من خلال متابعتنا للأحداث والأزمة التي خلقتها مطالب جماعة الحوثي، نعتقدُ إن هناك تساؤلات هامة وأكثر من منطقية تفرضها أمامنا وبقوة هذه الأوضاع المعاشة.. فأتباع الجماعة وزعيمهم «عبدالملك» لم يتوقّفوا عن الحديث والتأكيد بأنهم يبحثون عن حياة كريمة تليق بالشعب اليمني ،وإنهم يريدون تخفيض أسعار الوقود وإضاءة المدن والقضاء على الإرهاب من جماعة «انصار الشريعة» والدواعش وغيرهم ..وإنهم - أيضاً - جمهوريون حتى النُّخاع، وإن حُبّهم للجيش اليمني في تصاعدٍ مستمرّ، ولا يُمكن لهم بأي حال من الأحوال أن يسيئوا له أو يستهدفوه لا من قريب ولا من بعيد. ويقولون - أيضاً - إنهم ضد القتل والعنف واحتكار الوظيفة العامة ولا يريدون حتى المشاركة في أي حكومة ، لأن المناصب والتقاسمات في نظرهم عَرض من أعراض الدنيا الفانية، التي لا تعنيهم، كون أعمالهم خالصة لوجه الله، ولا يطلبوا إلا الآخرة وجنّات الخُلد، وما هذه التضحيات والأعمال المباركة التي سيسعدون بها محبيهم في الدُّنيا، إلا مقدمات لذلك الهدف العلوي، الرباني .ولم يخفوا رفضهم وكُرههم للخارج وفي المقدّمة الأميركان والصهاينة والجيران والغرب وكُلّ الطامعين والمستغلّين لهذه الأرض .. كثيرة هي أهدافهم وشعاراتهم وخُطبهم التي نسمعها على مدار الساعة، وتعالوا - إذن - نناقش بعضاً منها بقليل من المكاشفة وكثير من الحياد. في الواقع نُريد أن نعرف كيف يتمُّ تخفيض سعر المشتقات النفطية ، فيما التصرفات العملية على أرض الواقع ، لا تقود إلا إلى نتيجة وحيدة وهي خلق الفوضى، التي ستؤدي إلى قطعها تماماً عن السوق؟ وإذا ما استمروا على نفس هذه الوتيرة ،أبشّركم إنّنا سوف نعود للبحث عن الحمير والبغال والشّمع التي كانت تُستخدم في عهد الإمام الأول من أجداد عبدالملك الحوثي، المرحوم، الهادي يحيى بن الحسين القاسم الرّسيّ. و نُريد أن نعرف كيف يتمُّ القضاء على الإرهاب الدّاعشي والقاعدي وغيره، فيما خطابهم وتحرُّكهم، سواء كان مقصوداً، أم غير مقصود، هو أصلاً من سيخلق البيئة الحاضنة والمُفرّخة للإرهاب، ويكفي للبرهنة على ذلك ، بمساعيهم في إضعاف ومشاغلة الدولة والجيش في العاصمة والجوف وعمران وهذه وحدها أكبر خدمة لأنصار الشريعة في حضرموت وشبوة وأبين والبيضاء كي ينمو ويتمددوا بكل أريحية ولا يبالوا. ونُريد أن نعرف كيف إنهم جمهوريون وأن أهداف ثورة سبتمبر وأكتوبر تجري في دمائهم أسرع من الشّهُب التي تصطدم بالغلاف الجوي للأرض، فيما الواقع يقول عكس ذلك ،فجُل شعاراتهم لم تتعدّ ترديد «الصرخة» وأعلام حزب الله، إضافة لتقديس فكرة «السيّد» التي تُعدُّ من أهم أولويات ومنجزات ثورة سبتمبر وأكتوبر هي القضاء عليها من الثقافة والسلوك والذاكرة. ولِمن أراد المزيد من الأدلة، ما عليه إلا أن يستعرض فيلماً لإحدى مسيراتهم واعتصاماتهم في صنعاء وصعدة ومديرياتها ، وإذا وجد - في أحسن الأحوال - أكثر من علم واحد من أعلام الجمهورية اليمنية مرفوعاً، وعلى استحياء في هذه المسيرة ،أو تلك التي تُقدر أعدادها بالآلاف مثلاً، أنا ملتزم بتقديم اعتذاري الشديد لهم، في كل المنابر، وإذا سلّمنا بوجود علم مرفوع فوق هذه المسيرة ،أو في ذلك الاعتصام ،فهناك شكوك كثيرة ومُبرّرة تحوم حول حقيقته، فأغلب الظنّ إن الذي قام برفعه ،إمّا أن يكون مؤتمرياً أو ناصرياً أو غيره من التيارات القومية، أو المستقلين. أمّا إذا انتقلنا إلى الشعارات التي يطلقونها عن مدى سلميتهم من جهة وحُبّهم وتقديرهم للجيش اليمني من جهة ثانية، فهذا أمر آخر يتحدّى فهمنا، ولعل السؤال هنا: كيف ينسجم هذا مع الواقع، وهم من يقولون هذا الكلام وعلى لسان الناطق الرّسمي باسمهم، محمد عبدالسلام :«قامت المجاميع الشعبية المسلحة بحزيز بإحراق مدرعة وثلاثة أطقم ورشاش 23وثلاثةرشاشات 12 وتكبّد المعتدون خسائر فادحة ،والحمد لله ربّ العالمين» ..طيب هل هذا هو مفهوم السلمية عندهم وهل هذا هو التعبير الأنسب في ثقافتهم لمدى محبّتهم وتقديرهم للجيش الوطني ؟ عليكم الإجابة .. أما قضية إنهم لن يشاركوا في الحكومة ولا يهمهم هذا أبداً، كما إنهم يريدون فقط تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتغيير هذه الحكومة بالمستقلين، والكفاءات، وهذه وحدها تحتاج لألف عام كي يفهما المرء، فكيف تنفي عن نفسك هدف وطموح السلطة وصناعة القرار وأنت - وحسب ما أكّده مستشار رئيس الجمهورية لصحيفة السياسة الكويتية - بانكم أرسلتم مؤخراً بقائمة للرئيس تحددون فيها شروطكم للتهدئة وإيقاف التصعيد مقابل اختياركم لرئيس الحكومة والوزارات السيادية ورؤساء جهاز الأمن القومي و السياسي، والرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد، وإعادة تقسيم الأقاليم، التي تم إقرارها في مؤتمر الحوار الوطني وصارت وثيقة مصدق عليها من جميع الأطراف وأنتم في مقدمتها، وصارت الأقاليم معتمدة وضمن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي تطالبون بتنفيذها في كل مكان وعبر كل وسيلة. وحول شعاراتكم المرفوعة ضد التدخُّل الأميركي والإقليمي والصهيوني في اليمن ، ممكن لو سمحتم اقنعونا وأنتم من يقوم بتوفير الغطاء الدولي والإقليمي للتدخل المباشر، في اليمن عسكرياً وسياسياً وأمنياً، بحجة تنفيذ الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي صدر به قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140؟. وأمر آخر هو: هل تعتقدون إن المجتمع الإقليمي والدولي سيسمحان بانهيار الدولة في اليمن وتمزقها واندلاع حرب أهلية فيها وتمدد الإرهاب، وتهديد طرق التجارة العالمية وخطوط نقل وتصدير الطاقة من الخليج التي تزيد عن 40 % من احتياجات العالم؟ إن كنتم جاهلين بذلك وإن كنتم تعتقدون إن تناقضاتكم ونتائج ممارساتكم ليست عكس أقوالكم أو إنها لن تضر باليمن وتدمر التسوية وتجعلكم نقطة سوداء في كتاب التسوية والمبادرة والمنطق ، فهذه مصيبة - يا أصدقائي - أكبر من أفعالكم نفسها . للتوضيح أنا من أكثر الناس اختلافا مع الإصلاحيين ، الذين سبق وأن اهدر بعض منهم دمّي ، لهذا أوفّر الجهد عمن يستعد بتصنيفي بالإصلاحي أو في قائمة « الدّواعش». وما أطرح هذا الكلام وغيره إلا لأنني أجد إنه من الواجب أن يدافع كل من ينتمي لهذا الوطن عن الهوية والسلام والتعايش والمبادرة والأحلام الصغيرة والجميلة لأطفال وشباب هذا البلد.. [email protected]