خاضت طالبتان غربيتان تجربة العيش المشترك مع عائلات يمنية في إطار برنامج تطبيقي جامعي يستهدف التعرف على نمط العائلة والمجتمع في دول العالم الثالث. وأمضت الألمانية إسترد (24 عاماً) وزميلتها الهولندية لوتيه (23 عاماً) مدة شهرين ضمن عائلات يمنية في مدينتي تعز وصنعاء للتعرف على طبيعة العيش في المجتمع اليمني. وذكرت استرد ولوتيه الطالبتان في جامعة اولدن بورج الألمانية لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن زيارتهما لليمن كشفت لهما كم هو هذا البلد زاخر بعديد من العادات والتقاليد والمفارقات. وروت استرد ولوتيه بعض انطباعاتهما بدءاً من استغراب الأطفال والمارة لمنظرهما: "ربما اعتبرونا غير محتشمات" إلى كرم الضيافة عند اليمنيين "حتى عند أولئك الذين هم فقراء". وكذا الفصل بين النساء والرجال "كنا نعتقد أن النساء معزولات عن اتخاذ القرارات فقط وليس أيضاً في الحياة الاجتماعية".. وأتيح للوتيه واسترد صعود جبل صبر وزيارة مدينة التربة تعز وكذا دار الحجر وبيت الموروث الشعبي، كما استمعتا إلى موسيقى يمنية وشهدتا حفلات زفاف وحلقات رقص صنعاني. وأشارت الطالبتان الغربيتان إلى الترابط الكبير بين الإسلام والمجتمع في اليمن "معظم الذين قابلناهم تحدثوا عن دينهم فقط ولم يحدث أن تحدثوا عن ديننا" وقالتا: "طبقاًً للعائلات التي عشنا معها هناك إمكانية للعيش المشترك بين غربيين ويمنيين". لكنهما اعتبرتا أن هذا "ربما ارتبط بطبيعة هذه العائلات التي عشنا معها؛ فهي منفتحة ومن صنف الأسر التي تتمتع بقدر عالٍ من التعليم أو الثقافة ولديها أفكار متحررة". وقالت استرد: "الأسر التي عشنا معها احترمت خصوصيتنا ووفرت لنا غرفة مستقلة". مشيرة إلى اختلاف العائلة في اليمن عما هي في الغرب لاسيما من حيث حجم العائلة "الكل يسكن في مكان واحد فيما يستقل الفرد الغربي مبكراً".. وروت استرد الطالبة في مجال العلوم الاجتماعية (تعليم متعدد الثقافات) وزميلتها لوتيه (تخصص اقتصاد وعلوم سياسية) أنهما وفي ليلتهما الأولى في اليمن نهضتا فزعتين؛ إذ ظنتا صوت تسابيح صلاة الفجر صفارة إنذار.. وهذا أمر قد يبدو فعلاً مفاجئاً لمن لم يألف المعيش في مدن يمنية.. وسبق للسلطات المختصة لاسيما في العاصمة صنعاء أن عممت للقائمين على المساجد عدم فتح مكبر الصوت الخارجي قبيل أذان الفجر، وخاصة في الأماكن التي تقع فيها فنادق. وأبدت الفتاتان إعجابهما بجمال الطبيعة لكنهما أشارتا إلى أن الحياة في اليمن بطيئة والمواعيد هنا لا معنى لها. وكانت استرد ولوتيه قد قدمتا إلى اليمن في 15 فبراير الماضي في إطار برنامج تعاون بين ملتقى المرأة للدراسات والتدريب وجامعة اولون بورج الألمانية. وقالت سعاد القدسي/رئيسة ملتقى المرأة: إن البرنامج يقضي بتبادل الخبرات وتنفيذ دراسات وأبحاث مشتركة. وأفادت القدسي أنه ومنذ بدء البرنامج قبل نحو سنتين تم استقبال أكثر من 45 من طلاب وأساتذة بجامعة اولدن بورج جاءوا على دفعات.. مشيرة إلى أن الملتقى يستعد لإرسال مجموعات من العاملين فيه إلى ألمانيا في دورات قصيرة تستهدف التعرف على طبيعة المجتمع الألماني وتنمية الخبرات. وكشفت القدسي لوكالة «سبأ» عن تبرعات نقدية جمعها عدد من طلاب جامعة اولدن بورج لصالح بناء سقف لمنشاة تعليمية خاصة بفئة المهمشين (الأخدام) في مدينة تعز بعدما اطلعوا على وضعها السيئ. مشيرة إلى أنها تواصلت مع السلطات المحلية في المحافظة إلا أنهم لم يبدوا استعداداً بدعوى أن الأرض المقامة عليها المنشأة ربما كانت ملك أشخاص.. واستغربت القدسي تقاعس قيادة المحافظة في تدبير حل بحيث لا يحرم هؤلاء من المبلغ المتبرع به. وكانت لوتيه واسترد قد مكثتا أربعة أيام في منزل أروى عبده عثمان/رئيسة بيت الموروث الشعبي، ومنصور هائل/رئيس تحرير صحيفة «التجمع» وهي الأسرة الوحيدة في صنعاء التي نزلت عندها لوتيه واسترد إلى جانب أسرتين في تعز. وذكرت أروى ومنصور أنهما لم يشعرا بكلفة في التعامل مع الفتاتين، وحاولا أن يتصرفا معهما وكأنهما من أفراد الأسرة. وفي حين قالت هند (18عاماً): إن التجربة كانت جيدة، حيث استفادت من تطوير لغتها الانجليزية أثناء بقاء استرد ولوتيه عندهما، إلا أن أم هند أشارت إلى حاجز اللغة. وقالت أروى: إن عدم امتلاكها لزمام اللغة الأجنبية حال دون مزيد من التفاهم. وكانت أروى تطبخ الملوخية، فيما ظلت الصغيرة مريم تداعب لوتيه بإعطاها قصاصات وبعض أوراق الملوخية، إلا أن لوتيه لم تبد انزعاجاً وبدا المرح عليها وعلى زميلتها. وقالت أروى: إنها أخذت في تكييف الوجبات طبقاً لذوق استرد ولوتيه اللتين لا تتناولان اللحوم.. مشيرة إلى أنها وجدت في هذا فرصة لحث أسرتها على التخلي عن اللحوم .. ونفت استرد ولوتيه أن يكون امتناعهما عن تناول اللحوم بتأثير لمعتقدات هندية. وقالت استرد إن 9 بالمئة من الألمان نباتيون. وفي منزل أروى بشارع هايل في صنعاء أتيح لاسترد ولوتيه مشاهدة قنوات أجنبية وتصفح الانترنت، وعند سفرهما بعثتا باقة ورد للأسرة.