نهارها هدوء مريب, ومتارس تعلو , وتتجدّد, وأخرى تستحدث, في كل الزوايا متارس, وجدران نالها الكثير , والكثير من غدر المتمترسين, ومساء يبدأ بفاجعة, ويختم بأزيز موت نسمعه ونتكهن مكانه , تلك هي صنعاء اليوم, مرعبة تلك المدن التي يسكنها الخوف, ويطغى على ملامح الخائفين فيها بإلحاح أسئلة: أين الدولة؟ أين الأمن؟ وإلى أين بنا هذا السعيد يذهب؟ ليأتي الجواب بسؤال موجع وأكثر إيلاماً من واقع مرعب من أين لنا بالأمن؟ والخوف حارس؟! اختفت مبادرات شباب فبراير , تلك التي كنا نلمسها بين الفينة والأخرى على جدران الشوارع , غابت الألوان اللامعة, والرسوم التعبيرية لتحل محلها متارس الرعب, وشعارات الفناء, هل هو اليأس سبّب في اختفائها؟ بسبب ما آلت إليه الأمور اليوم؟ ,أم هو خوف تكفير أرباب الموت, والذخيرة؟, حزينة أنا ومثلي تلك الشوارع التي أبهجتها يوماً ألوان شباب أراد الحياة, وأراد له المتآمرون الموت الذي غدونا نتصدّره في الأخبار بعد بعض مدن عربية هي في الصدارة , وليته موت شرف لكنه وللأسف موت الغدر, والاغتيال الذي عاد اليوم بعد ركود لم يدم طويلاً. كلنا اليوم خائفون, وخوفنا مبرر مكمنه وطن لا نملك سواه, حتى أولئك المختبئون خلف متارس الموت المؤجل خائفون حتى وإن أبدوا اللامبالاة, لكنهم في الحقيقة يدركون الرعب, ويعيشون الخوف أكثر منا بكثير، لأنهم يعيشون خوفاً مضاعفاً , فهم بين فكّي حليف بات بهم متربصاً, وبين شعب خائف مترقب ينتظر لحظة استفاقة من صدمة أقعدته مشلولاً بلا ردة فعل, وغفلة سلبته حلماً بذل لأجله الغالي والنفيس, لكنه لابد سيستفيق ليفك عنه وثاق الخوف, ويقلب السحر على الساحر, ويجرف أمامه كل ما يليق بأحلام المدنية, والمواطنة المتساوية, فتلك سنة مارد الشعوب, مهما طال عليها ظلام الظلم لا بد للصبح عليها أن ينجلي , ولابد للقيود أن تنكسر, خائفون نعم, يائسون لكننا حتماً سننهض وسنواجه كل قوى الموت المتمترسة خلف شعارات عدة, بحب أكثر للحياة, وللوطن, وتحت شعار واحد: «الوطن للجميع».