سألني أحد الزملاء في أحد أحزاب المشترك بسخرية: كم تعطيك السلطة على ماتكتب!؟ فأجبته: «ثمناً بخساً»!! فاذا به يمضي من غير أن يسألني: ماهو «المقابل» الذي يدفعني لأكتب ما أكتب، وفيما إذا كانت آراء ومواقف الكتاب تحددها تسعيرة أصحاب المال!! ربما لم يفهم الزميل عبدالرحيم محسن القصد من قولي إنني أعتزم العودة إلى بلدي «لأعيش بكرامة»، فالكثير من الزملاء يطلق العنان للسانه أو قلمه لشتمي يومياً لمجرد أنني أخالفه بالرأي، أو أنتقد حزبه، لكنهم لا يفعلون الشيء نفسه مع أي كاتب عربي يكتب من خلف الحدود، وينتهج نفس أسلوبي.. وما يلفت النظر هو أن كتاباتي التي تطال الفساد بالتجريح والتقريع لم تواجه يوماً بأي ردود فعل متشنجة من أحد في السلطة، ولم يسبق لمسئول حكومي أن سألني: كم تدفع لي المعارضة لأشوه سمعته، وأفضحه للرأي العام.. الزملاء في المعارضة يعرفون جيداً الموقع الإلكتروني الذي أعمل فيه أيضاً، ويعرفون أنه من أشد المواقع نيلاً من الفساد والفاسدين، ومع هذا لم يسألني أحدهم من يدفع لي مقابل كشف هذه الحقائق.. ولا أعتقد أنهم يقرؤون هذا العمود ليعرفوا أننا نقف مع مبادئنا وأخلاقنا.. فهذا المنبر انتصر قبل أيام لسيدة كادحة وأعادها للعمل.. ووقف مع قرى لحج المنسية التي لم يكن أحد يعلم بمأساتها وانتصر لأهلها وأعاد لعشرين قرية الحياة بفضل تجاوب الجهات المعنية وتوجهها إلى تلك القرى..وهناك العشرات من القضايا الحقوقية التي كشفتها أقلامنا، وكسب أصحابها الجولة. عندما نكون في وسط إعلامي فإننا نفترض من الزملاء أنهم مدركون أن الصحافة لا تعرف وطناً أو جغرافيا، أو جواز سفر لعبور الحواجز.. لذلك فإن قضية العراق لا تفارق صحف اليمن، وبمختلف المواقف، من غير أن يفكر أي عراقي بالاحتجاج على حق هذه الصحيفة أو تلك في الحديث عن بلده وربما شتم الحزب أو الطائفة التي ينتمي إليها.. فكيف صار البعض يفهم العربي الذي يكتب عن اليمن بأنه «مرتزق»..! لماذا نطالب كل الأقلام أن تكون كما قلم فلان من كتاب أحزاب اللقاء المشترك!؟ ولماذا يعتقد الإخوة في المعارضة أن من حقهم امتداح رموزهم السياسية، أو الخروج بمسيرات مناصرة لأحد أعضائهم، وليس من حق عضو المؤتمر الشعبي مثلاً أن يمتدح ويفتخر بقيادته..!؟ فكل من الفريقين يرى أن حزبه هو الأفضل، وقيادته الحكيمة وماسواها على ضلالة.. وبالتالي هذا هو حال الديمقراطية، أن تكون هناك سلطة وهناك معارضة.. أن نتوقع اتهامات من السلطة للمعارضة، ومن المعارضة للسلطة، وجدلاً، وتفاضلاً.. وغير ذلك. أتذكر ذات يوم التقيت بالأخت والزميلة رشيدة القيلي وهي في نظر بعض المؤتمريين معارِضة.. وتبادلت معها الحديث، وأخبرتها بأنني وغيري من العراقيين نحب الرئيس/علي عبدالله صالح كثيراً، وشرحت لها مواقفه مع العراق في مختلف الظروف.. كنت أتأهب لردة فعل متشنجة لكثر ماسمعت عنها، إلا أنها أبدت احتراماً كبيراً للرئيس صالح، وشهدت له في ذلك.. كم كبرت بعيني الأخت رشيدة القيلي بذلك الموقف الذي لم تنكر فيه على رجل تعارضه شهادة حق.. وكم تمنيت من المعارضين أن لا ينكروا على الناس حقوقهم في الرأي والتعبير