خلال الحرب العالمية الأولى 1914م 1918م كانت الإمبراطوريتان الغربيتان اللتان تحتلان عدداً غير قليل من الدول في كل القارات قد اكملتا اتفاقية سايكس بيكو نسبة إلى وزيري خارجية البلدين لتقسيم الوطن العربي، وكان بلفور أول من أعلن المشروع هذا عام 1917م الذي أعطت بموجبه بريطانيافلسطين لليهود، ثم ما لبثت الدولتان أن أنشأتا الهلال الخصيب بتقسيم الشام إلى دولتين هما سوريا ولبنان وأوجدتا ما يسمى إمارة شرق الأردن ووزعتا ملايين العرب تحت الاحتلال إلى عبيد يقاتلون في سبيلهما ضد الألمان، وضد العثمانيين عن طريق بعض زعمائهم السذج الذين بلعوا الطعم وتحولوا إلى أدوات بيد الدولتين يحشدون مواطنيهم للقتال تحت الراية البريطانية، والراية الفرنسية أملاً في السلطة العربية الحرة.. فلم يحصل الشريف حسين على الإمارة، بل وجد نفسه في كماشة الدول الطامعة بالوطن العربي جغرافياً واقتصادياً واستراتيجياً، ولم ينفعه ندمه وبكاؤه على قتلاه الذين أحرقتهم نيران المتقاتلين، ومن ضمنهم الأتراك الذين كان اهتمام بريطانيا وفرنسا بهزيمتهم قدر اهتمامها بمصادرة فلسطين وتشجيع النزاعات في أكثر الدول العربية المحتلة مباشرة منها، وغير المباشر لاستنزاف قدراتها وخيراتها وإبقاؤها تحت الطلب للدفاع عن مصالح تلك الدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. الآن يتذكر المؤرخون خاصة العسكريين من جديد الأبعاد الطويلة الأمد لاتفاقية سايكس بيكو في ضوء ما برز من تطورات رهيبة منذ عام 2011م عام الربيع العربي، ولكن بأيدٍ محلية وعربية وإسلامية، وما أسفرت عنه المعارك في العراقوسوريا واليمن وليبيا، وما كان سيحدث في تونس والمغرب، لولا حكمة القادة والشعوب، أما الجزائر فقد واجهت واحدة من أشرس الجماعات المسلحة، واستطاعت النفاذمن التقسيم الذي أعلن فيه الامازيغيون تطلعهم إلى الاستقلال عن العرب لغة وثقافة وحدود جغرافية وحصلوا على كثير من مطالبهم كالاعتراف بلغتهم وثقافتهم وثرواتهم.. ولقد كان الأكراد في شمال العراق أول المستفيدين من تنفيذ خارطة سايكس بيكوبضوءأخضر اشعله احتلال العراق للكويت عام 90 وأصبحوا اليوم يسيطرون ويحكمون عدة محافظات غنية بالبترول مثل كركوك، وكونوا بدعم من أمريكاوبريطانيا وفرنسا وإسرائيل جيشاً ومخابرات وأسلحة لم يخفوها وهم يتوسعون على حساب سوريا باسم ابناء قوميتهم السوريين ويديرون عمليات استخراج وبيع وتصدير بترول الشمال ويحصلون على الأسلحة المتطورة على رأسها الطائرات المقاتلة من الدول الثلاث على وجه الخصوص، إضافة إلى الدبابات والصواريخ والمدافع الثقيلة وتقسيم الدول الأخرى جارٍ على قدم وساق بدون لبس أو مواربه وتشجيع النزعات الانفصالية والمناطقية والمذهبية لا تخطئه العين أو السمع.