عاد تنظيم القاعدة في اليمن إلى الظهور مجدّداً وبقوة بعد أن تلاشى حضوره فيها قبل الصراع والحرب الدائرة في اليمن بين المليشيات المسلّحة التابعة لصالح وجماعة الحوثي من جهة وبين اللجان الشعبية المسلّحة والقوات الموالية للرئيس هادي من جهة أخرى، مستفيداً من المناخ الذي وفّرته له الحرب والاقتتال كأحد العوامل الرئيسة المحفّزة لعودة ظهوره ومساعدته على البقاء مستغلّاً الاحتراب الدائر في جنوباليمن لإعادة نموّه لتحقيق مكاسب بنيوية لتعزيز قدراته التنظيمية وبنيته البشرية؛ تجسّد في قيامه بمهاجمة السجون وإطلاقه لعدد كبير من عناصره نزلاء السجون في محافظاتعدن ولحج وحضرموت والضالع؛ بينهم قيادات كبيرة أبرزهم القيادي البارز في تنظيم القاعدة خالد باطرفي. ظهور التنظيم في هذا الوقت بالذات يحمل كثيراً من الأهداف لخلط الأوراق بين المتحاربين للحصول على داعمين جدد له، ولا يستبعد أن ظهوره قد يتم توظيفه من قبل إيران لضرب الخصوم في المنطقة، وبشكل عام فإن التنظيم يسعى إلى الاستفاده من الاقتتال الأهلي في اليمن ويتجه لتوظيف البعد الديني والمذهبي للأطراف المتحاربة لاستمالة تعاطف القبائل وكسب مزيد من التقارب القبلي والشعبي لتوفير الحماية لعناصره وحرية الحركة، رغم أنها فقدت حاضنتها القبلية بنسبة كبيرة في السنوات الثلاث الماضية، كما أن الاقتتال وظروف الحرب مكّنته من نهب الأسلحة من بعض المعسكرات وخاصة في عدد من مناطق الجنوب، بالإضافة إلى سعيه لتحسين صورته بين أوساط الشباب بالتأثير النفسي والعاطفي عليهم لإقناعهم أن عدوّهم مشترك، والمراهنة على البُعد الديني المذهبي للحرب «شيعي - شافعي» لإشاعة واحدية الهدف «محاربة الروافض» بغية إذكاء الصراع وإطالة أمد الحرب ليستقطب عناصر جديدة إلى صفوفه. في ظل استمرار وتغذية هذه الحروب والاقتتال الداخلي الحاصل في اليمن، وغياب المبادرة لإخمادها ، والتي تأكل الأخضر واليابس وتؤسّس لواقع مأساوي قادم، يبقى رهان تنظيم القاعدة في اليمن على الاقتتال الداخلي كأحد العوامل الرئيسية لإفشال أية محاولات للدولة وللمجتمع لاقتلاع جذوره بل يمكّنه من ترميم ولملمة صفوفه لإعادة إنتاج نفسه ولو في شكل جديد قادر على التأثير في المشهد القائم رغم الفشل المتكرّر لتحقيق مشروعه. وبالنظر إلى خطورة هذا العامل الذي أصبح كالإكسير لاستمرار وبقاء “تنظيم القاعدة في شبة جزيرة العرب” بقوة قادراً على إجهاض جهود الدولة والمجتمع وتدمير ما سبق تحقيقه من نجاح على طريق استئصال شأفته في الحروب السابقة التي خاضتها الدولة ضد الإرهاب خلال الثلاث السنوات الماضية ليستعيد نموّه من جديد. وأمام هذه المعطيات فإن الوضع يتطلّب من جميع الأطراف والجماعات المتحاربة، وكل السياسيين والخيّرين في اليمن استشعار المسؤولية والعمل على وقف نزيف الدم وهذا الاقتتال الذي يفسح المجال لعودة ظهور تنظيم القاعدة بكل فروعه والتصدّي لهذا الخطر الذي يستهدف المجتمع والجيران بعد أن بدات مؤشّرات نتائجها تبرز بقوة في اليمن. [email protected]