هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    حدادا على شهيد الريح : 5 أيام في طهران و7 في صنعاء !!    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    بن عديو: الوحدة تعرضت لسوء الإدارة ولا يعني ذلك القبول بالذهاب نحو المجهول    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    محمد قحطان.. والانحياز لليمن الكبير    في ذكرى إعلان فك الارتباط.. الانتقالي يؤكد التزامه باستعادة دولة الجنوب (بيان)    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صينيون يتذكرون أيامهم في اليمن بعد 50 عاما من العلاقات
نشر في الجمهورية يوم 11 - 04 - 2007

قبل خمسين عاما أصبحت اليمن، في مثل هذا الشهر، ثالث دولة عربية تقيم معها جمهورية الصين الشعبية العلاقات الدبلوماسية. وخلال هذه السنوات قطع البلدان شوطا طويلا في تعاونهما في كافة المجالات، ولكن ظل الوجه الإنساني أبرز معالم رحلة الخمسين عاما الماضية. في هذه الصفحات يسترجع عدد من الصينيين ذكرياتهم في اليمن؛ البلد الذي أحبوه وعملوا فيه ومن أجله.
شي يان تشون: عندما كرمني رئيس اليمن
في نوفمبر 1999 عندما صدر قرار الحكومة الصينية بتعييني سفيرا لدى سورية، كنت سفيرا لدى اليمن. قبل مغادرة اليمن منحني الرئيس علي عبد الله صالح "وسام الوحدة لجمهورية اليمن". وفي كلمته بهذه المناسبة أثنى الرئيس صالح على الإسهام الإيجابي الذي قدمته في تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين اليمن والصين.
وسام الوحدة" هو أعلى وسام في اليمن ويمنحه الرئيس سنويا لسفير أو سفيرين أجنبيين من الذين عملوا فترة طويلة باليمن وقدموا مساهمات في تطوير علاقات اليمن مع دولهم.
عملت سفيرا في اليمن سنتين وثلاثة أشهر فقط وفي وقت مغادرتي لليمن غادرها معي أربعة سفراء عملوا في اليمن فترة أطول مني. لكنني السفير الوحيد من بينهم الذي حصل على هذا الوسام، فكان ذلك حديث المجتمع اليمني والأوساط الدبلوماسية في ذلك الوقت.
هذا الشرف الخاص لا ينفصل عن علاقتي وصداقتي المتميزة مع اليمن التي عملت بها كدبلوماسي أول مرة في سبتمبر 1967. بعد فترة قصيرة من وصولي انفجرت الحرب الأهلية واستمات الشعب في صنعاء في الدفاع عن النظام الجمهوري في مواجهة محاولات عودة النظام الملكي. كان تأييدنا لنضال الشعب اليمني العادل صامدا، وقضيت سنة كاملة لا أنساها في اليمن تحت نيران الحرب، ولكننا ربحنا ثقة وصداقة اليمن حكومة وشعبا. بعد ذلك بثلاثين سنة وعندما توليت منصب سفير بلادي لدى اليمن، لقيت ترحيبا حارا من مختلف الأوساط اليمنية، لدرجة أن رئيس الجمعية اليمنية للمحاربين القدماء منحني لقب"العضو الشرفي" للجمعية، واعتبرني كثير من اليمنيين صديقا مخلصا وعظيما.
عندما عملت قنصلا عاما للصين في عدن، تحملت مهمة إعادة فتح القنصلية التي تخربت كثيرا أثناء الحرب الأهلية بين جنوب اليمن وشمالها بعد توحيد اليمن عام 1994 أثناء ذلك أقمت اتصالات مباشرة ووثيقة مع الجهات المسؤولة بعدن، وأقمت صداقات مع عدد كبير من الأصدقاء اليمنيين الذين ساعدونا كثيرا. وبدأت القنصلية تعمل بشكل طبيعي مما ساهم في دفع تطور العلاقات الثنائية.
في فترة عملي سفيرا لدى اليمن كانت العلاقات السياسية بين البلدين مرضية. حيث زار الصين وفود يمنية رفيعة المستوى، شملت رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشورى ونحو 10 وزراء. وكذلك زار اليمن كثير من الوفود الصينية، الأمر الذي دفع تطور العلاقات الثنائية بخطى ثابتة، وقد قال أصدقاء يمنيون عن تلك الفترة، "العصر الذهبي" للعلاقات الثنائية.
وقد تعاون البلدان في مجالات الاقتصاد والتجارة ومقاولة المشروعات والعمالة والاستثمار، فازداد حجم التبادل التجاري بينهما ضعفا في سنتين، ونفذت مشروعات الاتصالات وبناء الطرق والجسور والثروة السمكية بصورة جيدة. ودخل التعاون بين البلدين مجالا جديدا، هو البترول.
اليمن الذي يجاور السعودية- أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم- اعتُبر بلدا فقيرا في البترول منذ زمن طويل، وكان ذلك شيئا محيرا لكثيرين. في الواقع قام بعض الجيولوجيين الأوروبيين باستطلاعات جيولوجية في اليمن في القرن الثامن عشر واشتدت رغبة الأوروبيين في التنقيب عن الموارد المعدنية باليمن في القرن العشرين. في عام 1952 أكد عالم ألماني لأول مرة وجود البترول في اليمن. وجاء عديد من الشركات الأجنبية إلى اليمن للتنقيب عن البترول في خمسينات وستينات القرن العشرين.
من ديسمبر 1970 إلى يوليو 1971، وتلبية لدعوة حكومية، بعثت الصين فرقة لاستكشاف البترول في منطقة للصخور الرسوبية مساحتها 200 ألف كم مربع، واكتشفت ثماني نقاط بها دلائل لوجود البترول، فأبلغت الطرف اليمني هذه النتيجة وقدمت كل معلومات الاستطلاع لحكومة اليمن.
دخل اليمن مرحلة إنتاج البترول في ثمانينات القرن العشرين. بعد أن توليت منصب السفير لدى اليمن أوليت أهتماما كبيرا لتعزيز التعاون بين الصين واليمن في مجال البترول والغاز. كنت أواجه مهمتين: تنفيذ استيراد الصين للبترول من اليمن، ومناقشة مشاركة الشركات الصينية في التنقيب عن واستخراج البترول في اليمن. بعد فترة من العمل وجدت أن عملية استيراد البترول تجرى بسلاسة، لكن المهمة الثانية تواجه صعوبات كبيرة من ناحيتين: الأولى، أن شركات البترول الصينية ليست لها خبرة طويلة في الاستثمار بالخارج ومن ثم فإن الجانب اليمني لا يعرف مستوى وقدرة وخبرة هذه الشركات. الثانية، هي محاولات الإعاقة من جانب شركات البترول الغربية التي كانت تحتكر في تلك الفترة التنقيب عن واستخراج البترول باليمن، ولا تريد أن تدخل الشركات الصينية هذا القطاع.
خلال زيارة الرئيس صالح إلى الصين في فبراير 1998، طرح الرئيس جيانغ تسه مين فكرة التعاون في هذا المجال رسميا في محادثاتهما، ووافق الرئيس صالح. بعد تلك الموافقة، تشاورت مع نائب رئيس اليمن عبد ربه منصور هادي ووزير البترول حول الموضوع أكثر من مرة. والحقيقة أن الجانب اليمني كان يولي للموضوع اهتماما كبيرا، ومن هنا قرر نائب رئيس اليمن أن يكون وزير البترول ضمن الوفد الذي سيرأسه في زيارة للصين. في بكين، تشاور نائب الرئيس منصور هادي وبحث بعمق هذا الموضوع مع قادة الصين، وقام، مع وزير البترول، بزيارة قاعدة التنقيب الفيزيائي الصينية في مدينة تشوتشو لاستطلاع أحوال شركة البترول الصينية على الطبيعة.
بعد عودته إلى اليمن قال منصور هادي إن الجانب اليمني لم ير فقط النوايا الحقيقية للجانب الصيني للتعاون البترولي، بل رأى قدرة ومستوى وخبرة وكفاءات الطرف الصيني في التنقيب عن واستخراج البترول. لم يمض على ذلك وقتاً طويلاً حتى أبلغتني الجهة اليمنية المعنية بأن اليمن قرر تخصيص قطعة من الأرض للجانب الصيني بدون إجراء مناقصة، لتقوم الشركات الصينية بالتنقيب والاستخراج. هكذا دخلت الشركة الصينية للبترول قطاع البترول والغاز اليمني.
شي هوي فانغ: الصينيون بناة الطرق في اليمن
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، قدمت الصين لليمن مساعدات اقتصادية كثيرة، وأقيمت بين البلدين علاقات صداقة وتعاون. خلال خمسين عاما نفذت الصين عشرات المشروعات في اليمن، وأبرزها مشروعات الجسور والطرق، فقد ترك البناة الصينيون أياديهم البيضاء في كل محافظات اليمن. بذلوا عرقهم ودماءهم، وحياتهم أيضا، وبعضهم الآن يرقد تحت ثرى اليمن، في مقبرة الشهداء الصينيين.
وسوف يذكر التاريخ دائما أن طريق صنعاء- الحديدة الذي بناه الصينيون في الفترة من نهاية الخمسينات إلى ستينات القرن العشرين لعب دورا كبيرا في إسقاط الحكم الملكي باليمن وتأسيس الجمهورية، ولا عجب أن أطلق عليه اسم"طريق الثورة"، وصار رمزا للصداقة الصينية اليمنية.
إجمالي طول هذا الطريق 46ر231 كم. ابتداء من نوفمبر عام 1958 بعثت وزارة المواصلات الصينية 519 شخصا على التوالي إلى اليمن لمسح واختيار الخط، ووضعت تصميم الطريق. بدأت الفرقة الصينية لخبراء الطرق البناء في فبراير 1959، وأنجزت هذا المشروع الضخم في يناير 1962، كان طريق صنعاء- الحديدة أول طريق عام بنته الصين الجديدة في منطقة غربي آسيا وشمال أفريقيا. لم يكن مشروعا سهلا، ولهذا بعث مكتب التعاون الاقتصادي بوزارة المواصلات الصينية أقوى فرقة خبراء لتنفيذه.
أثناء بناء الطريق واجه البناة صعوبات جمة، من صخور ضخمة وحصى في مناطق جبلية غير مأهولة، إلى صعوبات الإمداد بالطعام وماء الشرب والماء اللازم للعمل. تحمل البناة الصينيون أشعة الشمس الحارقة في النهار وعويل العواصف في الليل، لتمهيد دروب بأقدامهم بين الجبال يمكن عبرها نقل مستلزمات وماكينات تنفيذ المشروع إلى ميدان العمل، وفي أحيان كثيرة كانوا يحملون هذه الأشياء على أكتافهم إلى مواقع العمل.
الحُديدة التي تطل على البحر الأحمر، كانت أكبر مدينة مينائية باليمن. في الصيف تبلغ درجة الحرارة العظمى في الظل 45 درجة مئوية، وتصل 60-70 درجة مئوية على سطح الأرض، فيذوب البرسيكس وينضج البيض، أما الرطوبة فخانقة، تصل إلى نسبة 80-90%. في ظل هذه الظروف المناخية واجه الصينيون مشكلتين، مشكلة تقنية، تمثلت في كيفية توفير طبقة اسفلت للطريق تتحمل الحرارة المرتفعة. ومشكلة معيشية، هي تحمل البناة هذه الحرارة والرطوبة.
بعد البحوث والتجارب المتكررة، استخدم التكنولوجيون الصينيون أحدث تكنولوجيا في ذلك الوقت واستخدموا قارا عالي النوعية يتحمل أشعة الشمس القوية ودرجة الحرارة العالية. ونظرا للظروف الواقعية، كان البناة يعملون في الهواء الطلق تحت الشمس الملتهبة، كما لم تتوفر لهم ظروف نوم مريحة في الليل. كان كثير منهم يرش الغرف بالماء ويفرشونها بالحصائر ليناموا عليها. بعد أيام طويلة أصيب كثير منهم بالروماتيزم.
طريق صنعاء- الحديدة رمز للصداقة بين الصين واليمن، ومعلم عظيم أقامته الفرقة الصينية للخبراء لتطوير علاقات التعاون بين الصين واليمن.
طريق صنعاء- صعدة مشروع آخر ساعدت الصين اليمن في بنائه، إجمالي طوله 07ر244 كم، يرتفع 1800 متر عن سطح البحر. بدأ العمل به في سبتمبر 1967، وانتهى في سبتمبر 1977، وقد تواصل تنفيذ المشروع أثناء الحرب باليمن.
إجمالي طول الطريق المؤدي من عمران إلى لحج 03ر77 كم، بدأت فرقة الخبراء الصينيين العمل به في سبتمبر 1974، وبدأ تشغيله كله في سبتمبر 1982. وكانت الخطورة أبرز سماته، حيث تقع على امتداده جبال عالية ذات تكوين جيولوجي معقد. أثناء العمل صادف البناة الصينيون صعوبات لا تخطر على بال أحد، وكان انهيار الجبال الخطر الأكبر. وقد دفن بعض الصينيين بين صخور الجبال نتيجة الانهيارات الجبلية المفاجئة فضحوا بحياتهم من أجل بناء الطريق.
قبل تشغيل هذا الطريق كان أبناء لحج يسافرون إلى صنعاء عبر الحديدة. لكن هذا الطريق قصر المسافة من لحج إلى صنعاء 260 كم، فلعب دورا هاما في تسهيل المواصلات بلحج وتنمية محافظة لحج.
جسر الصداقة الصينية اليمنية مشهد رائع في مدينة صنعاء. في يوليو 1999 وقعت حكومتا الصين واليمن اتفاقية بناء هذا الجسر بتمويل من الصين بلغ 30 مليون يوان. بدأ المشروع في مارس 1999، وافتتح في إبريل 2000، وبدأ تشغيله يوم 13 إبريل من نفس العام. بعد الاستخدام التجريبي لمدة سنة، تسلم الجانب اليمني الجسر رسميا. لعب هذا الجسر دورا فعالا في تخفيف صعوبة المواصلات في صنعاء.
(شي هوي فانغ: دبلوماسية بسفارة الصين لدي اليمن)
لياو وي: من في اليمن لا يعرف أطباء لياونينغ
مقاطعة لياونينغ الواقعة شمال شرقي الصين، من أوائل المقاطعات الصينية التي بعثت فرقا طبية إلى اليمن، فمنذ عام 1966 أرسلت نحو 1600 فرد طبي إلى اليمن.
في عام 1967 توجهت فرقة لياونينغ الطبية إلى ميدان الحرب واشتركت في الدفاع عن صنعاء، واعترافا بهذا الفضل قرر الرئيس اليمني عبد الله صالح أثناء زيارته للصين عام 1987، منح وسام الجمهورية اليمنية من الطبقة الثانية لأعضاء الفرقة الذين اشتركوا في حرب الدفاع عن صنعاء وهم: تشانغ تشي تشيانغ، لي تشون لين، يوي ون جيه، وما شي ليانغ. كان عدد الفرقة الصينية أكثر من 130، عملوا في صنعاء التي ترتفع أكثر من 2300 متر عن سطح البحر وفي الحديدة الحارة وتعز وغيرهما من المدن بجنوب اليمن.
السماح للأطباء الصينيين بدخول
عنبر الأمراض الداخلية
في بداية فترة عمل فرقة الطب الصينية في مستشفى الجمهورية بصنعاء كان المستشفى يمنع دخول الأطباء الصينيين عنابر الأمراض الداخلية. وذات يوم أصيبت سيدة عمرها أربعون سنة بسكتة دماغية أثناء الوضع في عنبر للأمراض الداخلية. وبرغم عمليات الإسعاف التي قام بها الأطباء السوفيت والمصريون واليمنيون الموجودون بالمستشفى، ظلت حياة السيدة مهددة بصعوبة التنفس.
في تلك الأثناء تذكروا الأطباء الصينيين، وذهبوا برسم قلب المريضة إلى الطبيب الصيني دنغ تشونغ شين الذي أكد أن رسم القلب ليس صحيحا. بعد فحصه أكد أن المريضة أصيبت بسكتة رئة حادة، وقدم خطة علاج جديدة ساعدت في انقاذ المريضة. بعد ذلك أنقذ هذا الطبيب الصيني العديد من المرضي، الأمر الذي ترك صدى واسعا بالمستشفى. وتقرر إلغاء نظام منع الأطباء الصينيين من دخول عنابر الأمراض الداخلية.
عملية جراحية والأرض تهتز
صباح يوم من شهر مارس عام 1982، وبينما كان الأطباء من الصين واليمن والاتحاد السوفيتي ومصر يجرون عملية إزالة حصوة كلى لمريض يمني في مستشفى الجمهورية صاح الطبيب الصيني خه تشن تشيوان: هزة أرضية! فهرب الجميع من غرفة العمليات إلا ثلاثة صينيين، أتموا العملية الجراحية بصعوبة في ظل هذا الوضع الخطير. قال الطبيب خه تشن تشيوان، إن شعورنا برسالتنا السامية والمسؤولية الكبيرة تجاه إنقاذ حياة المريض جعلنا نستمر في العملية.
والله، اشكرك أيها الطبيب العظيم!
أصيب المواطن اليمني محسن أحمد بالاحتشاء الدماغي عام 1988، وشلل النصف الأيسر من جسمه، ولم يبخل بالمال لعلاج مرضه هنا وهناك.
سافر إلى ألمانيا في مارس 1989 للعلاج وعاد يائسا. بعد ذلك سمع أن في اليمن بعض الأطباء الصينيين، فذهب إلى طبيب الوخز بالإبر تيان وي تشو. بعد أن قام الطبيب بالفحص الدقيق للمريض قال إن مرضه يمكن علاجه بالوخز بالإبر. بعد بضع عشرة جلسة علاج بالوخز بالإبر بدأ المريض ينزل من السرير ويمشي مستندا على عكاز، ثم ترك العكاز ليمشي بنفسه. من أجل التعبير عن امتنانه قدم محسن ساعة يد ومجوهرات هدية للطبيب، فرفضها. أخيرا كتب محسن رسالة قال فيها: والله، أشكرك أيها الطبيب الصيني.
إنقاذ مريضة من قلب المشرحة
في مستشفى الثورة بتعز اتخذ ممرض يمني الاستعدادات لنقل مريضة مغمى عليها ومشرفة على الموت إلى غرفة حفظ الجثث، ولكن طبيبا صينيا تدحل وقال إن المريضة لا تزال تتنفس فأعادوها إلى حجرة الإسعاف، بعد عدة أيام، عادت الحياة إلى المريضة وشفيت أخيرا. وقد ظلت هذه الواقعة حديث أبناء اليمن، الذين قالوا إن الأطباء الصينيين عظماء.
في عام 1978 أجرت فرقة الطب الصينية في تعز 30 جراحة قلب، نجحت جميعها. وقد أثنت أجهزة الإعلام على هذا الإنجاز وأعربت عن الشكر والتقدير لفرقة الطب الصينية التي أجرت أول جراحة للقلب في اليمن. منذ ذلك الوقت، قررت حكومة اليمن عدم السماح بعلاج مرضى القلب في الخارج إلا بعد تشخيص الأطباء الصينيين.
عمل الأطباء الصينيون من مقاطعة لياونينغ 27 سنة في اليمن، حققوا نتائج طبية رائعة وغرسوا بذور الصداقة بين الشعبين الصيني واليمني.
(لياو وي: إداري بمصلحة الصحة لمقاطعة لياونينغ)
تشنغ بوه رونغ: كنت مدرس تقنية في اليمن
عملت في اليمن مرتين، الأولى في عام 1972، واستمرت أربع سنوات حيث عملت في مدرسة صنعاء الثانوية للتقنيات، والثانية في عام 1982، واستمرت لمدة سنتين حيث عملت في مدرسة تعز للتقنيات.
في أغسطس عام 1972، كان قد مضى على زواجي ثلاثة شهور، ولكنني فارقت زوجتي وتوجهت مع عدد من رفاقي الشباب إلى العاصمة اليمنية صنعاء. في ذاك الوقت لم يكن في صنعاء مطار دولي حديث، فركبنا طائرة روسية إلى ميناء الحديدة، ثم نقلتنا سيارة قطعت طريقا جبليا وعرا يمتد على أكثر من 200 كيلومتر إلى صنعاء.
في عام 1972 كان دخان الحرب الأهلية في اليمن يتلاشى ولكن أنقاض الحرب كانت تكسو العاصمة، التي لم يكن بها بناية واحدة لائقة، ولهذا فإن مدرسة صنعاء الثانوية للتقنيات ذات اللون الأصفر الفاتح كانت مميزة بين أنقاض الحرب، لدرجة أنه كان يمكن تمييزها من مسافة بعيدة. هذه المدرسة التي أنشئت سنة1970، قدمتها الصين هدية لليمن. تتكون المدرسة من بناية التدريس ومصنع تعليمي والمختبرات الفيزيائية والكيميائية وورشة وبناية لسكن الطلاب والمدرسين ومسجد الخ.
تلبية للاحتياجات الطارئة للتطورات الاجتماعية في اليمن، أنشئ في المدرسة قسم لإصلاح السيارات وقسم للهندسة المعمارية، في سنة 1970 بدأت المدرسة قبول الطلاب للدراسة في المرحلتين الإعدادية والثانوية. مدة الدراسة بها خمس سنوات، في الثلاث سنوات الأولى كانوا يدرسون اللغة الصينية والرياضيات والفيزياء والكيمياء ومبادئ الميكانيكا وتصنيع المعدن بالإضافة إلى المقررات الإجبارية مثل اللغة العربية والتربية الدينية؛ وفي السنتين الأخيرتين يكون التركيز منصبا على المواد التخصصية وإتقان نوع من المهارات من أجل خدمة المجتمع، كما كان الطرف الصيني يوفر للطلاب المتفوقين فرصا لمواصلة الدراسة في الجامعات الصينية.
كان الجانب الصيني يتحمل مسؤولية التدريس بينما يتحمل الطرف اليمنى المسؤولية الإدارية. ضمانا لتحقيق أهداف التدريس، بعثت الصين بفرقة تدريس قوية ضمت أولا مجموعة من الأساتذة المتفوقين من الجامعات بشانغهاى وشيآن وثانيا التقنيين ذوي الخبرة في التدريس وثالثا أكثر من عشرة مترجمين للغة العربية تم اختيارهم من كل جامعات اللغات في الصين.
كانت الفرقة تعمل بقلب واحد وإرادة واحدة فاستفاد أعضاؤها من بعضهم البعض، حيث درس الأساتذة اللغة العربية بمساعدة المترجمين، ودرس المترجمون مناهج العلوم والتكنولوجيا. كان كل مترجم يدرس مادتين أو ثلاثا، فقد كان المترجم مطالبا باستيعاب المعارف ومعرفة عدد كبير من المصطلحات وشرح الدرس بلغة عربية سهلة ومفهومة.
تمتعت مدرسة صنعاء الثانوية للتقنيات في السبعينيات بسمعة طيبة في داخل اليمن. وربما يرجع ذلك إلى سببين، أحدهما أن حجم المدرسة كان كبيرا والمعدات والتجهيزات فيها والمصنع والمرافق الملحقة بها حديثة، فقد كانت هي الأحدث، في ذلك الوقت، في اليمن بل وفي كل دول الخليج. السبب الآخر أن الصينيين ابتكروا طريقة تدريس متميزة وفعالة، تتمثل في التدريس باللغتين الصينية والعربية. كان الأستاذ الصيني يصعد منصة الفصل في بداية الحصة يرافقه مترجم. يبدأ المدرس الشرح باللغة الصينية محاولا استخدام العبارات العربية التي يعرفها لإثارة انتباه الطلاب، ثم يترجم المترجم ما قال المدرس إلى العربية.
حقق هذا الأسلوب نجاحا كبيرا، فقد كان الطلاب يفهمون الدرس. وبمرور الوقت اكتسب المترجمون معارف وعلوم وخبرة في التدريس، فاستطاع عدد منهم أداء مهمة التدريس بالكامل دون المدرس المتخصص، أما المدرسون فابتكروا لغة خاصة تجمع بين العربية الفصحى والعامية والصينية والإنجليزية ولغة الإشارة من أجل توصيل المعلومة للطلاب، الذين تعودوا من جانبهم على هذا الأسلوب وأصبحوا تدريجيا قادرين على التحدث مع مدرسيهم باللغة الصينية فزال حاجز اللغة وحققت العملية التعليمية تقدما كبيرا. استطاع طلاب الصفوف العليا في قسم الهندسة المعمارية قراءة ماكيتات التصميم وإجراء الحسابات المعمارية وعمل التصميمات البسيطة، واستطاع طلاب الصفوف الأعلى لقسم السيارات معرفة أعطال السيارات وإصلاحها، بل إن العاملين والمعماريين اليمنيين في المصنع التعليمي تعلموا الكثير من المهارات وأصبحوا رجالا أكفاء في مختلف المجالات.
مع تزايد تأثير المدرسة في اليمن، بدأت مختلف الأوساط في اليمن تعلق آمالا كبيرة عليها، فزارها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكبار المسئولين، بل زارها رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وملك كمبوديا السابق نورودوم سيهانوك، وأثنوا عليها.
كان طلاب المدرسة يأتون من كافة أنحاء اليمن من أسر الفلاحين والرعاة.
كانوا أطفالا أبرياء يفتقرون إلى المعارف البسيطة لدرجة أنهم لا يستطيعون حل المسائل الرياضية البسيطة ولا يفهمون المعادلات الفيزيائية برغم ذكائهم. كان ذلك عقبة في طريق تقدمهم في الدراسة، إضافة إلى معيشتهم بعيدا عن أهلهم.
ولكن ثقتهم بالصينيين الذين سمعوا عنهم من أهلهم كانت كبيرة، فالصينيون أصدقاء اليمنيين، ساعدوهم في بناء أول طريق عام وأول معمل صبغ وطباعة، والآن يساعدوهم في التعليم، لذا، وثق الطلاب وأهلهم بأن الصينيين يعملون من أجل تنمية اليمن بجد وصدق.
أمام ثقتهم، شعرتُ بمسؤولية كبيرة وعقدت العزم على بذل أقصى الجهود لتعليم وتدريب هؤلاء الأطفال ليصبحوا لبنات نافعة.
مثل كل الصينيين، بقيت أربع سنوات في مدرسة صنعاء للتقنيات، كنت مدرسا للغة الصينية ومترجما لمقررات الكيمياء وهياكل السيارات وإصلاح السيارات وتصنيع المعادن الخ. تجاوز عدد تلاميذي المائة. كانت علاقتي معهم داخل قاعة الدرس علاقة معلم وتلميذ وخارجها علاقة أشقاء. في هذه السنوات الأربع، حُرمت من سعادة أسرتي، حيث كنت بعيدا عن أسرتي وزوجتي، ولكن عندما رأيت طلابي وقد تعلموا معارف ومهارات تنفعهم ويشقون طريقهم في الحياة رضيت كل الرضا.
وعندما عدت إلى بكين في سنة 1976، كان طفلي البالغ من العمر ثلاث سنوات يناديني "بابا".
بعد ست سنوات من عودتي للصين، سافرت إلى اليمن مرة ثانية للتدريس في مدرسة تعز للتقنيات لمدة سنتين، في خلال هذه السنوات الست شهد اليمن تطورات جذرية، حيث تم بناء مطار في صنعاء وانتشرت المشاريع المعمارية. في مجال التعليم، تشكلت فرق تدريس من المعلمين اليمنيين المتخصصين، منهم العائدون من الدراسة في الصين، من بين خريجي أول دفعة في مدرسة صنعاء للتقنيات، وارتفع مستوى الطلاب الملتحقين بالمدرسة، لذلك كانت تكفيهم سنتان أو ثلاث للدراسة قبل العمل. خلال هذه السنوات الست كانت الصين مستمرة في زيادة توسيع مساعداتها لليمن لتشمل مجالات أكثر، وتزايد التفاهم و التعاون بين البلدين، وفي ظل تلك الأجواء الودية كنا نؤدي مهمتنا التعليمية بدون عائق، وحظيت بحب أولياء أمور الطلاب وقبول المجتمع اليمني، ومضت السنتان سريعا، ولكن قبل أن أرجع إلى الصين جاء خبر سار بأن البترول اكتشف في مأرب بكميات كبيرة، مما يبشر بأن غدا مشرقا ينتظر اليمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.