ضاعت كانت ذاهبة لزيارة إحدى صديقاتها، ونظراً لكون المنزل بعيداً اضطرت أن تستخدم المواصلات استقلت باصاً صغيراً لتستقر في نهايته محاربة طول المسافة بتأمل الطريق ومراقبة الركاب، صاح أحد الركاب : توقف هنا. أوقف السائق الباص.. نزل الرجل.. كان يرتدي ملابساً رثة وتظهر على وجهه علامات التعب.. ملابسه مقطعة ووجهه مغبر.. مد يده إلى جيب معطفه الممزق وأخذ يبحث عن أجرة الباص أخذ يبحث ويبحث.. مد يده للأسفل قليلا وأخذ يتلمس قعر جيبه.. لكن يده لم تخرج .. صاح سائق الباص به: ماذا ألم تجدها؟ كان من الأحرى بك أن تضعها في يدك قبل أن تنزل. أحمر وجه الرجل خجلاً فلم يجد شيئاً في جيبه.. وطال انتظار سائق الباص ، فبدأ الركاب بالتذمر، صاح أحدهم: هيا لقد تأخرنا. ليعقب الآخر : أجل ثم ما هذا؟ ألم تعرف أنها ضاعت إلا الآن؟ وتعالت الأصوات: هيا سوف نتأخر. كم تمنت الفتاة حينها لو أنها تستطيع أن تقول: دعه يذهب وسوف أدفع عنه، لكن لكونها فتاة لم يكن من اللائق قول ذلك لكنها نظرت إليهم بحسرة ما هذا؟ إنها مجرد عشرة ريالات.. لا بل قد أصبحت عشرين، لم يكن الناس هكذا قبل مدة ليست بالطويلة كان السائق إذا نزلت امرأة عجوز أو طفل يرفض أن يأخذ منهم شيئاً فأين مروءتهم؟ فجأة توقف بحث الشاب يبدو أنه أمسك بشيء في قعر بحر جيبه الممزق أخرجه ليعطيه للسائق.. لكنها كانت مجرد عشرة.. أخذها السائق بنظرة غاضبة قائلاً: هل ضاعت الأخرى أو أنك لا تمتلك سوى هذه؟ نظر الشاب بيأس دون أن يرد إلا بتمتمات قليلة وهو يبحث عن العشرة الأخرى : كانت عشرون .. أين هي ؟ صاح أحدهم : لن يجد شيئا لذا دعنا نذهب. انطلق السائق بالباص وهو يتمتم بشتائم مقذعة لذلك الشاب.. لكن الفتاة كانت متأكدة من آن العشرة ليست وحدها التي ضاعت بل ضاع شيء آخر.