مع بداية كل عام جديد يبقى الجميع في صلة شديدة وترابط تام ببوادر أمل الأيام القادمة.. أيام تحمل مع إشراقة كل صباح فيها تباشير الخير والمحبة.. أيام تتصافى فيها كل القلوب التي أضناها صراع الأحقاد في منزلة أطماع الدنيا دون أن ينالوا منها سوى ما هو ابلغ من طول البقاء وسط تلك الدوامة وعواقبها.. هذه الأمنيات هي انعكاس حقيقي لعام مضى وهو محافظ على صدارته في كل ما هو سلبي. حيث انه لم يستثن من أيامه وشهوره حتى لبرهة زمنية نتذوق فيها ولو جزء بسيط من طعم السعادة. بل أغدقنا بتلك الهموم والمشاكل الطاحنة والمفجعة , ومرغنا بلون الدماء الطاغي في كل لحظة من تاريخه لذا فقد عجزنا عن توديعه بأرواح انهكها حتى الرمق الأخير.. مالم يكن في الحسبان وغير مقبول هو أن نستفتح أيام العام الجديد 2015م بما انتهينا عليه في عام العذاب السابق “ الدماء” بل إن نوعية الدماء فيه ربما تفوق ألم وجهل في حجم الجريمة الواحدة نفسها.. قبل أيام وجيزة وجدت فتاة في الثانية عشر من عمرها وهي ملقاة على احدى هضاب نقيل “ سماره” طبعاً الفتاة مقتولة بطريقة بشعة للغاية, ولا شك بأن كل من رآها أو حتى سمع عنها يتساءل كيف, ولماذا, ومن قتلها؟!! خصوصاً أن الجميع سيدرك بأن الفتاة التي عرف فيما بعد اسمها ليست ناشطة سياسية أو من عناصر دائرة الصراع السياسي أو رجل أعمال أو على خلفية ثأر قبلي حتى تأخذ القضية مجرى العديد منها بما فيها الشعور الإنساني تجاه تكرار هذا النوع من الجرائم – القتل بشكل عام- لكن الطفلة “ مآب” قضية تختلف تماماً سواء كان هذا الشعور مع بداية صدمة رؤيتها مقتولة أو الإلمام التام بتفاصيل قضيتها التي تجردت فيها ليس فقط من القيم والأخلاق الإسلامية بل ومن نبض حنان الأبوة, والإنسانية. حيث كانت “ مآب” ضحية ولمرتين انقسمت ما بين أنياب التشرد الشبابي غير المحصن بالأخلاق الدينية, والأعراف الاجتماعية, وبين جهل الفكر العاجز عن التعامل مع هكذا حالات.. فحسب ما أكدته مصادر التحريات الأمنية أن الطفلة “ مآب” من محافظة ذمار و أن القاتل هو والدها, وذلك حسب بلاغ الزوجة أي والدتها. حيث أشارت المعلومات أن الطفلة فقدت “شرفها” وهو ما دفع الأب لقتلها.. التقرير الطبي أفاد بأن الطفلة تعرضت لحادث “ اغتصاب” وبدلاً من أن يقوم والدها بملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع صب جل غضبه تجاه ابنته التي لاحول لها ولا قوة, وهو ما أكده الطب الشرعي أنها تعرضت لتعزير جسدي بليغ, وضرب مبرح حيث وجدوا أنفها مكسور من شدة اللكمات, وورماًفي رأسها نتيجة سحب الشعر بقوة بالإضافة إلى جروح عميقة في مناطق متفرقة من جسمها, وقد انتهى بها الحال – برصاصتي مسدس- وقذفها من على شرفة الطريق الواقعة في أعلى قمة نقيل سماره.. بالتأكيد ليس هناك احد لم يستنكر ويدين هذه الجريمة. لكن استنكارنا ورفضنا الشديد يكمن في عدم قبولنا استقبال العام الجديد بإراقة الدماء وخصوصاً هذا النوع من الجرائم لأننا يجب أن نكف عن حصد المزيد من المعاصي والآثام التي ستحرمنا حسنات الحياة, وثواب الآخرة. رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر