ما زلت أتذكر أحد المنشورات التي كتبتها على صفحة التواصل الاجتماعي الفيسبوك وأعجب بها الشهيد المناضل الصحفي عبدالكريم الخيواني ، كانت استنكاراً لما يتعلق بإغلاق مكاتب قناتي الجزيرة والعربية ومعارضتي لهذه الخطوة التي دعا لها البعض سابقاً قبل حوالي عام. واليوم فيما يخص اتخاذ قرار اللجنة الثورية بإغلاق العديد من القنوات والصحف والمواقع، أرى أن هذه الخطوة غير صائبة تماماً وبقدر ما تبدو للبعض أنها ستحقق نتائج إيجابية وهدوء نسبياً بقدر ما نراها ستكون سلبية وردة الفعل قد تتحول ربما لصالح كل الوسائل التي نالها المنع والظهور بل قد تعود بشكل أضخم إعلامياً وترويجياً وليس ذلك مستبعداً خصوصاً في عصر التكنولوجيا والتحول وبهذا تكون ساعدت بنفسك في بروزها أكثر نتيجة للقرارات الخاطئة أو المستعجلة . ليس من السهل في عصرنا الرقمي تكميم الأفواه وإزالة لسان الغير ووسائله بطريقة فرض أسلوب القوة والمصادرة والإلغاء ..حتى المنافقين في زمن رسول الله وصفهم القرآن بوصف ( وإذا جاؤوكم سلقوكم بألسنة حداد) ومع ذلك لم يشر لتكميم أفواههم بل فضحهم واتخاذ أسلوب مقارعة الحجة الكاذبة بالمنطق الصائب والدليل تحت قاعدة ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ). عتبنا كثيراً لمن لم يفهموا ويقدروا مساحة الحرية ومجالها وظنوا أن الحرية فضاء مفتوح وانفتاح لكل شيء حتى ولو تجاوز الحديث عن الأمور الشخصية والأسرار العسكرية وما يضر النفس والأخلاق ولو تجاوز معتقداتنا وتراثنا الأخلاقي، هكذا يريد البعض مع أن الدول المتمتعة بكامل الحرية منشأ الحريات ومصدريها يجعلون لها حدوداً وقوانين ترتب وتقنن مسألة النشر والطبع بل تضع خطوطاً حمراء للكثير، وسأدلل على كلامي هذا بغض النظر عما يشاع لنا من أن الحرية لا يحدها حد حول ما جرى لويكليكس وأسراره ووثائقه التي نقلها للعالم ..كيف تم مواجهتها باستياء وملاحقة وتهديد صاحبها من قبل دعاة الحرية!. الأمر الأهم هو أن الكذب حبله قصير وضرره أكبر من نفعه ولا يضر إلا قائله ومدمنه فلماذا الخوف إذن من الكذبة وأدواتهم ؟! أيضاً من العقل معرفة كيف يفكر خصمك وأي الأدوات يعتمد عليها في الوصول والمعروف كذلك أن أساليب وأبواق الكذب والإشاعات هي الأكثر سعة وعدداً في أي زمان ومكان لكن قطعاً بل مؤكداً أن فاعليتها محدودة وربما انقلبت ضد مروجها لما لها من تناقضات لا يقبلها العقل والمنطق . دعوا الجماهير تصطدم بتناقضاتهم وبالواقع المشاهد ،والحق الثابت الواضح لا يمكن أن تزلزله مادة إخبارية أو هرطقات مهرج أو إثارة غوغائية ومعظم الناس اليوم بدأوا يدركون هذه الأساليب ويفرقون بينها وبين الحقيقة الواضحة . ولا أعتقد أن هذه الخطوة هي المسلك والنهج المتبع لدى أنصار الله مع المخالفين وإنما جاءت كإجراءات مؤقتة للظرف الراهن والشديد الذي تمر به البلاد ولا نحتاج لمزيد من إشعال لهب الفتن والنفخ عليها وإلا فإن الأصل والمفترض ليس الحجب والتكميم والإغلاق بل اتخاذ قرار تكثيف العمل الإعلامي وتوسعة جبهته بقدر المستطاع فالعمل الإعلامي لا يمكن أبداً طمسه بتاتاً بل سيجد له مخرجاً ومتسعاً وربما يعود بشكل أكبر وبتقنية ودعم غير محدود عناداً وغطرسة .