قوبلت المبادرة الوطنية لحل الأزمة، المقدّمة من اللجنة الرئاسية للقاء الوطني الموسّع أمس بارتياح شعبي وإقليمي ودولي، كونها تأتي انطلاقاً من حرص الرئيس عبدربه منصور هادي على تجنيب الوطن ويلات الاقتتال والتفرغ لمسيرة البناء والمضي قُدماً نحو مستقبل مشرق للوطن وأبنائه. .. المبادرة تمثِّل استجابة موضوعية من الرئيس عبدربه منصور، المسكون بِهَمِّ الوطن والمستشعر لمعاناة الشعب، والحالم بتحقيق الرخاء وتوفير العيش الكريم لمواطنيه بمختلف مكوناتهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية .. لا حزب له سوى حزب الوطن، يقدِّم المصلحة الوطنية على ما عداها من مصالح أنانية ضيقة، حريص على عدم إراقة دماء اليمنيين، يعمل بكل جَلَد وصبر لإيجاد حلول للأزمات المفتعلة، سواء الاقتصادية أو الأمنية. .. لذلك انتصر الرئيس هادي للمطالب الحقوقية العادلة للجماهير اليمنية التي طلبت من فخامته النظر فيها، وبذلك اصطف الرئيس مع جماهير الشعب التي يستمدّ منها شرعيته وقوته في مواجهة قوى التخلف والشر والإرهاب، وهو أمل أبناء الوطن في إيصال سفينة الوطن إلى برِّ الأمان، لما يمتلكه من حكمة وحنكة وقدرات قيادية مكّنته من تجنيب اليمن ويلات الحرب الأهلية. .. والحق أن تخفيض سعر المشتقات النفطية بمقدار 500 ريال يمثِّل القدر المتاح أمام الحكومة للإسهام في رفع معاناة المواطنين، نتيجة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، رغم أن إعادة دعم تلك المشتقات بمقدار 500 ريال، سيؤثر بلا شك على الاقتصاد الوطني الذي لن يتعافى إلا من خلال تحرير كامل لأسعار المشتقات النفطية وإغلاق حنفيات الفساد الذي يوفره ذلك الدعم، مع أنه يذهب إلى جيوب الفاسدين الذين يقومون بتهريب البترول والديزل. .. ومن المهم التأكيد أن تشكيل حكومة وحدة وطنية من أشخاص يتمتعون بالكفاءة والقدرة والنزاهة، بعيداً عن المحاصصة الحزبية التي اكتوى الشعب بنارها؛ يأتي في إطار تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، حيث إن وجود حكومة كفاءات من شأنه إحداث نقلة نوعية في مسيرة البناء والتنمية، لاسيما أن وزراءها لن يخضعوا كما كان سابقوهم لأوامر وتوجيهات أحزابهم، فالحكومة الجديدة سيكون حزبها اليمن الكبير ومهمتها ليس إرضاء أحزابها، كما كان، بل إرضاء الشعب والعمل من أجل الشعب وتحقيق تطلعاته في التنمية والتطور وتنفيذ سياسات اقتصادية تعود بالنفع على الوطن والمواطن. .. والحقيقة الماثلة اليوم، هي أن هناك ملفات شائكة مطروحة أمام الحكومة القادمة، مطلوب منها معالجتها برؤى اقتصادية وسياسية حكيمة منها تثبيت الأمن والاستقرار وتعزيز التنمية، والدفع قُدماً بالإصلاحات الاقتصادية وإنهاء الازدواج الوظيفي، والتخلص من التعيينات خارج الأُطر القانونية، وتطبيق نظام البصمة والصورة على كل منتسبي الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وتطوير وتنويع الأوعية الإيرادية والضريبية وتنفيذ المشروعات المقرّة في مؤتمرات المانحين والاستفادة من تعهدات الدول والمنظمات المانحة في كل ما يخدم التنمية، وبالتوازي مع تلك المهام، تنفيذ برامج لتطوير القدرات البشرية في مؤسسات الدولة والاستعداد لتنفيذ الاستحقاقات الوطنية المتمثلة بالتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية، والانتقال إلى نظام الأقاليم، باعتبار ذلك من المهام الماثلة أمام الحكومة القادمة في إطار التوجه لبناء اليمن الجديد، يمن الحرية والعدالة والمشاركة الوطنية الواسعة. .. إن إلزام الحكومة المرتقبة بتضمين برنامجها رفع الحد الأدنى للأجور والمرتبات، وفقاً للمبادرة الوطنية، تأكيد على استشعار القيادة السياسية أهمية تحقيق الاستقرار المادي لموظفي الدولة وبما يعزز لديهم روح المسؤولية الملقاة على عاتقهم في تنفيذ المهام الموكلة إليهم، والابتعاد عن المؤثرات والسلوكيات السيئة التي تعيق عمل أجهزة الدولة، نتيجة الرشوة والتسهيلات التي يحصل عليها بعض ضعفاء الضمير بحجة أن الراتب لا يكفي، لذلك فإن رفع الحد الأدنى للأجور من شأنه القضاء على تلك العادات السيئة وتسهيل وتسريع الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين. .. نتطلع من مختلف المكونات السياسية بما فيها مكوّن «أنصار الله» التفاعل الإيجابي مع المبادرة، باعتبارها طوق النجاة للخروج من دوامة العنف والأزمات، خصوصاً أن الوطن يمر بمنعطف خطير، وعلى الجميع الوقوف بثبات للعبور الآمن إلى المستقبل ورص الصفوف لمواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدف أمن واستقرار اليمن، وهو أمر غير خافٍ على كل القوى الوطنية، ونثق أن «أنصار الله» سيغلّبون مصلحة الوطن على المصالح الأنانية وسيقدّرون ما تمر به البلاد من صعوبات اقتصادية، ولكي يثبتوا حُسن نواياهم تجاه الشعب وإسقاط ما يردده البعض بأن الحوثيين لهم مآرب أخرى غير مصلحة الوطن وأبنائه، وأنهم استغلوا أوجاع الشعب لتنفيذ أجندة خارجية.