الوطن هو البلد الذي تنتمي اليه ، والوطن هو البلد الذي تحمل هويته ، والوطن هو الأرض التي تقيم فيها ، والوطن هو المكان الذي ولدت فيه ، والوطن هو التربة التي تعيش عليها ، والوطن هو الذي فضلها عليك منذ ولادتك وحتى مماتك ، والوطن هو الذي من خيرها بنيت ساعديك ووقفت عليها قدماك ، والوطن هو الذي مكنك أن تعيش حراً وتتعلم وتعمل .والوطن هو الذي ضمك إلى صدره منذ صغرك، وهو الذي سيضمك بين جوانحه عندما تلفظك كل الأوطان.. وباختصار فالوطن هو كل ذلك وغيره، كل ما حصلت عليه مما تقدم هو بفضل الوطن عليك ، فماذا يا ترى قدمت له بعد أن قدم لك هذا الوطن كل ذلك وغيره مما يطول سرده هنا ؟ الوطن قد يعاني مع مرور الزمن مثله كمثل أي وطن وأية أرض في هذا الكون حيث لا يدوم إلا وجه خالق هذا الوطن عز وجل ، فماذا عساك وبأية طريقة ترد الجميل له وتقف معه أثناء المحن والشدائد ؟ ففضل الوطن عليك بمثابة الدين أو القرض الذي قدمه لك طرف ما واقترضته وعليك تسديده في الوقت المناسب، أم أنك ستكون جاحداً وناكراً للجميل ولم تكن تستحق كل ما قدم لك، لأنك لم تقدم له الحماية عند الحاجة ولو بأضعف الإيمان، وهنا ستكون أنت سلبياً وعالة على المجتمع بل وعلى الوطن أيضاً، وسيعرف الجميع أن هذا ديدنك وسلوكك وبالتالي فإنك هنا ستفقد كل الثقة فيك ليس من الوطن فقط بل ويفترض من كل مواطنيه أيضاً ومن أي وطن تعيش فيه، عندها سينطبق عليك القول «وطن لا نحميه لا نستحقه» وهي مقولة صادقة لا أتذكر من هو قائلها ولكنها معبرة تماماً، وهي لا تنطبق على من يقيم داخل الوطن فقط ، إنما تنطبق أيضاً على كل من هو داخل الوطن وخارجه. فإذا كنت مواطناً سلبياً تجاه الوطن الذي تنتمي إليه فمن المؤكد أنك ستكون أكثر سلبية للوطن الذي تعيش فيه وترتزق منه أيضاً، فما سلبيتك هنا وفي هذا الحال إلا دليل على سعيك للمصلحة الشخصية، ولا يتصور أو يعتقد أحد أنك وأنت سلبي للوطن الذي تنتمي إليه قد تكون إيجابياً للوطن الذي تعيش فيه، فمادمت سلبيا لوطنك الأم وهو أكثر أهمية فلن ينتظر منك الوطن الذي تعيش فيه أي خير أو مبادرة أو شعور حقيقي منك تجاهه. ولو عرجنا على بعض الحالات من الوطنية السلبية فإن أبرزها موقف المواطن السلبي من عصابات التقطع والقتل والتخريب والتدمير للوطن ومنشأته وللمواطنين ومصادر رزقهم ومن ضمنهم أنت وإخوانك وأقاربك وجيرانك، فهل تقبل هذا السلوك من شخص ما ربما لم يصلك الضرر منه اليوم ولكن لا محالة سيصلك غداً إن لم تتحرك لديك مشاعرك الوطنية والغيرة على الوطن ومكتسباته. كيف تكون مواطناً صالحاً وأنت تعرف وتشاهد وربما تشارك بشكل غير مباشر مع من يقوم بالحرق والتدمير والقتل والتقطع ولم تتحرك فيك ذرة عاطفة من حب الوطن ؟ كيف تريدنا أن ننصفك وكان بإمكانك التبليغ عمّن يقوم بالتخريب والتقطع وبعدة طرق بينما تنظر إلى كل ما يحصل من سلبيات وكأنها لا تخصك ؟ كيف تريدنا أن نصدق ادعاءك بأنك تنتمي لهذا الوطن ولم تصدر منك حتى النصيحة لهؤلاء المخربين ولو باللسان وهو أضعف الإيمان . ما يفترض من كل مواطن ينتمي لأية أرض يعيش فيها أو ينتمي إليها أن يكون نشطاً وفعالاً وايجابياً نحو هذا الوطن وهذا حق للوطن عليه ، إذ لا يمكن لمن يرى منكراً وأفعالاً شيطانية تخريبية تضر المجتمع والبلد ويكون سلبياً فسلوك كهذا مخالف لديننا الإسلامي وتعاليمه السمحة . لا يمكن قبول سلبيتك تجاه من يصنع حادثاً بسيارته ويخلف ضحايا وأنت الشاهد الوحيد ولا تتحرك لتبليغ السلطات، ولا يمكن أن ترى من يرتكب جريمة وأنت الشاهد الوحيد ولا تبلغ عنه رجال الأمن، وكذلك لا يجوز أن ترى من يقوم بإشعال حريق في مصالح المواطنين والدولة ولا تتحرك فيك النخوة والوطنية، ثق تماماً أن كل هؤلاء المجرمين الذين تستّرت عليهم أنت اليوم ستصبح أنت أو أحد أقربائك لا محالة ضحيتهم غداً. إن عدم المساهمة واللامبالاة في الاستشعار بحب الوطن والإحساس به وبأفراده وبآلامهم هي أيضاً جريمة في كثير من بلدان العالم بل هي جريمة في التشريع الإسلامي. لا يجوز أن تتحكم بك ميولك السياسية والحزبية ومواقفك من السياسيين لدرجة أنها تقتل فيك حب الوطن، فهذا جانب وذاك جانب آخر. إن حبنا للوطن ليس معناه اتفاقنا وتأييدنا المطلق لكل ما يقوم به حزب سياسي معين ، وإنما علينا أن نفرق بين الشأن السياسي والمصلحة الوطنية، يجب أن نضع نصب أعيننا أن هناك وطناً يجب أن نحبه وأن نفتديه بكل الطرق والوسائل، لأنه قدم لنا الكثير فليس من المنطقي أن نجازيه ( أياً كان هذا الوطن ) باللامبالاة وعدم الإحساس والشعور بالوطنية . كل شيء في هذه الدنيا يمكن تعويضه إن فقدناه إلا الوطن لا يمكن تعويضه ففي هذه الحال يصبح حب الوطن والوطنية فرضاً واجباً وليس سنة اختيارية. [email protected]