عندما أجد نفسي مشغولة بأكثر من شيء، وأمرّ بطريقِ ليس ككل العابرين، أجد قلمي يسجّل ملاحظات متتالية عن هذا المكان وذاك، وأخيراً أريد أن أكتب مقال الأسبوع، أكتب سطرين عن القمامة التي مازالت منتشرة في شوارع تعز، ثم أمحوها، وأقول قد كتبت ما يكفي عنها ولا حياة لمن تنادي. أسافر إلى الأرياف فأجد الفقر مسربلاً على أجساد الأطفال، بعيون بلهاء كتلك التي تبحث عن اللا شيء في شوارع الضياع، ثم أراجع مخيلتي وأجدني قد ملأت عمودي يوماً بأحزانهم. عمّ أكتب إذن، عن الأطفال الذين لا يجدون صدراً حنوناً في المدينة، وعن الشارع الذي يتلقّاهم بعد الهروب من المدرسة ويبدأ بلعبة وينتهي بهم في طريق الضياع..؟!. عمَ أكتب..؟! عن تلك الاتفاقيات والتوافقية التي امتلأت بها ذاكرتنا حتى أصبح ذكرها لا يثير اهتماماتنا، كوننا قد ألفنا أن نرى حبراً على ورق، ومن ثم دماء البشر تسقي الأرض ومَن سفكها مجهول، بمعنى أننا نرى المتفقين ويغيب المتفق عليه على أرض الواقع. علام أكتب..؟! عندما أمرُّ بجوار ساحة الحرية، وأصوّر ما تبقّى من خيام تآكلت، وشارع مسدود من الجانبين، وأقول: ما الذى بقي هنا ليُسد الشارع بأكوام الأتربة، وقد تحوّل الفكر إلى مدارات أخرى ومصالحات خرجت عن سياق الثورة التي كانت، إذن لماذا يُغلق الشارع، إن كان هناك أناس بلا مأوى فليفترشوا الرصيف كغيرهم، لكن على أن يفتحوا الشارع، وألا يقتلوا ذكرى ثورة 11 فبراير 2011م..؟!. علام أكتب..؟! عن الخوف الذي بدأ يتسلّل إلى قلوب الآباء من ذوي الدخل المحدود، وقد تبادر إلى أذهانهم أن الحكومة قد لا تستطيع دفع رواتبهم في الأشهر القادمة مالم تجد حلولاً لقضايا مختلفة تلم بالبلاد.ولم لا أكتب عنّي، وعن دفاتري المبعثرة، وعن قلمي الذي أصبح في مهب الريح يتنقل بين موضوع وآخر لينتقي شيئاً من أشياء عالقة، أم أكتب عنّي وأنا ألاحق الكهرباء ليتسع لي مقام لمقال على مكتبي المليء بأكوام الورق، والمنتشي بالحزن من ظُلمة الضوء. يا إلهي، تتداعى أحزاننا، وتتراكم على قلوب البسطاء، ونظل نبكي بحبرنا على صحائف الحياة، ولا شكوى إلا إليك، فقد تناثرت أوجاعنا على مرامي الأعين والقلوب، فأصلح حال بلادنا يا الله، فقد بلغت القلوب الحناجر من غمرة الوجع. [email protected]