اللعبة السياسية والاطماع الخارجية ومستوى النضوج السياسي والديمقراطي الضحل ،والاتجاه العصبوي الذي انتهجه بعض الأطياف السياسية ، وأحقاد الانتقام، وتخلي الجميع عن وطنيتهم ومسؤلياتهم الوطنية مقابل مصالحهم الفئوية والجهوية، كل ذلك افرز صراعا داميا واحترابا شرشا أوصلنا لما نحن عليه اليوم من حرب مدمرة فتاكة النيران. واذا اردنا ان نكون منصفين من كل ما يحدث اليوم من دمار لليمن ،علينا الاعتراف ان جميع الاطراف السياسية دونما استثناء وعلى رأسهم قيادة البلد ليسوا ابرياء من دماء اليمنيين التي استرخصوها بسبب طغيان احتكار السلطة على عقليات القوى المهيمنة والاطراف المتصارعة وعدم الايمان الحقيقي بأحقية الشعب في العيش بسلام . كل ذلك عقّد الامور وحال بين وصولنا لنقطة اتفاق وبالتالي تمادى الحقد والتعصب المذهبي وتوسعت فجوة الشقاق والتمزق والحرب التي تحصد الارواح اليمنية البريئة وتهدم المدن اليمنية دونما استثناء. وَقَعَ اليمن ضمن مكايدات ومزايدات نهشت في امنه واستقراره نهشته الاغتيالات والحروب القبلية والطائفية والعنصرية. والمصيبة الكبرى ان جميع من في البلاد يعرفون جيدا كل ذلك لكنهم لم يستطيعوا تجنيب بلادنا مغبات هذه الحرب وهذا الموت الذي يحيط بأنفاسنا كل لحظة. سقطت كل مقومات الدولة وانزلقت البلد للحرب وتم افراغ الشعارات من مضامينها بعد ان مضى الجميع بالبحث عن مصلحته ومصلحة حزبه وجماعته وطائفته وعملائه في الخارج. فكل قتل وهدم ودخان ونار تتحمل مسؤليته اولا قيادة البلد التي جعلت البلد رهنا للفوضى وتركت الحبل على غاربة للميليشيات المسلحة كي تفسد في الارض ونازعت الدولة نفوذها وسلطتها وأدمنت على تخريبه عن طريق بخ سموم الفتن والحروب وهدم كل مقومات الدولة. تتحمل مسؤليته ظهور القوى السياسية في صراعها مع خصومها وكأن الامر لا يعنيها حين كانت تؤجج ضد الخصوم في اعلامها وابواقها الحزبية ولم تكن تهتم بكل ما يستعر ولا يهمها القتلى من الشعب مقابل الدفاع على مصالحها كيفما كانت النتائج من موت وشعب استباحوا دمه وماله وعرضه، يتحمل مسؤوليته الاعلام المحرض والمناصر للأفراد والكهان وسدنة البلاد ومشعلي الحرائق وحفاري القبور، تتحمله منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان الشكلية التي عجزت عن قول كلمة (كفى) اهدارا لكرامة النفس اليمنية وذل واستعباد لها. الجميع خربوا وطنهم ونهشوا حاضره ومستقبله وتاريخه وجلسوا يتباكون على الخرائب والحرائق ،تحول الجميع من الولاء للوطن الى البحث عن مكاسب سلطوية وتوجه الكل لمتحاربين ومتناحرين ويصرون ان يظهروا بمظهر الابرياء وهم جناة. في الحرب يصبح الجميع خاسرين ،عبارة تجسد فداحة الخسائر في حرب ليس فيها اي منتصر حين يحترق الوطن على رؤوس قاطنيه ،لا فرق بين مجرميه وكاحيه، وآلة الحرب ستحصد اليمن عن بكرة ابيه ان لم يتدارك اليمنيون انفسهم بمختلف توجهاتهم واطيافهم السياسية لإنقاذ بلادهم من الاخدود الاكبر ويجتمعون ويصطفون لحوار حقيقي وخالص لوجه الوطن لتنقذ ما تبقى لنا من رمق أخير . فمن تهون عليه بلاده ويذلها يستحيل على الغريب ان يكرمها. فيا ايها الناهشون لوطن يحترق التاريخ يُسجل رزاياكم وهدمكم وتخريبكم لوطنكم ولعناته ستلحقكم لآخر الزمان ، والاجيال القادمة ايضا لن ترحم كل من جعل وطنها انقاضا تبكي بعضها بعضا. فاحذروا نقمة التاريخ ولعنات الاجيال القادمة.