- د.محمد أحمد الدبعي .. الصدفية من الأمراض الجلدية الواسعة الانتشار،لكنه مجهول الهوية ،ليس معلوماً سببه على وجه اليقين حتى الآن.. أكثر المواضع في الجسم عرضة له هي«الرأس ،خلف الكوعين،أمام الركبتين،الساقين، المنطقة القطنية والعجزية من الظهر» وأحياناً تصاب الأظافر والكفان وباطن القدمين،ومن النادر أن تصاحبها حكة جلدية. وتبدو معاناة مرضى الصدفية أشد وطأة في فصل الشتاء ،ففي هذا الوقت من السنة بالذات والذي يتميز بالبرودة يهيج المرض،بينما تتحسن حالة المرضى دائماً في فصل الصيف مع الشمس والأجواء المشمسة،وبالتالي يقل انتشاره في البلاد الحارة على عكس المناطق الباردة التي تكثر الإصابة فيها. والتعرض للشمس له تأثير حسن على المرض،بدليل أنه أكثر انتشاراً في دول شمال أوروبا،كالسويد والنرويج والدانمارك ،علاوة على ذلك أنه يصيب الأماكن المغطاة من الجسم بدرجة أكبر من الوجه والأماكن الأخرى المكشوفة. هناك نظريات أشارت إليها المصادر الطبية حاولت تفسير أسباب المرض ،أهمها أن الصدفية مرض عائلي وراثي قد تظهر أعراضه تحت تأثير الحالة النفسية للإنسان، مثل «القلق التوتر الضغط النفسي». ولأنه مرض عائلي فإنه قد يصيب أكثر من فرد في العائلة ،كالأب والأم أو الابن والابنة،مما يشير بوضوح إلى وجود استعداد وراثي للإصابة.. وبعض التفسيرات الأخرى لحدوث الصدفية تُرجح سبب الإصابة إلى اضطراب في عملية التمثيل الغذائي لبعض المواد المهمة في الجسم،لكن النظريات الحديثة تميل إلى أنها تنتج ربما عن خلل في جهاز المناعة بما يؤدي إلى دفع الجهاز المناعي إلى العمل ضد الجلد نفسه،وبهذا المفهوم يمكن القول إن الصدفية مرض من أمراض المناعة الذاتية.. إن معظم المصابين بالصدفية يتأقلمون مع مرضهم لسنوات طويلة دون مضاعفات أو أعراض خطيرة على حالتهم الصحية العضوية.غير أنه يؤثر على نوعية الحياة التي يعيشونها نتيجة للآلام والمتاعب النفسية التي تنتابهم جراء الإصابة. وتتسم بظهور بقع حمراء واضحة المعالم مغطاة بطبقات متعددة من القشور الفضية البيضاء اللامعة والسمكية التي تشبه قشور الأصداف،لهذا سمي المرض بالصدفية. وهي نادرة الحدوث في سن الطفولة المبكرة ونادراً ماتظهر لأول مرة بعد سن الخامسة والأربعين. وثمة أنواع لهذا المرض الجلدي ،وهي: الصدفية الدهنية: تظهر في ثنايا الجلد والأماكن الدهنية من الجسم. الصدفية الاحمرارية: تغطي سطح الجلد بحمرة داكنة وقشور كثيفة ولا تترك أي جزء منه خالياً من الإصابة. الصدفية المفصلية:يصاحب فيها المرض الجلدي التهاب حاد في المفاصل. الصدفية الصديدية: وهي أخطر الأنواع على الإطلاق ،يميزها إصابة الجلد ببثور تقيحية كثيرة،لاسيما في منطقتي الكفين وباطن القدمين. وبعيداً عن السبب أو الأسباب التي تقف وراء الإصابة بالصدفية،فإن مسار المرض نفسه إذا ما ترك وشأنه،يزداد حدة ثم يقل حدة على فترات قد تطول أو تنقص،وهذا يتفاوت من مريض إلى آخر.وعلى نحو ماذكرنا سلفاً يتحسن المريض بصفة عامة في فصل الصيف ويزداد سوءاً خلال الشتاء،كما تزداد شدة المرض في فترات التوتر والأكتئاب النفسي. فيما تختلف الإصابة بالمرض من شخص إلى آخر، وأحياناً في المريض الواحد من مرة إلى أخرى، وهذا الاختلاف راجع إلى حجم الإصابة ومدى انتشارها في الجسم.فأحياناً تبدو الصدفية في صورة بقع كبيرة وأحياناً أخرى تشغل مساحات كبيرة من سطح الجلد. تذكر المصادر أن أعراض الصدفية قد تختفي تماماً أثناء فترة الحمل،ولا تلبث حتى تعاود الظهور مرة أخرى بعد الولادة. ولأن الصدفية مرض مزمن،فإنه يستمر مع المريض طيلة حياته،تتخللها فترات زيادة أو نقصان في حدة المرض من حين لآخر. وأهم عرض يميز مرض الصدفية، البقعة الحمراء المغطاة بعدة طبقات من القشور الفضية اللامعة،حيث تختلف حجم البقعة وتتراوح من بضعة ملليمترات إلى بضعة سنتيمترات.. ومن الملاحظ أن الجلد السليم لمريض الصدفية عندما يتهيج بأي مؤثر طبيعي أو كيميائي أو حتى بالخدش، فإن المرض يظهر في هذا المكان في مدة لاتزيد عن أسبوع،لذا يُنصح المريض بحماية جلده ضد أي إصابة حتى لاينتشر المرض وتتسع مساحته. عند تعرض الأظافر لهذا المرض،تظهر الإصابة فيه على شكل حفر دقيقة على سطح الظفر،وربما ينفصل طرف الظفر عن اللحم أو قد يزداد سمكة بتكوين طبقات «كيراتينية» تحت الظفر. وعندما تصيب الصدفية فروة الرأس تظهر في شكل مواضع قشرية محددة بفروة الرأس مغطاة بقشور جافة،وقد تسبب سقوطاً للشعر،لكنه أحياناً يعاود النمو مرة أخرى. ومن حسن حظ مرضى الصدفية أنهم يتمتعون بأعمار طويلة ونادراً مايصابون بأمراض خطيرة في القلب أو الكلى أوالكبد،وعندما تختفي البقع الحمراء للصدفية لا تترك ندوباً خلفها. وعلى الرغم من أنه لايوجد علاج ناجح يقضي على الصدفية بشكل نهائي وحاسم حتى الآن،إلا أنه يتوافر العديد من العقاقير والوسائل العلاجية.لها دور كبير في كبح جماح المرض والإقلال من شدة الإصابة إلى حد بعيد.. ويعتمد علاج الصدفية على العلاج الموضعي والعلاج الداخلي،حيث يعتمد العلاج الموضعي على استخدام مرهم القطران،وإذا صاحبه علاج بالأشعة فوق البنفسجية،فإنه يعد وسيلة علاجية ناجحة للعديد من الحالات.. ولكن تبقى المشكلة النفسية لهذا النوع من العلاج، فالقطران مادة سوداء داكنة اللون لها رائحة غير محببة،غالباً ماتسبب نفوراً للكثير من المرضى وخصوصاً إذا أصاب المرض مساحات واسعة من الجسم.. ولعقار «الكورتيزون» بعض الفوائد العلاجية في تخفيف التهابات المفاصل المصاحبة للصدفية ويمكن استخدامه كمرهم أو حتى حقن موضعية في حالة إصابة مواضع محدودة من الجسم بالمرض. ولاشك في أن التقدم في مجال العلاج الضوئي ساهم بشكل فعال في التعامل مع الكثير من حالات الصدفية. ختاماً..شهدت السنوات الأخيرة العديد من العقاقير الناجحة في علاج هذا المرض،وهناك مؤشر أمل يلوح في الأفق لظهور عقاقير جديدة مازالت في طور التجارب.،سيكون لها شأن كبير في مضاعفة قدرات الأطباء في التحكم والسيطرة على هذا المرض المؤذي الذي يسبب المعاناة للملايين من البشر حول العالم.