لاريب في إننا لن نبالغ إذا ما قلنا هنا إنه ينبغي اعتبار قضية تفعيل مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب قضية رأي عام لا تقل أهمية عن بقية القضايا الوطنية الملحة في المرحلة الراهنة لا لكونه سبباً رئيساً في خلق حالة من الاختلالات الادارية والمالية في الجهاز الإداري للدولة فحسب وإنما لأن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بات يتعدّى أهمية تطبيقه اليوم مسألة الاصلاح الاداري والمالي إلى حد ارتباطه بتقرير مصير تحديد مستقبل أمتنا اليمنية قاطبة وخصوصاً في حقل العمل السياسي والحزبي، فإن اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب لقيادة الحراك السياسي الجاري وفق معطيات ومتغيرات الواقع الراهن المعقد والحساس والخطير جداً أصبح معه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ضرورة حتمية وطنية تفرض نفسها على الجميع لما لها من أبعاد استراتيجية يتحدد فيها مصير وطن بكامله كوننا وصلنا إلى مرحلة فيها نكون أو لا نكون، وإلى نقطة مفصلية محرم فيها الأخطاء البشرية في القول والفعل، وخصوصاً تلك السياسية منها ناهيك عن إننا في هذه اللحظة المفصلية والتاريخية الحرجة في أمسّ الحاجة إلى اصطفاء الأخيار منا لتشكيل النخبة السياسية تحديداً من ذوي القدرة على صناعة الفعل الوطني التاريخي أولئك الذين نؤمن لهم أنهم هم عقلاؤنا ممن يملكون الخبرة والحنكة السياسية التي تمكنهم فلترة كل ما يقولونه قبل خروجه للعلن من حولهم أصحاب حكمة وبصيرة في الأقوال والأفعال ممن يدركون متى تُقال نعم وأين توضع لا، وبناء عليه فإننا لاشك اليوم بأمسّ الحاجة إلى استحضار مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والشروع في تطبيقه عملياً كسلوك حضاري حكيم نحن أحوج ما نكون إليه سبيلاً للعبور الآمن باليمن إلى المستقبل المنشود وكفى شعبنا ما عاناه من ويلات الاختيارات العشوائية والعفوية لأعضاء النخبة وفقاً لمعاير مناطقية وقبلية وجهوية وحزبية بعيداً عن التزام الحد الأدنى بمبدأ شروط الكفاءة أو اعتبار معايير وضع الرجل المناسب في المكان المناسب فأثبتت الأيام خطأ توجهاتنا هذه الشاذة في اختيار النخبة التي هي أهل لإدارة الشأن العام في البلاد. وما وصلنا اليه اليوم من مآلات خطيرة خير دليل على سلبية خياراتنا هذه الأقرب إلى الحماقة منها إلى الصواب والحكمة، وعلينا من الآن وصاعداً تغليب مبدأ اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وكفى اللامبالاة، وفي الأخير ينبغي أن ندرك تمام الإدراك أن أحد عوامل ما وصلنا إليه من أوضاع متردية سواء على صعيد الفشل الذريع في جوانب التنمية الشاملة أو على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني كان ولا زال أحد أسبابه الرئيسية عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.