حقيقةهناك فينا ومنا من يضيق به الحال من بلدهِ وهو في بلدهِ ، وأيضاً هناك منا وفينا من المواطنين خارج البلد ، من فقد كل مشاعر الاحساس بالوطن والوطنية، وقطعاً كل يحمل أسبابه ومسبباته التي أوصلته الى هذه النقطة من اللاعودة في مراجعة نفسه من موقفه السلبي من الوطن ، بل وهناك منا وفينا للأسف من عادى الوطن وباعه بدراهم قليلة ، ولن نخجل أن نقول إن هناك طابوراً من المواطنين على استعداد لبيع الوطن لمن يملك مايغري من المغريات ، قطعآً أنا هنا لست في صدد ( ولا أعني ) من حصل على جنسية أخرى ، فالقانون اليمني أولاً يجيز له ذلك، وثانياً الحصول على جنسية أخرى أو التنازل عن جنسيته مسألة لاينطبق عليها ماذكرته آنفاً ، وليس كل من حصل على جنسية أخرى باع وطنه هنا أبداً ، ولكن أسباب المعيشه هي العامل الأساسي في ذلك التحول الشخصي . لكنني أعني هنا من عادى الوطن وفقد مشاعر الوطنية لأسباب وعوامل لن تطول . وفي المقابل هناك مواطنون يحترقون غيظساً على الوطن وعلى مايحدث في الوطن من أزمات ، وهناك مواطنون وطنيتهم ليس لها مثيل، بل وليس لها ثمن ولايقبلون التنازل عن الوطن وهويته، حتى وان واجهوا أشكالاً عظام من المصاعب تهد الجبال، هؤلاء المواطنون يستحقون كل تقدير واحترام ، لأنهم يمثلون كرامة الوطن وشرفه وشهامته وتاريخه ولايقبلون أبداً الأنحناء أو التنازل عن كل تلك الصفات التي يجب أن يفتخر بها كل مواطن وألا يربطها برئيس أو دولة أو نظام أو حياة ضنكى. هناك شعوب شقيقة من اخواننا العرب يقدمون دروساً من الوطنية وحب الوطن رغم معاناتهم من أنظمة الحكم فيها فعندما تتناقش معهم عن شأن داخلي في بلادهم شاهدته بنفسك ولم يشاهدوه هم ، تجدهم متحمسين لدرجة المبالغة في الدفاع عن بلدهم واسمها، رغم أنهم ليسوا مع النظام السياسي ، بل لايكنون له أية محبة أو تقدير، هؤلاء هم اخوتنا المصريون والذين جميعاً يكررون المقولة المعروفة وان اختلفوا .. إلا مصر. هناك شعوب لها تاريخ ولكن ليس لها دولة اليوم ،وأعني اخوتنا الفلسطينيين ونحن في اليمن والحمد لله لنا كيان وان عصفت به رياح الأزمات إلا أننا لازلنا والحمد لله نعيش باسم الانتماء لليمن ، وهناك شعوب لاتحمل هوية ، ولا جوازات سفر تتنقل بها بين الدول ، ونحن اليمنيين لنا هوية يعرفها العالم ونتنقل بها ونحن رافعي الرؤوس وهنا يجب أن نفتخر بذلك. في زيارتي الى روسيا ، كنت بالقرب من الساحة الحمراء، وبالطبع لاأتحدث الروسية ، وليست الانجليزية دارجة هناك، وأريد أن يدلني أحد الى محطة المترو ، وذهبت الى شابين يجلسان في مقهى يتبادلان الحديث ، وسألتهم عن محطة المترو وسألوني من أي دولة قادم أنت . ؟ بالطبع أجبتهم أنني من اليمن ، مباشرة قام الاثنان وأوصلاني الى داخل المحطة حيث المسافة استغرقت دقائق خمس وهنا أنا عرفت أن بلدي لها مكانة في نفس هؤلاء ويجب عليّ أن أفتخر بذلك . الأشقاء المصريون وحيث قابلتهم وعرفوا أنك من اليمن يقدمون لك كل أشكال المحبة والاحترام والأخوة الخالصة من أي مصلحة مثلما هي نظرة البعض لشعوب الدول الغنية، كذلك أكثر من موقف واجهته في الأردن. وكذلك عبر به الكثير بل وجميع من قابلتهم من السوريين في سوريا الشقيقة ، بل تكاد مشاعرهم الجياشة نحو حب اليمن واليمنيين تطغى على كثير من بني جلدتنا كيمنيين لليمن. وآخر موقف أود ذكره وسأكون سعيداً لذكره والاشارة له هنا حيث أنا في تركيا في هذا الأسبوع ، ما ألقاه من ود وتعابير الحب والمودة من قبل الأتراك في كل مرة أزور فيها تركيا واتعرض لسؤال من أي بلد أنت قادم أو تنتمي . !؟ لقد كنت متجولاً في الريف التركي يوماً ما ، واذ بي ألتقي بأسرة من الأب والأم وابنيهما ، وبعد أن طرحت سؤالي عليهم عن أقرب محطة بترول وبعد الاجابة وكالعادة يودون أن يعرفوا من أي بلد أنت ، لقد فاجأني رب الأسرة بالحضن الأخوي بعد الترحيب وبالطبع بعد أن عرف أنني من اليمن يراودني هنا شعور مؤلم للأسف حول ماذكرته في البداية من مشاعر سلبية أو لنقل في غاية السلبية نحو الوطن ( اليمن ) من بعض أبناء الوطن أو ممن ينتمون للوطن ويحملون هويته في الداخل والخارج. إن الانتماء للوطن ليس بحمل الهوية فقط ، وليس بوجود رئيس أو حكومة صالحة أو فاسدة ، انما الانتماء للوطن هو انتماء لتاريخ وعزة وكرامة وشموخ ، واسم محفور في التاريخ لايمكن ويجب ألا تؤثر فينا سلباً أوتمسحه الأحداث والأزمات ، فبلد يحمل كل تلك الصفات العريقة يعرفها عنه الآخرون يجب على مواطنيه ومن ينتمي له أن يفخروا بها ويحافظوا عليها ، فالوطن هنا هو اليمن وليس الرئيس أو الدولة أو النظام . [email protected]