ترتبط المواطنة عادة بحق العمل والإقامة والمشاركة السياسية في دولة ما.. أو هي الانتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة.. الوطنية مصطلح يستخدم للدلالة على المواقف الإيجابية والمؤيدة للوطن من قبل الأفراد والجماعات.. ومن أمثلة المواقف الوطنية، تلك التي تتضمن الفخر بالثقافة، الفخر في الإنجازات، الرغبة في الحفاظ على طابع وأساس الثقافة، وتحديد الهوية مع الأعضاء الآخرين في المجتمع.. ففي زمن السلم: تعتمد الوطنية على أفعال رمزية مثل: تحيّة واحترام العلم، النشيد الوطني، المشاركة في التجمع الجماهيري، وإبداء مظاهر الوطنية مثل وضع ملصق يمثل الوطن على السيارة أو في المنزل أو غيره، أو أي طريقة أخرى لإعلان الولاء للدولة مثل مساندة الوطن في سياسته السلمية مع دول العالم لتوثيق الروابط بينهم ومع شعوبهم.. وفي زمن الحرب: تكمن الرمزية الوطنية في رفع الروح المعنوية بين صفوف أبناء الوطن الواحد، وتفعيل دوره في المساهمة بالمجهود الحربي المشروع بالقانون.. وعندما نقول: هذا الشخص وطني أو تلك وطنية، نعني أن هذا الشخص من أشد المتعلقين بالوطن والشعب وقضايا تقدمه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، ويمكن أن يقدم نفسه دفاعاً عنه، فبالوطن يفتخر ويعتز لكونه وطنياً.. ويذكر لنا التاريخ بطولات نضالية لوطنيين دافعوا عن الوطن وسجلهم في أنصع صفحاته، ولم تطوى صفحاتهم بل ظلت مشرقة، فخلدهم التاريخ، وأصبحوا قادة عظماء، يفتقدهم الجيل ويحتفل بمراسيمهم التاريخية والأعياد التي تذكر بطولات هؤلاء.. وتحيل المواطنة إلى النظام السياسي، فمثلاً نقول السلطة الوطنية: إن كانت وطنية وديمقراطية، ديمقراطية عادلة مستقلة تحكم حدود الدولة ذات سيادة، تحافظ على سيادة الوطن ووحدته، وتؤمن بالديمقراطية والحرية والتقدم الاجتماعي للشعب، وتحرص على تطبيقها على أرض الواقع فعلاً وممارسة.. وبمعنى آخر تشير الوطنية إلى ارتباط وثيق بالوطن، وهي مأخوذة من موطن أو وطن أو كليهما وتستخدم هذه الكلمة في قطاع الاقتصاد، والصناعة، ويمكن في هذا الصدد أن نقول: منتجات وطنية، ونعني أنها مصنوعة داخل الوطن وليست مستوردة.. وننظر إليها كصناعة وطنية بافتخار، وكدليل على الانتماء العريق للوطن.. وبالتالي فكل ما يميز هوية المجتمع وخصوصيته داخل نطاق الدولة في محورها السياسي الجغرافي، كلها مسميات تدل في آخر المطاف على الارتباط الوثيق بالوطن أو أن لها خصوصية إيجابية داخل حدود الدولة. وتبعاً لنظرية العقد الاجتماعي ل(جان جاك روسو(، المواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها.. وينبثق عن المواطنة مصطلح (المواطن الفعال) وهو الفرد الذي يقوم بالمشاركة في رفع مستوى مجتمعه الحضاري عن طريق العمل الرسمي الذي ينتمي إليه أو العمل التطوعي.. ونظراً لأهمية مصطلح المواطنة تقوم كثير من الدول الآن بالتعريف به، وإبراز الحقوق التي يجب أن يمتلكها المواطنون، وكذلك المسؤوليات التي يجب عليهم تأديتها تجاه المجتمع، فضلاً عن ترسيخ قيمة المواطن الفعال في نفوس المتعلمين. فالشخص الوطني هو: من آمن بوطنه موحداً، مستقلاً، ذا سيادة، ومجتمعه حراً كريماً.. من يحافظ على كرامته وكرامة أهل وطنه.. من لا يتآمر على وطنه، وأسرته، وأهله، ولا يساوم عليهم، مهما كانت وسائل الترغيب أو الترهيب، من يرفض الانتماء لما قبل الوطنية أو التعصب لها، بكل أشكالها (الطائفية والعرقية والتطرف الديني)... فما هو الفرق بين الإنسان الوطني، والإنسان غير الوطني بمفهوم النظام؟.. وهل الإنسان الوطني هو ذلك الشخص الذي يحب النظام، مهما كان ديكتاتورياً ومستبداً، ويدعمه في الظلم وفي كل جرائم القمع والعنف التي يرتكبها ضد الشعب؟!. سأترك لكم الإجابة بعد أن أوضح موقفي.. في الواقع.. أنا أحب وطني، ولكنني لا ادعم النظام، ولا أقف معه، ولا التقي معه فيما تبقى من وطن جريح وشعب كسيح.. ولأنني ارفض الحرب.. أرفض القتال بين أبناء الشعب اليمني.. ولأنني أقف مع المهمشين والبسطاء والمرضى الذين لا يتمكنون من تأمين نفقات علاجهم.. ولأنني لم انضم لمليشيات القتل وجيوش الفساد.. ولأن لي وجهة نظر خاصة بي.. ولم أشارك أو أبارك أو أناصر كل من سعى ويسعى لإحداث شرخ في وجدان اليمن، وتقزيم دوره، وإهانة شعبه وتجويعه ولجم أفواهه.. ولأنني لم أتخابر يوماً مع دولة أجنبية ضد وطني.. وبعد كل تلك العوامل والدوافع والمبررات، فلست بحاجة لمن يقيم مستوى وطنيتي.. كما أنني لن أعير اهتماماً لمن يتهمني بالخيانة الوطنية! ختاماً، نتساءل عما سيسفر عنه الوضع في آخر المطاف.. بعد القبلية والطائفية والمناطقية، وما نتج عنها من خيانة الوطن وشن الحروب عليه داخلياً وخارجياً.. كيف سيكون حال هؤلاء الذين مزقوا الوطن وأشعلوا الحروب وقتلوا الأبرياء؟!.. وكيف سيصنفون بالنسبة للوطن؟!!. [email protected]