منح الاستعماريون البريطانيون والفرنسيون العرب بقيادة الشريف حسين جائزة غير متوقعة على مشاركتهم أو اشتراكهم في الحرب على العثمانيين ولم تعلن تلك الجائزة إلا بعد انتهاء الوجود العثماني ومن ثم الحرب العالمية الأولى التي قاتل العرب إلى جانب قوات التحالف ضد ألمانيا وتركيا. فكان من نتائج تلك الحرب ظهور ما يسمى بالهلال الخصيب المتمثل في تقسيم سوريا الكبرى أولاً بين الدوليتين الاستعماريتين بريطانياوفرنسا، فكان لبنانوسوريا من نصيب فرنسا وكانت فلسطين وشرق الأردن والعراق ومصر من نصيب بريطانيا ثم قامت بريطانيا بندب نفسها على فلسطين لتسهيل عملية تسليمها لليهود وقام بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917م بإعلان تعاطف جلالة ملكة بريطانيا مع طموح اليهود في قيام دولتهم في فلسطين ومكنتهم، أي اليهود، من الحضور من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين ليقوموا فور نزولهم من فوق السفن والطائرات بإقامة المستوطنات واحتلال الأراضي بالقوة وبأسلحة بريطانية مما أجبر الفلسطينيين على مغادرة مدنهم، حيفا ويافا والقدس الغربية والناصر وتل أبيب لتدخلها العصابات اليهودية بقيادة ديفيد بن جوريون واسحاق شامير وجولدا مائير وموشي ديان وليفي أشكول وغيرهم بحجة أنها أصبحت بدون ملاّك. وثم إعلان قيام دولة اسرائيل في الأممالمتحدة عام48م بحدودها التي تجاوزت الحدود التي كانت قد اقترحت في خارطة التقسيم التي رفضها العرب مبدئياً وتم فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين والعرب إلى أن اندلعت حرب عام 67م التي أخذت فيها اسرائيل الضفة الغربية والجولان السورية وسيناء المصرية لتقوم بالتالي بالتهويد وطمس الهوية الديمغرافية والدينية وخاصة في القدس والخليل وفي كل مكان حافل بالآثار والمعالم العربية الإسلامية وحتى المسيحية وضم قطاع غزة للإدارة المصرية. وخلال المائة عام تقريباً تحقق الهدف الأول من استحداث ما يسمى الهلال الخصيب رغم انسحاب كل من بريطانياوفرنسا من المنطقة وخروج آخر جندي بريطاني من أرض مصر وقناة السويس عام56م ومن عدن عام 67م كانت المرحلة الأخيرة قد تمثلت في قيام أو اقامة هلال ثان يمتد من ضفة الخليج العربي الشرقية مروراً بالعراق والبحرين والمنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية وربما من شمال اليمن ليكمل شكله في بعض أجزاء من لبنانوسوريا مع الاحتفاظ ببراءة هذا الاختراع الذي لم تدركه القوى السياسية والعسكرية العربية حتى اليوم في ظل الاختراقات التي أبعدت العرب عن معرفة النوايا الحقيقية والأدوار المتبادلة بين القوى الغربية واسرائيل وباستخدام بعض العرب وأموالهم في التحضر والعمل ضد بعضهم البعض وفق الفتاوى الجهادية في الأيام الأخيرة والتي لابد أن تزيد من خطورة تقسيم سوريا وتعرض بقية المنطقة لنفس الخطر وإن بصورة تدريجية مادام الجهاديون من دول عربية عديدة وإسلامية وأوروبية يتقاتلون مع بعضهم البعض إلى جانب قوات المعارضة والنظام ولم يعد ذلك خافياً على الدول التي تدعم المعارضة أو تساند النظام.