أكد رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني حاجة الأمة الإسلامية إلى وقفات تقييميه جادة، للعلاقة مع الآخر، تتزامن مع وعي بحقيقة أن الأمة تقف بالفعل على أرضية صلبة وثابتة، قوامها دين سماوي عظيم وقيم سامية، وحضارة خالدة ومؤثرة في حضارات الشرق والغرب. جاء ذلك في مستهل الجلسة الثالثة من مؤتمر الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والإساءة إلى الدين التي عقدت بعد ظهر اليوم برئاسته ضمن محور "واجب الأمة الإسلامية في معالجة الإساءة إلى الدين". وقال إن دور الإعلام مهم للغاية في إسناد ، المواجهة التي تخوضها الأمة مع الإساءات المتكررة من قبل متطرفي الحضارة الغربية، ومنظريهم من الصهاينة، لكنه شدد على أهمية ألاَّ نمعن في تكريس صورة الجانب الأضعف من أمتنا، بقدر ما نفخر بما استطعنا أن نحققه من زاوية الإعلام الذي أصبح قوياً ومؤثراً، ويحتل مساحة مهمة في الفضاء الإعلامي الكوني. وأضاف لقد استطاع إعلامنا أن يمتلك زمام المبادرة، ويكشف حقيقة الصراع الذي يخوضه الآخر مع أمتنا بدءاً من أفغانستان، مروراً بالعراق وانتهاء بالعدوان على لبنان وقطاع غزة. ودعا رئيس مجلس الشورى إلى أهمية البناء على النجاح الذي حققته بعض من وسائلنا الإعلامية، من أجل أن تتحول كل وسائل إعلامنا إلى منظومة قوية ومؤثرة. وشدد في الوقت نفسه على الأولوية المتمثلة في تحقيق الانسجام المفقود بين مكونات الأمة ، فيما يمكن تسميته مجازاً ببناء الجبهة الداخلية، وذلك بمحاصرة الظواهر السلبية وفي مقدمتها التطرف والإرهاب لأنها توفر ذرائع سهلة لآلة الهجوم الشرس الذي يخوضه المتطرفون في الحضارة الغربية على أمتنا. ودعا رئيس مجلس الشورى في كلمته إلى تجسيد القيم العظيمة للدين الإسلامي الحنيف في حياة الأمة باعتباره دين محبة وتسامح، واستقامة، وانفتاح، وعمل وإنتاج.. معتبراً أن من شأن ذلك أن يوفر كل العناصر التي تعزز موقع أمتنا بين أمم الأرض، وتعيد تشكيل الصورة الحقيقية المشرقة لنا كمسلمين، وتجعل حجتنا قوية ونحن ندافع عن الدين الإسلامي من خلال الحوار والكلمة الطيبة. هذا وقدمت في الجلسة الثالثة من المؤتمر ثلاث موضوعات: الأول لمندوب اليمن الدائم لدى الجامعة العربية ورئيس مؤسسة المنصور الثقافية للحوار بين الحضارات الدكتور عبد الملك منصور، ، ورئيس تحرير مجلة الرابطة التي تصدر في مكةالمكرمة الدكتور عثمان أبو زيد بعنوان" أهمية الحوار مع الآخرين والتعاون مع المنصفين منهم على تصحيح المفاهيم المغلوطة". والثاني للأمين العام للقمة الروحية الإسلامية في لبنان، الدكتور محمد السماك، وعميد كلية الإعلام السابق بجامعة صنعاء الدكتور أحمد مطهر عقبات، بعنوان" أهمية الإعلام والهيئات الإسلامية في معالجة الإساءة وآلياته"، والثالث للأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي للشئون الإنسانية، الدكتور عطا المنان بخيت الحاج محمد، بعنوان" مسئولية الحكومات والمنظمات الدولية في منع الإساءة. وكانت الجلسة الأولى التي رأسها وزير الأوقاف والإرشاد القاضي حمود عبدالحميد الهتار، قد استعرضت المحور الثاني من محاور المؤتمر حول أزمة الوعي بالدين والأخلاق في الإعلام المعاصر. وفي هذا المحور قدمت ست أوراق عمل، الأولى لوزير الإعلام حسن اللوزي، نوه فيها إلى أن هذا المؤتمر يمثل أهمية بالغة نظرا للتحديات الكبيرة التي تواجه الأمة العربية والإسلامية في مجال الإعلام وتأثيراته بعد أن برز الإعلام كعلم وفن وتقنية وسلطة لامتناهية وكمجال للحرب والصراع بدلا من أن يكون وسيلة للحوار بينب الأديان والثقافات ومجالا للحرب للتلاقي الحضاري والثقافي وبناء الشراكة الإنسانية. وأشار اللوزي إلى التطور الذي حققه الإعلام في قوة تأثيره وفنونه وتقنياته يجعل الإنسان يعيش في بيته مع أحداث العالم بدقة تفاصيلها ومستجداتها عبر الوسائل المختلفة. وقال " لابد أن نعمل على تطوير العلم الإعلامي وتغيير أساليبه وتحديث تقنياته ليكون جزأ من نبض العصر ويسير على إيقاعاته المتسارعة ، كما أن فهمنا للعمل الإعلامي الإسلامي لابد أن يكون محددا بالدقة التي يفرضها الإنتماء والإيمان الصحيح وقيم الدين الإسلامي الحنيف، حتى نكون أمام إعلام ينتصر للحق ويقدم المعلومة الصحيحة وينشر المعرفة التي تخدم الحياة ويواجه الظلم بكل الصدق واليقين والإلتزام والمسؤولية ويحقق السبق في الأخبار والنشر وتقديم المعرفة البناءة وتكون الغاية السامية له تحقيق العدل والسلام والتعايش السلمي. وأضاف" إن حرية الإعلام مصانة بالإلتزام وبصدق تحمل المسؤولية التي يفرضها الإيمان والعمل الصالح والجهاد من أجل الإنتصار للحق ولكل القيم والتعاليم الإسلامية، فالإلتزام بالحرية الحقيقية كقيمة إنسانية مقدسة لايثمر إلا خبرا وإعلاما طيبا كما أن المروق عن الحرية وسوء إستخدامها كحق يسوق إلى إعلام يتصف بالخبث لأنه يؤدي إلى الإضرار بالإنسان والعلاقات بين الأفراد والمجتمعات ويمس القيم النبيلة التي يفكر المصلحون والإعلامييون بتوظيف الإعلام من أجلها " كما أكد أن الحرية الإعلامية تقوم على المسؤولية المباشرة الدينية والوطنية والمهنية لتحمل واجبات إيضاح وتبين الصورة الحقيقية والناصعة للدين الإسلامي والدفاع عنه وتفنيد الأفكار والأراء الخاطئة والأطروحات المغلوطة التي تروج ضد الدين الإسلامي. فيما أوضح مدير عام قناة الهدى الدكتور نبيل عبدالعزيز حماد أن المسلمين مطالبون بحماية خصوصيتهم الثقافية ويجب العمل من خلال الوسائل المناسبة لإنتاج رسالة إعلامة قوية وهادفة تستفيد من التقنية والقدرات المتاحة في العالم العربي والإسلامي والتجربة الناجحة التي بدأت تمثلها العديد من الوسائل الإعلامية الإسلامية. وطالب بالتركيز على الكيف في إنتاج الرسالة الإعلامية ومراعاة احتياجات الشباب والأطفال والمرأة من البرامج الدينية والتربوية البناءة وتجسيد مبادئ الوسطية في بناء الأمة وتعميق محبة الله ورسوله والتمسك بالكتاب والسنة وتوضيح شمولية الإسلام لكل نواحي الحياة. وفيما يتعلق بصورة الإسلام والمسلمين في مناهج التعليم وأوعية الثقافة الغربية تناول الأمين العام لهيئة التنسيق الإسلامية بمكةالمكرمة الاستاذ الدكتور محمد جميل خياط، العلاقة بين الإسلام والغرب باعتبارها أهم المشكلات الحضارية الكبرى التي تواجه المجتمعين الإسلامي والغربي ومايشوبها من فهم مغلوط في فكر وتصورات أبنائهما. ولفت إلى أن هذه القضية أخذت حضورا كبيرا واسعا في الوقت الراهن على كافة المستويات في العالمين الإسلامي والغربي. وطالب بإقامة مشروع حضاري إسلامي يبدأ بنشاطات تعريفية بحقيقة الإسلام وإقامة صناعة إسلامية للإعلام والمعلومات وكذا إنشاء رابطة للإعلاميين الإسلاميين كتنظيم مهني . فيما أكد مدير المركز الإسلامي في بلنسية بأسبانيا الدكتور محمد بهيج ملا حويش، على ضرورة معالجة علاقة العالم الإسلامي مع الغرب باستيعاب كيفية تفكير الآخر وتحسين الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين عبر الإستفادة من مساحة الحرية والوضع القانوني الذي تعيشه أوروبا. وفي المحور الثالث الخصا بالإعلام وواجبه في التعايش والسلم العالمي وحمالية المجتمعات من الآفات استعرض عضو مجلس الشورى السابق بالمملكة العربية السعودية الدكتور عبدالرحمن صالح الشبيلي، والمشرف على القسم الإسلامي في جريدة عكاظ الدكتور عبدالعزيز محمد قاسم، المستوى الذي وصل إليه الإعلام الإسلامي من فعالية وتطور وتنوع ومعالجة للقضايا بأساليب عصرية تعمد على أسس تقنية راقية. وأشادا بالمستوى المهني والتغطية المتميزة التي قامت بها قناة الجزيرة في تغطية العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة وفضح المخطط الصهيوني والأساليب الإجرامية وجرائم الحرب التي ارتكبتها آلة الحرب والدمار الإسرائيلي ضد أبنا الشعب الفلسطيني المحاصر، وكذا دور القناة في تحريك الرأي العام العالمي للتعاطف مع أبناء قطاع غزة والتأثير في التحرك الدولي لدعم القضية الفلسطينية. وشددا على ضرورة إلتزام الحوار في أروقة اليونسكو لمناقشة مفهوم حرية التعبير وتصحيح مسار حرية الإبداع الفكري والفني والسعي للتوافق على تحريم مايمس الكرامة الإنسانية مثل برامج العري المفضوح والجنس والشذوذ في وسائل الإعلام الجماهيرية. وفي جلسة العمل الثالثة والأخيرة برئاسة رئيس مجلس الشورى عبدالعزيز عبدالغني المخصصة لمحور " واجب الأمة الإسلامية في معالجة الإساءة إلى الدين " تحدث رئيس مؤسسة المنصور الثقافية للحوار بين الحضارات ومندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية الدكتور عبدالملك منصور حول الإعلام الثقافي الإسلامي الرشيد، خصائصه ومتطلباته، مشيرا إلى إتجاهات الخطاب الإعلامي الإسلامي القائم على التمجيد والتقليد التراثي، واعتبر أن خصائص الإعلام الرشيد يجب أن تتمثل في إبراز الإسلام في بعده الإنساني وجانبه التنويري والروحاني القيمي. وبين أن الخطاب الإعلامي الرشيد يجب أن يرتكز على آليات الإعلام الفضائي والوسائط المعلوماتية والترجمة. إلى ذلك تطرق رئيس تحريرمجلة الرابطة الدكتور عثمان أبوزيد في ورقته حول أهمية الحوار مع الآخرين والتعاون مع المنصفين منهم لكيفية تصحيح المفاهيم المغلوط حول الإسلام. كما تطرق إلى بداية الحوار الديني مع الغرب ودوافعه ومنطلقاته منذ فترة الإستعمار الغربي للوطن العربي والإسلامي، والمؤتمرات والفعاليات العديدة التي عقدت بهذا الخصوص. وبين أن حوار المسلمين يجب أن يكون مع الأخرين جميعا سواء الغربيين أو غيرهم ماداموا منضبطين بالقواعد المعروفة بالرأي والمناقشة وأن اتباع نهج الحوار لايعني بأي حال من الاحوال المجاملة والمسايرة كما لايغني البقاء في حالة الضعف والمساومة أو الصمت والتنازل أو التفريط بالثوابت والقيم الأساسية. علي الصعيد ذاته تناول الأمين العام للقمة الروحية الإسلامية بلبنان الأستاذ محمد السماك وعميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء سابقا الدكتور أحمد مطهر عقبات دور الإعلام وأهميته في مواجهة الإساءة إلى الإسلام وآلياته وتحديد مظاهر وأسباب الإساءة إلى الإسلام وتحديد مفهوم الإعلام كأداة للمعرفة ومن منطلق وظائفه في تناول وعرض ومناقشة هموم المجتمع وسلوكيات أفراده ومتابعة كافة المتغيرات بحرية، ومن ثمن إلقاء الدور على الإعلام للتصدي للحملات المسيئة للإسلام بمنهجية. وأكدا أهمية تحرير الإعلام الإسلامي من دائرة رد الفعل وتطويره وتأهيله لإعتماد آلية تقوم على معرفة الجهات التي يتوجه إليها من حيث النفسية والثقافة واللغة. وطالبا الإعلام الإسلامي بإدراك حقائق العصر وإفكاره ووسائه والتعامل معها بوعي ومسؤلية. وفي الوقت ذاته شددا على إيقاف التداعيات الإعلامية بين المسلمين أي كان نوعها واستمرار توسيع الحوارات بين الهيئات الإسلامية وعلماء الإجتماع والإعلاميين في الدول العربية والإسلامية ودراسة أسباب ومسببات الإدعاءات والإفتراءات المعلنة ضد المسلمين بواقعية وموضوعية ومنطق. فيما تطرقت ورقة العمل المقدمة من الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي للشؤون الإنسانية الدكتور عطا المنان بخيت الحاج محمد إلى جهود المنظمة ودور بعض الحكومات والمنظمات الدولية ومسؤوليتها في منع الإساءة إلى الدين. واستعرض دور منظمة المؤتمر الإسلامي وبعض الحكومات في التواصل والحوار مع المنظمات الدولية المعنية بهدف إيجاد قانون يحرم الإساءة إلى الأديان السماوية.