يخطئ إن اعتقد أي مكوّن من المكوّنات السياسية أن باستطاعته إخضاع البلاد لهيمنته ، كما يخطئ أي مكوّن سياسي إن تصوّر أن الأعمال والممارسات الخارجة عن روح القانون ستدفعه إلى فرض آرائه وتوجُّهاته أياً كانت طبيعتها. المشكلة الرئيسة التي تعاني منها بعض المكوّنات السياسية تكمن في حب الأنا ورفض الآخر، وتبدو الاختلافات التي تبرز بين الحين والآخر والتي قد تصل إلى المواجهة المسلّحة ناتجة أساساً بسبب الإصرار على التمسك بتوجهاته وقناعاته حتى وإن كانت خاطئة. خلال الأربع السنوات الماضية من عمر المرحلة الانتقالية رأينا وتابعنا كيف تسبّبت التصرّفات الأحادية لبعض المكوّنات السياسية في الإضرار بتنفيذ الاتفاقات وفي مقدمتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومن ثم تسبّبوا في تحويل تلك الاتفاقات إلى أزمة ليتم فيما بعد البحث عن حلول ومخارج أخرى، وإن وجدت إلا أنها لم تكن ذات جدوى. لقد أدّى الإمعان في ممارسة الخطأ من قبل بعض المكوّنات السياسية إلى إدخال اليمن واليمنيين في أزمات ومشاكل متلاحقة كنّا في غنى عنها، وما تشهده البلاد اليوم هو نتاج طبيعي لتلك الأفعال والممارسات الخاطئة، والتي ستتسبب في إدخال اليمن في نفق مظلم، ولن يكون من السهولة الخروج منه، إذ ما يعتمل اليوم شيء مؤسف بالفعل، ولكن ما الأسباب التي أدّت إليها..؟!. كل الأطراف السياسية كانت سبباً في هذا الوضع العام الذي تعيشه العاصمة صنعاءواليمن عموماً، جميعهم أسهموا في الوصول إلى هذه الحالة المؤسفة نتيجة انشغالهم في تصفية الحسابات فيما بينهم وترك الدولة تغرق في الفوضى، وتُستباح من قبل الجماعات الدينية الإرهابية التي وجدت في كل ما يعتمل فرصتها السانحة لتمارس جرائمها البشعة بحق اليمن واليمنيين . إن الوضع العام الذي تعيشه اليمن يبعث على الأسى ويدفعنا إلى البكاء، كما يقودنا إلى الأسف على ما وصلت إليه اليمن جراء الأطماع التي تلبّست عقول البعض من الساسة وقذفت باليمن واليمنيين صوب بحر هائج تتلاطمه الأمواج العاتية من كل اتجاه. منذ أربع سنوات ونحن نتجه من أسوأ إلى أسوأ، وكلما لاح في الأفق بصيص من أمل، عادت الأمور إلى بدايتها وكأن شيئاً لم يحدث. نعم.. لقد تشابهت علينا البقر، واختلط الحابل بالنابل، وبدت الأحداث والوقائع تنبئ عن أزمات متلاحقة لا تهدأ أو تنام.