فالإعلام هو سبب كل المصائب, وهو الذي أدي إلي انهيار الأمن, وانهيار الاقتصاد, وزيادة معدلات البطالة, وارتفاع الأسعار, وانخفاض عدد السائحين, وتدهور سعر الجنيه, وللأسف, فهناك من الإعلاميين( صحفيين وإعلاميين) من يحرض علي الإعلام ويطالب بتأديبه وإسكاته, مشاركا مع ثلة من السياسيين وغيرهم في تلك الجريمة البشعة التي تعيدنا إلي الوراء, وأصبحنا نستيقظ كل يوم علي دعاوي لوقف بعض البرامج, ومنع ظهور بعض المذيعين. ولم يقتصر الأمر علي ذلك, بل تعداه إلي دعاوي لغلق بعض الصحف والقنوات التليفزيونية التي لا تروق لهؤلاء, وللأسف, يقوم برفع هذه الدعاوي بعض الأشخاص الراغبين في الشهرة أو الباحثين عن جزء من الكعكة, حتي لو كانت كعكة مسمومة, وهؤلاء الأشخاص موجودون في كل عصر وزمان, فقد كان النظام السابق يستخدمهم ضد من يختلف معهم, وهم الآن يقومون بالمهمة نفسها ونفس الدور والأسلوب, حتي وإن اختلفت أسماء الأشخاص من النظام السابق إلي النظام الحالي. قد يخرج من يقول إن هؤلاء الأشخاص لا ينتمون إلي النظام الحالي من قريب أو بعيد, وإنما هم أشخاص يستخدمون حقهم الطبيعي في التقاضي مثل بقية المواطنين, وقد يكون هذا صحيحا, غير أنه كان من الضروري أن تبادر الأحزاب جميعها( حكومة ومعارضة) بالتنديد بتلك الدعاوي ورفضها وفضح من يقوم بها, وللأسف لم يحدث هذا لا من الحكومة ولا حتي من المعارضة حتي الآن, والجميع يقف متفرجا وصامتا, مع أن الصمت قد يتم تفسيره أحيانا علي أنه نوع من أنواع الرضا.من يريد تكميم الأفواه وخنق الإعلام لم يقرأ التاريخ, ولم يستوعب الدرس, وما النظام السوري أو الليبي عنا ببعيد, فقد كان هذان النظامان من أشد الأنظمة تنكيلا بالإعلام والصحفيين, وليس لديهما سوي صحف ملاكي وتليفزيون وإذاعة أقرب إلي المنشورات الحكومية, ولم يكن مسموحا فيهما بأي قدر من الحرية, ومع ذلك سقط النظامان وغيرهما من الأنظمة المستبدة أبشع سقوط, ولم تفلح سياسة تكميم الأفواه في الحفاظ علي أي نظام علي مدي التاريخ, بل علي العكس تماما, فإن حرية الإعلام والصحافة قد تطيل عمر الأنظمة, علي اعتبار أنها نوع من أنواعالتنفيس. أتمني لو أخذ حزب الحرية والعدالة زمام المبادرة وأصدر بيانا يرفض فيه الملاحقات القضائية للصحف والقنوات الفضائية, ويدين كل من يفعل ذلك, ويعلن فيه تمسكه بحرية الصحافة والإعلام, ويؤكد فيه أنه لن يسمح بغلق صحيفة أو قناة في عهده, علي أن تقوم باقي الأحزاب بالنهج نفسه لطمأنة الصحفيين والإعلاميين في تلك المرحلة الحساسة والمرتبكة. صحيح أن هناك تجاوزات وأخطاء وخطايا ترتكبها بعض وسائل الإعلام من الصحف والقنوات, وهي كلها ناتجة عن عدم الالتزام بالمهنية, وضعف الأداء المهني لبعض العاملين في تلك الوسائل من صحفيين وإعلاميين, ومحاولتهم تغطية هذا العجز المهني بالانفلات والصراخ. لكن ليس معني ذلك أن يكون علاج الخطأ بجريمة أكبر وأبشع, وهي أن يحاول البعض خنق تلك الأصوات وإسكاتها للأبد, حتي وإن تم تغليف ذلك الأمر بالدعاوي القضائية, وجرجرة الصحفيين والإعلاميين إلي ساحات المحاكم وإرهابهم معنويا, وفي كل الأحوال, وبرغم كل أخطاء وخطايا الإعلام, فإنه لا يستطيع أحد أن ينكر دور الإعلام الفاعل والمؤثر في كشف أخطاء النظام السابق, والدفاع عن كل الفئات المهمشة والمظلومة اجتماعيا وسياسيا, ولابد أن يستمر في القيام بالدور نفسه في الوقت الحالي والمستقبل, دون أن يحاول أحد إسكاته. علي الجانب الآخر, فإن نقابة الصحفيين لابد أن تقوم بدورها في هذا المجال, وعقد الدورات التدريبية اللازمة للمبتدئين والقدامي من الصحفيين, بالإضافة إلي تفعيل ميثاق الشرف الصحفي,, وتدعيم لجان التحقيق والتأديب النقابية, ومحاسبة المقصرين والمخطئين من أبناء المهنة, بعيدا عن المواءمات الحزبية أو السياسية أو الانتخابية, وأعتقد أن مجلس النقابة الماضي قام بدوره في هذا المجال علي أفضل ما يكون, ومن الممكن البناء علي ما تم في هذا الصدد, ليعرف المجتمع أن النقابة تقوم بدورها في هذا المجال, وإلي جوار نقابة الصحفيين, أرجو أن يتم حل أزمة نقابة الإعلاميين وإظهارها إلي الوجود, فهي حلم قديم آن له أن يظهر, وليت وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود يستطيع أن يفعل ذلك قبل أن يغادر موقعه, لتقوم النقابتان بدور متكامل فيما بينهما, لضبط الأداء الإعلامي, بعيدا عن محاولات تكميم الأفواه التي يحاول البعض فرضها الآن.