الوطن يتعرّض لعدوان داخلي وخارجي، من أبنائه ومن غير أبنائه، اليمن والسيطرة عليه هدف الجميع في الداخل وفي الخارج ، يمنيين وغير يمنيين، عرباً وغير عرب، مسلمين وغير مسلمين ، كل تلك الأنظار والمؤامرات من كل هؤلاء القوم بتعدد قنواتهم الفضائية وصحفهم وإعلامهم وأموالهم وولاتهم واتجاهاتهم وأيدلوجيتهم ومصالحهم ومذاهبهم بل ودياناتهم ليس هدفها مصلحة اليمن واليمنيين، بل الحقيقة هي أن الهدف مصالح الخارج واليمن واليمنيون من كل ذلك براء، وكلٌّ يرفع شعاراً مزيفاً، وتلك السياسة ومصالحها وأساليبها لا تحتاج مني لدليل سوى أنني أقول مثلاً شعبياً حضرمياً يقول «كلّ مصلي وهو طالب مغفرة» ولكنهم أدوات لتدمير اليمن وإدخاله في معترك لا يستطيع أحد هنا أن يجزم هل سينتهي الحال إلى حرب أهلية، أم ينتهي الحال إلى معارك دولية في أرض اليمن، أو أن يغرق من يخطئ للحظة ويقرر غزو اليمن لتنفيذ مآربه، أو ينتهي الحال إلى تمزق الأرض اليمنية إلى أجزاء نخطىء في عدّها وعددها؟، أم في النهاية يقع مجموع كل ذلك في اليمن وبالطبع تصل شظاياه إلى منطقة الجوار والأقليم؟. لايمكن أن يتكهّن أحد من الخبراء ويتفق الجميع على الوصول لنتيجة واحدة حتمية لهذا الذي يدور في اليمن، واليمنيون هنا هم أدوات ذلك العمل الشرير، فكل المعطيات قد تؤدي إلى كل ما ذكرت هنا لأن الساسة اليمنيين قد ارتهنوا للخارج وأصبح قرارهم ليس بيدهم مطلقاً، ولن يكون ولا أظنه يكون مادامت كعبتهم التي يتوجهون ليصلون إليها متعددة الاتجاهات والولاءات. لست هنا في إطار تبرئة طرف ونقد طرف آخر، فالنقد والعتب على الجميع دون استثناء، إلا من بالفعل ترك السياسة وألاعيبها واعتزلها بل وترك الجمل بما حمل بعد أن أيقن وعرف أن القرش يلعب بحمران العيون، وعرف أن اليمن ستذهب ضحية الشد والجذب من الجميع. المشهد هنا في اليمن لايحتاج إلى خبير ومحلل سياسي ذي خبرة كبيرة في التحليل، وفك طلاسم وكشف أوراق وحقائق وخطط ولعبة تُدار لتدمير اليمن وإغراقها وإغراق آخرين فيها وهم لا يعلمون حسب وجهة نظري. اللعبة أكبر مما يتصوّرها الانسان العادي والبسيط، فهي ليست هجوماً ودفاعاً، بل هي خطة مرسومة لأكثر من لاعب والملعب هنا الساحة اليمنية، والضحايا بالطبع هم اليمن والشعب اليمني والإقليم بكامله، وإن تراءت لآخرين أنها معركة رئيس ومذهب ووطن ودين. فكل يوم يمر دون أن يتوقف ذلك الانتحار والطيش والجنون من العنف والحرب والقتل والدمار يعني ذلك تجذراً أكبر في عمق المسألة اليمنية، أو الأزمة اليمنية واقتراباً للاعبين جدد سيأتي دورهم فيما بعد للعب في الساحة اليمنية وبأيدٍ يمنية. لست على صواب (مثلما يحلو للبعض) لو أنني تطرّقت للمسأله من زاوية توجيه العتب واللوم على طرف بعينه، فالجميع ساهموا في وصول بلدنا إلى هذا الوضع الذي لايسر، بل وساهموا في إدخال الغريب والأجنبي في وحلنا الذي صنعناه وغرقنا فيه ، وجاء اليوم لنُغرِقَ آخرين في هذا الوحل والذي يقيناً إن دخلوا فيه لن يستطيعوا الخروج منه إلا إلى وحل جديد صنعه لهم آخرون. وهم في نشوة غرور النصر والقوة. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله: أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره». من هنا لا أستطيع أن أوجّه اللوم والعتب، وأتهم طرفاً على حساب طرف آخر في أنه السبب في إيصالنا إلى هذا الحال، فالجميع مخطئون والجميع مواطنون، فمن الواجب هنا وفي هذا الظرف العصيب الذي تمر به بلادنا أن نوجّه النصح ونقف مع الجميع ونُذَكّر ونعيد أن الحوار وليس غير الحوار وليس فرض الشروط والاملاءات هو الطريق الصحيح والوحيد للخروج من هذه الأزمه قبل أن تكبر مساحة الوحل وتغرق كل المنطقه فيها، فالنصح هنا واجب تطبيقاً للحديث الشريف، وتعبيراً، وشعوراً لحبنا لوطننا وجميعنا هنا مظلومون، وحبّ الوطن هنا ليس واجباً فقط بل هو فرض علينا، فهل يُدرك المتحاربون ذلك؟.