تعبّر بعض الحكومات في المنطقة وفي الغرب وأمريكا، في الصين واليابان عن القلق من الأوضاع الأمنية والإنسانية والغذائية في اليمن، ويشير الناطقون باسمها وحتى أحد الرؤساء إلى أن اليمنيين مالم ينبذوا العنف ويحكّموا العقل فإن مصيرهم ومصير بلادهم إلى الزوال بالانشقاقات والتفكُّك كون اليمنيين مسلّحين عن بكرة أبيهم. وقد بدا لبعض المراقبين الأجانب والعرب إن اليمنيين قد تخلّوا أو غالبيتهم عن السمة الحضارية التي لازمت الأجداد والآباء قد تآكلت خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وبسرعة غير مسبوقة فاقت قدراتهم على التحلّي بالحكمة ونزعت جزءاً من صورتهم الأنانية التي تغنّوا بها منذ فجر النبوّة وحتى بداية الوحدة عام 90من القرن الماضي، ويدل على ذلك الحقد والكراهية التي يتبادلها المتقاتلون بالسلاح والتجارة والذين صاروا رموزاً في السلطة، وفي عالم المال والأعمال وجمعوا بين العمل العسكري والمدني والقبلي والإداري وحققوا ثروات طائلة لا تضاهيها أموال المشاهير في الصناعة والاقتصاد في أنحاء كثيرة من العالم ومنذ بداية الثورة الصناعية في أوروبا وأمريكا في القرن الثامن عشر. ويقول القلقون على اليمنيين وعلى مصالحهم في اليمن بالتحديد كمنطقة استراتيجية في خاصرة الجزيرة العربية والخليج وتهيمن على ممرات بحرية حيوية كباب المندب وجزيرة حنيش: إن ما يجري في اليمن يمسّ الأمن القومي الأمريكي. وقد حددت الإدارة الأمريكية وقبلها البريطانية والفرنسية الإرهابيين من القاعدة وأنصار الشريعة بأنهم يمثّلون أكبر تهديدٍ لأمن بلدانهم للاعتبارات التي ذكروها وينطوي فيها البترول والموانئ على البحر الأحمر وخليج عدن التي تتزود منها السفن التجارية وناقلات النفط وحتى الأساطيل بالوقود والمياه والمؤن الغذائية التي تحتاجها في سفرها ذهاباً وإياباً إلى بلادها أو إلى الدول التي تحمل إليها المنتجات الضخمة من الدول المضيفة وخاصة الصين واليابان وكوريا الجنوبية التي صعدت إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى في غضون الستين عاماً على انتهاء الحرب الكورية في بداية الخمسينيات من القرن المنصرم. ومن يقولون إن هذا القلق لا يعكس الاهتمام الصحيح باليمن ومستقبل واستقرار اليمن وإنما من أجل مصالحهم ولكنهم وجدوها فرصة للشماتة باليمنيين المتناحرين جداً طوعاً وكرهاً بحكم تبعية الغالبية العظمى من اليمنيين للقبائل الشرسة والأحزاب المتناحرة والوجاهات المتمصلحة من هذه الصراعات التي لا يبدو لها سبب. وفي الماضي القريب كانت الغالبية العظمى من اليمنيين تراهن على صحوة الصامتين التي لو تحرّرت من التكميم لقلبت الأمور رأساً على عقب، ووضعت حداً لدراويش السياسة والمال والأعمال غير القانونية، ولا الشرعية وجنّبت الأجيال ويلات الفتن والحروب، ولكن ماهو متاح الآن يصب في مصلحة تجّار الحروب فقط وهم معروفون للجميع.