دعونا من الاسطوانات المشروخة والصدئة.. وأبواق النضال المهترئة.. يكفي الوطن نكباتٍ وأزماتٍ و تأزيمات.. الماضي لن يعود.. و إن عاد لن يسود.. فالجراح غائرة.. والدماء فائرة.. والأرواح ثائرة.. فالوطن ما عاد قادراً على الحبو حتى على ركبتيه.. و أخشى أن يحبو زحفاً على بطنه -لا قدّر الله - فالأجيال القادمة ستلعن حظها العاثر.. ولم ولن تسامحكم مدى الحياة على ما اقترفتموه في حقهم.. وحق هذا الوطن المعطاء.. الذي أعطانا الكثير، ولم نعطه إلا القليل.. أما الذين خانوا الأمانة واليمين والقسم ستلاحقهم لعنات شعوبهم والتاريخ في حلّهم وترحالهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وسيتوارث الأجيال تلك اللعنات جيلاً بعد جيل.. وأمةً عن أمة.. وستظل وصمة عار وخزي وانكسار وذل محفورةً على جباه الخونة والعملاء.. وعلى الصفحات السوداء من تاريخ اليمن الحديث.. ولن تنسى على مدار الزمن.. لأنها خيانة وطنية عُظمى في حق الوطن أرضاً وإنساناً ووحدةً!!. عليهم أن يدركوا أن الكرة لن تنفع.. ولن تفيد عندما تكسر الجرة.. و أن أمرهم بات مفضوحاً.. ومكشوفاً للقاصي والداني.. لقد جرّبوا كل المزامير وإيقاعات الطبول.. ورقصات البرع.. ولن تبقى إلا رقصة المأفونين على رؤوس الثعابين.. فهم يوهمون البسطاء والسذّج من الناس بأنهم قادرون وأقوياء وبارعون مع رقصة الثعابين.. ولعلكم سمعتم طرفة المحنشين الذين يرفعون الرايات البيضاء بيد.. والسوداء باليد الأخرى. فاللعبة باتت مكشوفةً للعيان.. ولا تخفى على ذي لبٍ وبيان.. فهم يمارسون طقوس جبلوا عليها.. «لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في رجب».. فما أرى إلا ديوكاً. فاتها قطار الشيخوخة.. فيا تُرى: هل هي قادرة على البقاء والاستمرار والعطاء.. أم أصابها الخرف والهرم؟!. لقد زاد الماء على الطحين.. وفسد العجين.. فهل من مخرج واضح مبين.. أم قاموس اللعبة مليء بالخداع والمكر والأنين؟!. لم يتبق في قاموسها الدموي إلا رصاصة واحدة.. عساها أن تكون رصاصة رحمة لا عذاب.. ولنا أن نتساءل: أين دور رجالنا الميامين من مشايخ القبائل.. والوجاهات الاجتماعية والقبلية.. وحكماء الأمة الذين عرفناهم ساعة العسرة.. وعند نزول المحن والأهوال والفتن؟!.. أما آن لهم أن يغيّروا خفافاً وثقالاً قبل فوات الأوان؟!. أما يكفي الوطن تمزيقاً.. وتقزيماً..!! فكّروا ملياً في مصلحة الوطن.. وكيف ستكون النهاية؟!. علينا أن ندرك أن الأشقاء أو الأصدقاء لا يقدّمون لنا حلولاً جاهزة في طبقٍ من ذهب دون مقابل.. فالأزمة اليمنية لم ولن تُحل إلا بعقولٍ ورؤى يمنية خالصة.. وأهل اليمن أدرى بشعابها وطرقها الوعرة عن غيرهم.. وصدق من قال: «لا يصون وطني إلا ولد بطني».. فأين نحن من حبال المراوغة.. وخيوط الدغدغة التي قد ولّى زمنها؟!. فيا تُرى بعد نصف قرن من الزمان المنصرم.. لم نستطع أن نبني وطناً اسمه اليمن.. عار علينا وأي عار.. إن لم نفعل.. نحن في انتظار الحكمة اليمانية التي توارت عنا كثيراً وراء السحب الداكنة السواد.. وعندما تحتجب الشمس يكون الفرج والضياء والحبور!!..وصدق القائل: «لا تبك على أمةٍ فقدت زعيمها.. بل أبك على أمةٍ فقدت حكيمها»!!..