتالي ليكن الحوار هو السبيل الوحيد إلى حل مشاكلنا وتناقضاتنا الفكرية، ودون ذلك لا يمكننا أن نخطو خطوة واحدة إلى المستقبل المنشود.. بما في ذلك تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.. حتى نتمكن من بناء الدولة اليمنية.. والتي ستكون هي المخرج لكل الإشكالات التي نعانيها في الوقت الحاضر، لأن بقاء الأمور على هذا الحال ربما يقودنا إلى مربّع آخر.. ستكون مآلاته وخيمة وكارثية على الجميع وهذا ما لا نتمناه وإنما نريد أن يسود صوت العقل والحكمة على ما عداه ليصل الوطن إلى بر الأمان، كي يعيش الناس في وطن واحد دون انتقاص لأحد، سواءً في مذهبه أو طائفته أو فكره أو مبادئه، وطن اسمه اليمن الجديد.