وضع عدد من الأوكرانيين الأسبوع الماضي أمام عدسات التلفزيون شخصين أو أكثر ومن حولهم جمهور من الناس رجلين في صندوق القمامة قائلين بحسب الخبر المصور إنهما فاسدان، أي أنهما من المسؤولين الكبار أو من الدرجة الثانية والثالثة في الدولة. وعقّب عدد كبير من الكتّاب في وسائل الاتصال الإلكترونية وبسخرية شديدة ليس من أولئك الفاسدين البعيدين عنا، أي عن الوطن العربي بل من مجتمعاتهم التي تشكو وتشكو من الفساد وفي مقدمتها الصحافيون ورجال الإعلام وأصحاب المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية، لأنهم لم يحرّكوا ساكناً بل يمتدحون المبادرات الخارجية في إطار أوطانهم كهذه الحركة الغنية عن التعبير والتفسير ويستحق الشاب التونسي الجائل ببضاعته البسيطة جائزة نوبل على إحراق نفسه أمام العالم احتجاجاً على إجراءات الشرطة في منعه من كسب رزقه الضئيل، فأثار أول ثورة في سلسلة ما عُرف بالربيع العربي بغض النظر عن نتائجها النسبية في كل قطر على حدة، إيجابياً أو سلبياً ويكفي أن شعار «الشعب يريد إسقاط الحكومة» قد امتد من تونس ثم إلى مصر ومنهما إلى سوريا واليمن. فالفاسدون في بلاد العرب كما يقول بعض اليمنيين أكثر مائة مرة من فاسدي العالم وبالغ بعضهم بالقول: إن الفاسدين العرب تبلغ نسبتهم العشرة بالمائة من عدد السكان في كل قطر على حدة، وهم درجات أولى وثانية وثالثة، فالكبار منهم يتخذون الصغار لخدمتهم مقابل الفتات بالقياس إلى ما يأخذونه بالرشوة والنهب والابتزاز والسرقة العلنية، وعادة ما يكون الصغار أيضاً مخبرين وفاشلين في البحث عن الرزق الحلال والاعتماد على النفس.. وهناك من يقول: إن المقاول والتاجر أو الباحث عن وظيفة ومنصب لابد له من نيل ثقة الفاسد الكبير بما يقدمه له من أموال وهدايا حصل عليها بنفس الطريقة التي كانت من اختراع الكبار يصحبها التهديد بعدم إفشاء الأسرار وإلا فالنتائج تكون وخيمة على المتلقي في المدى القريب أو الأجل البعيد. فالسكوت عن الفاسدين في ظل إنشاء ما يُسمّى بهيئات مكافحة الفساد التي وجد بها البعض فقط لذرّ الرماد على العيون لأن الكسب غير المشروع والنهب الواضح والمباشر للمال العام والحق الخاص قد مورس بصورة علنية وبوتيرة عالية فلم يُحاكم فاسد أمام الرأي العام ويعلن اسمه ويقال إن من قُدموا للمحاكمة هم من الصغار ليس إلا.