لو تم توجيه سؤال لرجل الشارع في بلادنا عن عدد الأحزاب السياسية اليمنية وفائدتها, فإن إجابته ستكون غالباً أنه لا يعرف منها إلا ثلاثة أو أربعة .. والباقي منها إما مجهول أو لم يسمع عنه !! وكذلك الحال عن فائدتها فغالباً ستكون إجابة رجل الشارع أن معظم هذه الأحزاب عديمة الفائدة ولا جدوى منها، خصوصاً في الوقت الراهن وفي ظل الأحداث والمتغيرات السياسية الحالية على الساحة اليمنية . وبحسب مصدر مسئول في لجنة شئون الأحزاب والتنظيمات السياسية في بلادنا: فإن عدد الأحزاب المسجلة في البلاد 42 حزباً، فيما هناك 15 حزباً في طور التأسيس, كما أن عدد الأحزاب المسجلة في اللجنة وحتى العام 2011م كان 22 حزباً , وبعد أحداث التغيير مطلع 2011م تم الموافقة على 20 حزباً جديداً !! أي أن إجمالي عدد الأحزاب السياسية يتوقع أن يصل قريباً إلى نحو 67 حزباً سياسياً وربما أكثر !! مما يجعلنا نتساءل: ما جدوى كل هذه الأحزاب، وما الذي سوف تضيفه من قيمة وفائدة لهذا الوطن، وما هي برامجها ورؤيتها، وما الهدف من وجودها أصلاً ، أليست كلها أو معظمها مجرد حبر على ورق لجنة شئون الأحزاب، دون وجود فعال ومفيد على الواقع، فما الذي قدمته الأحزاب الحالية، سواء؟.. تلك التي شاركت في السلطة أو التي في المعارضة من قيمة وفائدة للوطن خلال مسيرتها السياسية منذ نشأتها ألم تنتج هذه الأحزاب المزيد من الفتن و الأزمات المتتالية لهذا الوطن والتي وصلت ذروتها هذه الأيام وتكاد تعصف بالوطن وتقوده إلى مصير مجهول لا يعلمه الا الله؟. إن معظم أحزابنا السياسية – للأسف الشديد – قد فقدت بريقها , وانشغلت تماماً بمصالحها وتبادل المكايدات والصراعات والمماحكات فيما بينها , وأصبحت مجرد عاهة في الجسد اليمني المثخن بالعديد من الجروح والأزمات , لأنها تفتقر لإيجابيات التواجد والحضور، ولن تستطيع إحداث أي تغيير حقيقي في المجتمع بشكلها القائم وبحقيقتها الماثلة للعيان , لاتسامها سلباً بالعديد من الصفات أو الأسباب التي تحول دون تحولها إلى أحزاب فاعلة ومفيدة للفرد والمجتمع والدولة ككل , فهي ليست سوى تجمعات ديكورية تعتمد على التقليد والماضي، هشة البناء غير منبثقة عن تمايز برامجي وتباين فكري ثقافي لخدمة الوطن والمجتمع , بل غالبيتها تحمل قالباً واحداً متبادلة الأمكنة فيما بينها وإن ادعت غير ذلك، والعلاقة فيما بينها علاقة انتظار وتصيد أخطاء كل منها، لكي تستطيع الأخرى النقد والكسب الجماهيري , وليست علاقة مبنية على التنافس الديمقراطي الحضاري والسليم من خلال برامج فعالة لخدمة الوطن والمواطن . إن الأحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية الفعالة هي تلك التي تدرك بحق مدلول التعددية السياسية وأهدافها ودورها في تحقيق البناء والتقدم والنماء للوطن وحماية وتعزيز وحدته وأمنه واستقراره . وتسعى ببرامجها وأطروحاتها إلى تجسيد هذا الدور في واقع مشاركتها في الحياة السياسية ومن خلال مواقفها وتعاطيها مع مختلف القضايا والتحديات التي تواجه الوطن وتستهدف وحدته وأمنه و استقراره . مثل هذه الأحزاب تجد طريقها بسهولة إلى عقول وقلوب أبناء الوطن وتحظى بثقتهم ودعمهم لأنشطتها وبرامجها، وبالتالي تحقيق أهدافها السياسية وتعزيز حضورها السياسي ومركزها التنافسي في المجتمع. أما تلك الأحزاب والتنظيمات السياسية التي لا تجيد سوى خلق الأزمات وإثارة الاختلافات والمشكلات وتعكير صفو الحياة السياسية والديمقراطية في المجتمع، فإن عليها أن تدرك يقيناً أن أبناء مجتمعنا اليمني الواحد أصبحوا اليوم أكثر وعياً وإدراكاً بالمتغيرات الداخلية والخارجية وقضايا الوطن وما من شأنه تحقيق الخير والتقدم والنماء لهذا الوطن، وبالتالي فإن مآل هذه الأحزاب وبرامجها وأفكارها الفشل والانحدار والتدهور في دورة حياتها السياسية على الساحة اليمنية . وستظل هذه الأحزاب حبراً على ورق في كشوفات لجنة شئون الأحزاب , مالم تقم بثورة تغيير في بنيتها وهياكلها وبرامجها ورؤاها لتواكب متغيرات العصر ومتطلبات الواقع, وتجعل مصلحة الوطن وأمنه واستقراره همها الأول والأخير , وتعيش هموم الناس ومعاناتهم , فالناس لم تعد اليوم بحاجة إلى من يصدع أدمغتها بمزيد من الأفكار والنظريات والمفاهيم والأيديولوجيات , بقدر حاجتها الماسة لمن يعبر عن همومها ويعالج مشكلاتها المعيشية والحياتية اليومية , ويجعلها تعيش حياة كريمة وآمنة ومستقرة . [email protected]