- د/سعيد اليافعي .. في هذه الحلقة سنتعرف على واحد من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، الأزمة التنفسية «الربو» أو الاستما كما هو شائع في المجتمع، فما هو الربو وكيف ينشأ؟ وهل كل مصاب بالسعال يمكن أن يكون مصاباً بالربو؟ وهل البخاخ أحد أهم أدوية الأزمة علاج يؤدي إلى الإدمان؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإجابة عليها في ثنايا هذه الحلقة. ماهو مرض الربو؟ وكيف تحدث الإصابة؟ كل مصاب بالربو يعرفه بطريقته الخاصة، يعرف أن شيء ما قد يقلق راحته في أي لحظة، فقد يكون في قمة السعادة أو في مناسبة خاصة وفجأة يتغير الحال وينقل إلى المستشفى بمجرد تناوله مشروباً أو طعاماً أو شم رائحة حتى لو كانت زكية ويعيش المصاب بالربو وأسرته حالات قلق وترقب بانتظار نوبات المرض ويتحسس جيبه دوماً كي يطمئن أنه لم ينس العلاج الذي يزيل عنه كربته. وببساطة نستطيع القول:إن الربو مرض مزمن وغير معدي يصيب قنوات الجهاز التنفسي التي تنقل الهواء داخل الرئتين،وذلك بسبب التهاب مزمن يصيبها مما يجعلها شديدة التحسس للكثير من العوامل والمؤثرات «المهيجات» الداخلية والخارجية. وحين يتعرض المصاب لهذه المؤثرات يحدث الالتهاب في جدران القنوات التنفسية حيث تنتفخ وتمتلئ بالإفرازات المخاطية وتتقلص العضلات الصغيرة المحيطة بها وكل هذا يؤدي إلى تضيّق وأحياناً انسداد بعض من تلك القنوات، ويشعر المصاب بصعوبة في التنفس صعوبة في إخراج الهواء من الصدر «الزفير» بسبب تلك التضيّقات. وبالرغم أن الربو «الأزمة» مرض مزمن قد يصيب المريض أثناء نومه وصحوه وقد يأتي ويذهب على شكل نوبات مختلفة الشدة عند التعرض للمهيجات التي تحدث المرض، لكن لايزال باستطاعة المصاب التحكم بسير المرض إذا ماالتزم بالخطة العلاجية وتجنب العوامل «المهيجات» التي تؤدي إلى عودة المرض وحدوث النوبات. تزداد نسبة الإصابة بالأزمة كلما تطورت المجتمعات ولانستطيع تحديد الأسباب المؤدية لذلك بالضبط ،ولكن يعتقد بعض الأطباء انه وبسبب زيادة الرعاية الصحية في المجتمعات المتقدمة ونقص نسب الإصابة بالبكتريا وذلك شيء جيد إلّا أن الأجهزة المناعية تصبح شديدة التحسس للكثير من المهيجات التي لم تتعود عليها، والبعض الآخر يعزو ذلك إلى تلوث الهواء الذي نستنشقه بالكثير من الأدخنة والملوثات الصناعية الحديثة. ينتشر مرض الربو في كل المجتمعات ويصيب حوالي 5% من سكان أي مجتمع، أو فئة عمرية وفي أمريكا يعاني منه أكثر من «15» خمسة عشر مليون شخص ثلثهم من الأطفال، وهذا المرض يكلف الاقتصاد الأمريكي حوالي ثلاثة عشر مليار دولار سنوياً ويموت منه خمسة آلاف شخص كل عام. وإذ يجهل الباحثون السبب الرئيسي للربو؟ ولماذا يصاب به أحدنا ولايصاب الآخر؟ لكن مايهم معرفته أن لجهازنا المناعي دور كبير في حدوث المرض إذ أن تضيق القنوات الهوائية وانسدادها يبدأ بسبب تحسس الخلايا المناعية الموجودة في قنوات التنفس عند تعرضها للعديد من العوامل «المهيجات» ومعظم هذه العوامل والمهيجات التي تؤدي لظهور المرض قد تم تحديدها ويستطيع كل مصاب بالمرض أن يتعرف عليها ويتجنبها ماأمكن. ومن أهم هذه المهيجات التي لها علاقة بظهور أعراض المرض: أدخنة السجائر والتبغ، ودخان الحطب. استنشاق الهواء الملوث بالغبار والأتربة أو التعرض لبعض الروائح والعطور والمنظفات. استنشاق رائحة العثة والأماكن المهجورة والدخول إلى حظائر الحيوانات. التعرض لنزلات البرد والزكام والتهابات القصبة الهوائية والجيوب الأنفية. اختلاف حالات الطقس أو التعرض للهواء البارد. بعض الأدوية خاصة المضادات الحيوية وخافضات الحرارة والأسبرين وبعض أدوية القلب. كما لوحظ أن نوبات المرض قد تعاود الظهور أو تشتد الأعراض وتسوء الحالة عند تعرض المصابين بالربو لبعض الأزمات والضغوط النفسية كما لوحظ أيضاً في بعض النساء المصابات بالمرض ارتباط بين ظهور الأعراض بأيام الدورة الشهرية لتلك النساء. ماهي أعراض وعلامات مرض الربو؟ للربو علامات وأعراض كثيرة تختلف شدتها من شخص لآخر حسب درجة التضيق والانسداد الحاصل في القنوات التنفسية ومدى التزامه بالخطة العلاجية وابتعاده عن المهيجات والعوامل المسببة. وعادة مايشكو المصاب من ضيق في التنفس وسعال جاف متكرر وسماع أزيز وحشرجة في الصدر أثناء التنفس وصعوبة في الحديث «انقطاع النَفَسْ أثناء الكلام» وقد تحدث هذه الأعراض أثناء النوم أو في ساعات النهار ويقوم الطبيب بفحص المريض وإجراء بعض الفحوصات والتحاليل اللازمة وأشعة الصدر وفحص القلب وقياس كفاءة الجهاز التنفسي ووظائف الرئتين وذلك لتحديد درجة المرض ومدى خطورته والتأكد من خلو المصاب من أي أمراض أخرى. بماذا ينصح المصاب بالربو؟ النصائح الطبية حول هذا المرض كثيرة ويعود تطبيقها على مدى اهتمام ووعي المصاب وأسرته بصحتهم، ومن أهم النصائح التي نقدمها لمرضى الربو. من يعاني من ضيق في التنفس أو سعال أو ألم في الصدر يجب عرضه على الطبيب خاصة الأطفال وصغار السن. على المصاب بالربو اتباع الخطة العلاجية المقترحة من الطبيب، وأخذ الدواء بالطريقة والجرعة المحددة له كي يحافظ على أداء رئتيه وكفاءتها. ينصح المصاب بحمل قنينة دواء أثناء السفر أو العمل لمواجهة أي طارئ. عند حدوث نوبة الربو يجب تناول الدواء «البخاخ» عبر الاستنشاق وإذا لم تتحسن حالة المريض يجب اسعافه إلى المستشفى وإعلام الطبيب بقصته المرضية ونوع الدواء الذي يستخدمه مباشرة حتى يتم معالجته بالشكل المناسب دونما تأخير. الربو مرض مزمن وعلاجه قد يستمر طول الحياة ولتخفيف المعاناة وتقليل نوبات المرض ينصح المريض أن يتعرف على كافة العوامل والمهيجات التي يتحسس لها جهازه التنفسي ويحاول تجنبها ما أمكن. الإقلاع عن التدخين وتجنب أدخنة الحطب وعوادم السيارات والغبار. تجنب تناول أي أدوية أو الأعشاب الطبية إلّا بعد استشارة الطبيب وإجراء اختبارات الحساسية ومن الأدوية التي يجب تجنبها الأسبرين ومضادات السعال وخافضات الحرارة وبعض مضادات الألم وبعض أدوية القلب والمضادات الحيوية..الخ. ماهي أدوية الربو؟ ولماذا تختلف من شخص لآخر رغم تشابه المرض؟؟ الأدوية التي تستخدم لعلاج الربو كثيرة ومتعددة ويقوم الطبيب بتحديد مرحلة المرض ومدى خطورته وتقييم حالة المريض واختيار العلاج المناسب حسب نتيجة التقييم ويتبع الأطباء خططاً مختلفة للعلاج أهمها ماتعتمده منظمة الصحة العالمية لعلاج الربو والتي تمر بعدة مراحل تبدأ من إعطاء الدواء على شكل بخاخ يستنشقه المريض حسب الحاجة أو بشكل يومي ويتدرب على استعماله إلى تناول أدوية أخرى كالأقراص الفموية وغيرها. وعندما تسوء الحالة يتم إسعاف المريض إلى المستشفى وهنا يتم إعطاء الأوكسجين وأدوية أخرى وقد تستدعي الحالة رقود المريض والعناية المركزة حتى تستقر حالته وتقييمها من جديد والاستمرار بالخطة العلاجية السابقة أو تغييرها حسب الحالة. هل البخاخ المستخدم لعلاج الربو يؤدي للإدمان؟؟ يفاجأ الأطباء بشكوى المرضى المتكررة حول هذا الموضوع ورغم تقديم نصائح كثيرة حول ذلك إلا أن بعض المرضى يصدق مايشاع خطأ عن أدوية الربو المستنشقة «البخاخ» إذ أنها لاتحتوي على أي من المواد التي قد تسبب الإدمان ولكن الشائعة قد تطغى على الحقيقة أحياناً والشائعات الخاطئة حول كثير من الأمراض وبعض الأدوية ومنها أدوية الأزمة كثيرة، رغم أن هذا النوع من الأدوية «البخاخ» من أفضل الأنواع فعالية في التحكم بالربو وأقلها خطراً على صحة المصاب ويتطلع الأطباء ليوم تمحى هذه الشائعة وأمثالها من ثقافة مجتمعنا المبنية على كثير من الشائعات والخرافات والأساطير وقليل من الحقائق. - عضو هيئة التدريس المساعد كلية الطب جامعة تعز