كانت المقايل تمثّل منتديات وقتية سرعان ما تنتهي حماسة المخزنين لا سيما الذين استهوتهم السياسة من بدري فوقعوا في قبضة «الحرّيب» ولم يفوقوا إلا في غُرف مظلمة ضيقة فراشها تبن مشبع برائحة البول والبراز أحياناً. وكلما خرج البعض من القيلة بقيل وقال في البداية بدأوا بنتف الشعر من على الرأس حتى الرقبة من عمق التفكير وضيق الصدر من المشاكل البينية التي لا يستطيع البعض التوفيق بينها وبين المتطلبات الضرورية للأولاد والاتفاق السلمي بين الزوج والزوجة لا كما نراه من مداحسة وكيد لا ينكره الواقع الذي تعج وسائل الإعلام والاتصال المرئي والمكتوب والمسموع به حتى يخيّل للمتلقي أنه في عالم آخر لا تطحنه المجاعة ولا يمزّقه الفقر ولا تجنّن به المواقع الالكترونية التي سحرت الكبار والصغار وجذبتهم إلى أتون معارك تبدأ عبرها بين اثنين ثم تنتشر بسرعة الضوء لتلحق بها النساء لا سيما سريعات الغضب العاطفي والمتعاطف مع هذا وضد ذاك. كنا نخزّن بقات خالٍ من البودر ومن موديلات أصيلة متفرّقة ولم نسمع إلا قبل أكثر من ثلاثين عاماً أن الرشوة بالقات تسيطر على القاضي والمسئول التنفيذي والأمني، فلا يستطيع رد رغبة الراشين بالقات والذي يفوز فعلاً في النهاية بما يريد قبل أن تمضي أيام قليلة على دخول القضية دهاليز الدوائر والمحاكم وتبدأ بالمقيلات في بيوت ودواوين هؤلاء الرجال وما أكثرهم في بلادنا كثرة مظاهرهم وكلامهم الحلو المخلوط بالسم ومن أعترض عليه أن يلجأ إلى مسئول أكبر أو محكمة أعلى وهناك تتكرّر الأحكام ونواقضها على يد نفس القاضي ومن نفس الشعبة العليا وما ظهر خلاف ذلك، أي ما جاء في الحكم فله حكمه. لم تعد مجالس القات تحتكر الزخم الذي كنا نعرف، فهذه المقاهي التي يسمونها مقاهي الأنترنت تزدحم بالأطفال والمراهقين وأحياناً العجائز من الرجال كما يزعم البعض إضافة إلى القنوات الفضائية التي معظم برامجها وأوقات بثّها دعاية للمنشطات الجنسية والرسائل الرمزية التي يسأل فيها أو تسأل هي عن الراغب أو الراغبة في الزواج ولو إلى جانب الزوجة الأولى وشفرات كلامية ربما لا يحدث مثلها في المجتمعات المتحرّرة من القيود والتقاليد القديمة. ولكن ما يميّز وسائل الاتصال في اليمن هو الإثارة السياسية والطائفية والمذهبية التي تسعى لجرّ الشعب إلى الاقتتال الأهلي الفعلي والمباشر، الكل ينفي عن نفسه تهمة التحريض على العنف والكراهية والمناطقية وكان أحد المسئولين في الحكومة الحالية قد لعن من يُمارس التفرقة، والانتقام بين موظفيه في بداية عمله الذي استهلّه باستهداف أفضل وأقدر العناصر في وزارته ثم انكشف على حقيقته وتم تغييره قبل فترة لفشله وعدم معرفته وتعصّبه لحزبه وكُتب على جبينه بالشمع الأحمر.