عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية القص - قص الرواية
نشر في الجمهورية يوم 13 - 05 - 2007


ما الرواية؟
ترى هل تقدر الرواية أن تحقق فينا رغبتنا بأن نقف على ربوة عالية وقد على قمة جبل لنقول:
هانحن هنا،بعد أن نكون قد أشرفنا على المساحات والمسافات المحيطة، ورأينا كل مايتخذ لنفسه زاوية ما أياً كانت، في هذا الوادي أو ذاك، عند ذلك المستنقع أو تلك البركة، وقد بجوار جذع يابس، أو عند شجرة مثمرة؟
هل تقدر الرواية على ذلك؟
وما وسيلتها في جعلنا نتسلق ذلك الجبل دونما شعور بالاعياء أو بالضجر ونحن مانزال قابعين حيث نحن، فلا جبل ولاقمة، حقيقة وواقعاً؟
لاشك أن محاولة الروائي تحقيق ذلك الهدف أو تلك النية المسبقة في تسلق القمة، تجري في مكان وزمان وبوساطة شخصيات.. والذي مابين المكان والزمان والشخصية علائق ووشائج،كتلك التي كانت بين مرتكزات وعناصر أو مقومات الحدوث في المكان والزمان من قبل محدث، ولكن الذي تختلف فيه الرواية وهي موضوع لتبين الحدوث بوصفه فعلاً روائياً، هو أنها أن تكون فاعل الحدوث بعد أن كان وسط الحدوث الذي يقوم به الراوي..
فالرواية منفعل من حيث هي جهة الراوي، وفاعل من حيث جهة القارئ، بل إن القارئ نفسه حينما تكون الرواية ناجحة وفقاً للمعايير البلاغية له أن يكون فاعلاً ومحدثاً متخذاً من المادة الروائية وشكلها الفني وسيلة لذلك الفعل، أما الروائي أو الكاتب فهو الآخر منفعل قبل أن يكون فاعلاً بوساطة الرواية.
فالرواية مظهر فني بلاغي لانفعال الكاتب بما هو موجود قبل القص، أي بما هو كائن واقعاً لا خيالاً، وما ذاك الكون إلا لأن الروائي إنسان اجتماعي،وإذ هو كذلك فإنه موضوع لحدوث فعل الآخرين والأشياء فيه..
وهكذا يتبين لنا أن الأطراف جميعاً:« الإنسان ،الإنسان الكاتب، الإنسان القارئ» تمارس لعبة الفعل والانفعال من خلال العمل الروائي الذي من سماته التكوينية، سعة مساحته المكانية والزمانية ثم كثرة مكوناته، وبالمحصلة كثرة تمظهرات الحدوث الإنساني والمعرفي والجمالي به وفيه ومن خلاله.
الرواية إذاً ليست هي الغاية الكامنة وراء الفعل، إنها الوسط البليغ لحصول الفعل، أو إنها المحمول الحامل الذي للروائي ثم للمتلقي، أن يحمله بوصفه مظهراً، ويحمَّله من عندياته بوصفه ظاهرة.
فإذا تمكن الفعل الروائي من تحقيق صفته التكوينية بوصفه حاملاً، أو بوصفه زالقاً بليغاً للمتلقي ومن قبل للمؤلف في الواقع بوساطة الخيال، كان العمل الروائي بليغاً، على أن ذلك الزلق ليس زلقاً في الجزئي الثانوي الغفل من تمفصلات الواقع وإنما في الكلي والشمولي الإنساني المشترك، وبما يشبه إطلالة ذلك المتسلق الذي وصل إلى القمة، على ماحوله ومايدور ويجري ويحدث في المساحات القريبة والبعيدة.. تلك الإطلالة التي تبئر الحدث لا لأجل التبئير حسب، بل ليكون الحدث منطلقاً إلى استدعاء تمظهرات أخرى للحدوث في مخيلة القارئ والمؤلف.. وكأن الوسيلة التي تحقق للتبئير الروائي بلاغته بوصفه جامع الحدث مكاناً وزماناً وشخصية، هو الخيال الخلاق، فالخيال إذاً هو المكون، الجامع الذي تتكون به الرواية من حيث هي حبكة وشخصية ووصف، وقبل ذلك من حيث هي موقف من الحياة والواقع.
فالرواية إذاً وبقدر ماهي كل ذلك فإنها بناء وتركيب تكويني من خلال اللغة غايته ليس توصيف أو عرض الواقع كما هو حسب، وهذا ماتوفره الحكاية المنسربة خلال القص، وإنما غايته إعادة بناء الواقع بل تشييئه ثانية من خلال الوصول إلى انحرافاته ومايترتب على انحرافاته من تشتيت وهدم لكل ماهو قيمي وإنساني، وما الرواية بعد ذلك كله إلا خيال لغوي مشابه لكل الخيالات أو الأخيلة الأخرى التي نبدعها حين التصدي لشرح وتنظيم تجربة مالنبين الواقع«1»... وبموجب هذه الحقيقة البلاغية الجامعة للعمل الروائي، موقفه من الحياة وبنائه لانموذجها المقترح، عرضه للواقع وإعادة بنائه،ارتكازه على الشخصية والحبكة والوصف والعرض وتكوينه لذلك كله من خلال الشكل.. بموجب هذه الحقيقة الجامعة نعيد النظر في الجامع الابداعي بعامة، والجامع الشعري بخاصة، ألا وهو جامع الخيال فنرى إلى ذلك الجامع المكوِّن من حيث هو مستوى أو نمط إدراكي لمؤلف العمل وقارئه وطبيعة العمل المائزة، على أنه مظهر آخر لرجاحة البلاغي وهو يحاول أن يستقرئ تلك العلاقات التكوينية المكنونة فيما بين المظاهر الابداعية جميعاً، ومنها المظهر الروائي..وكما اختلفت وتختلف بلاغة الظهور باختلاف القدرة الخيالية شعراً. اختلفت وتختلف بلاغة الظهور باختلاف القدرة الخيالية قصاً.. وبموجب هذا الاختلاف نرى إلى الرواية وهي تتكون منذ القرن السابع عشر والثامن عشر غربياً، ومُذ ماقبل ذلك عربياً وأن ثمة مسميات أخرى ومظاهر مختلفة، على أنها دوماً كانت بحاجة إلى الخيال الشعري لتولد بعد موات، وليس الذي يستلزمه ذلك الخيال أو الذي هو لزيمه إلا «فهماً جديداً لطريقه تنفيذ هذا الخيال روائياً«2» ».. ولكن الذي لابد من الانتباه إليه هو أن ارتكاز الرواية أو انطواء المظهر الروائي على ظاهرة الخيال، لايعني ميل الرواية، أو رجحان كفة الشكل من كفتي الفعل الروائي على حساب النزعة الطبيعية للرواية نحو الواقعي والواقعية.. فالواقعي هو المكون الكامن خلف الشكل الروائي على حساب النزعة الطبيعية للروائة نحو الواقعي والواقعية..
فالواقعي هو المكوّن الكامن خلف الشكل الروائي وليس العكس، وما ارتداد الرواية لفحصها ذاتها الروائية بين الفنية والأخرى من خلال تغيير تمظهرها الشكلي أو اللغوي، أي من خلال إعادة النظر في وسائلها السردية، إلا نتيجة طبيعية لارتداد الإنسان على نفسه، وللإنساني والقيمي والوجداني المكنون في صلبه، وليس الذي يترتب على ذلك الارتداد إلا ارتداد الواقع الذي حرفته مسارات الحدوث المادي عن مداراته الكونية.. وهذا ما يدعونا إلى النظر إلى الارتدادات الشكلية الابداعية بعامة والروائية بخاصة، خاصة تلك التي ينادي بها دعاة التجريب، نظرة حذر وتفحص وتبين، قبل الاعتبار بها والمناداة بضرورتها .. فالارتدادات الشكلية مزلق من مزالق المخيلة حينما لاتكون منبثقة من صلب الارتدادات الإنسانية والواقعية.. وإذ هي كذلك فإنها معبر سهل جداً لأولئك الذين لايقدرون على الإمساك بقراءة بليغة للواقع، فيعدلون إلى تقويله من خلال تقويل الشكل مالم يقله المعنى الأدبي، أي من خلال تكوين الشكل دونما أخذ بنظر الاعتبار صلة المتكون بالمكون والسطح بالعمق والظاهر بالخفي..
فالرواية لاتعني بالضرورة غموضاً في السرد وتعقيداً في التركيب، وقد تقتضي بلاغة الوصول وما يترتب على تلك البلاغة في الاستقراء، قد تقتضي غموضاً وتعقيداً وتشتيتاً، فإذا جاء الغموض بوصفه مظهراً لعمق القراءة، وإحاطة القارئ بالخفي العميق من مساحات المقروء الظاهرة فلا ضير شرط أن لايكون الغموض مقصوداً للغموض، فالرواية ليست موئلاً لفعل المؤلف حسب ولاهي موئل لتزييف الواقع أكثر مماهو مزيف أصلاً، ولا هي ساحة للعب الأطفال، ولاهي كيس الدادائيين وقصاصاته الورقية..
وبالنتيجة فإنها ليست التي يريده مابعد الحداثيين الغربيين والتابعين لهم عربياً، من حيث إن الرواية شكل حسب، شكل يحكمه إيقاع الإنشاء اللغوي دون غيره ربما يعمل على أن يجعل من ذلك الشكل شبيها ببنية اللعبة يمكن أن نقوم بها بالإبدال والتبديل«3» وبحيث سيصير الكاتب والشخصية والقارئ جزءاً من لعبة الشكل فهم خاضعون جميعاً لمنطق الكيس الدادائي، وخيالاته الفاسدة اللاواعية والعاجزة عن البناء والفاقدة القدرة على التماسك.. وما وسيلة الذي يريده الشكلانيون إلا الخيال «وأصبح الخيال الأداة التي من خلالها يمكن اللعب باحتمال وقوع أو حدوث التجربة، سواء أكان أم لم يكن لها معنى، أو سواء وصفت أو لم توصف بالواقعية. «4».
الشكل الروائي ممثلاً ببناءاته اللامنظمة واللامرجعية المكانية والزمانية الواقعية، ورمزيته وأسطورية وحداته الدلالية، وفزيقيته، دليل بلاغي على أن لا رواية بليغة خلفه، ثم لافعلاً روائياً مكوناً له، فهو لايميل إلا إلى وعلى ذاته دونما قدرة على استسقاء مايكمن في العمق من تلك الذات من إمكانات رؤية بليغة، سدلت عليها الحجب حسية صاحبها وفوضويته، ثم عجزه التام عن الإمساك بقضيته، وإذ هو كذلك فإنه عاجز عن إعادة بناء ذاته، وبالمحصلة فهو عاجز عن إعادة بناء الواقع المعيش، لأنه أصلاً لايمكن أن يكون إلا الطرف المتكون لا الطرف المكوِّن من طرفي الحدوث الروائي.
نعم قد لايتساوق المظهر مع الظاهرة، ونعم قد ينحي أحد الطرفين الآخر، ونعم قد يثبت الأول ويتحرك الثاني.. نعم وارد، بل واجب كل ذلك حينما نعرض ذلك ذلك كله على العلاقة فيما بين البنية أو الموضوع المحمول الحكائي، والبنية أو الوسيلة الحاملة السردية أو الشكلية.. فالرواية ليست مستودعاً للوقائع، فهي ليست توثيقاً تاريخياً ولايمكن لها أن تكون كذلك، وإن تقصت الواقع فإنها لاتتقصى الواقع من حيث هو، إنها تتقصى آثاره،وفرق كبير بين صاحب الأثر والأثر، ما الأثر إلا الظاهرة المتحجبة التي بها حاجة إلى سياسة إدراك جمالي بليغ« ولأن الظواهر لاتكون متجلية وراء مظهر خادع؛ فإنها بالتالي تحتاج إلى نشاط هير مونطيقي «..» أي نشاط يقوم على التفسير «..» وهو يقع على عاتق الموجود البشري الذي يحاول فهم الوجود من خلال فهم الوجود نفسه (5) وفي ضوء ذلك نرى إلى المؤلف نرى إلى القارئ على أنهما الموجود البشري الذي يفسر الوجود الروائي، سواء في الواقع من خلال المؤلف أم في العمل من خلال القارئ.. وما الشكل إلا موئل للتفسير، فالشكل الروائي لايمكن أن يكون بليغاً حينما يكون مكشوفاً، إنه دعوة للكشف والاستكشاف وكذلك هو الحال مع المصطلح البلاغي.. فالشكل وكذلك المصطلح البلاغي مشروع حرية قصوى، ولكن الحرية غير الفوضى، وبلاغة الحرية هي أن تكون الحرية منبثقة من صلب القيد، فالمصطلح البلاغي منبثق من صلب النظام الكوني ممثلاً بالنص الكريم، ولابد للشكل الابداعي أياً كان تمظهره أن يتوسم هذه البلاغة، وإلا فإنه سيتهافت تماماً. أما أن تظل الرواية مابعد الحداثوية، أو التجريبية بعامة «تتحرك حول بدايتها بدلاً من أن تتجه إلى نهايتها لأن الرواية التجريبية تتحرك نحو بدايتها لتلاصق خلودها» «6» وهي تقصد من وراء ذلك إلى «إعادة النظام الواقعي إلى حالة الفوضى الأولى والبالية» «7» والهدف من وراء ذلك «لايقل عن السبر والاستنفاد الكاملين والنهائيين لجوهر شكل روائي معين وجعله عديم الجدوى لكل من يحاول استعماله من بعد» «8» فهذا ممالا يمتلك الوعي به الناقد الغربي قبل الكاتب، أو أنه ليمتلك الوعي بسفسطته، ولكنه يسعى من ورائه إلى ماهو أصلاً متكون به، ممثلاً بذلك البريق الخلبي الذي تبرق به سماء العلم التجريبي الغربي، والذي ثبت خواؤه، وبانت خلبيته بعد منجزات أمثال هيزنبرج في علم الفيزياء، ومن ثم بعد عود نظرية المعرفة الغربية إلى القول بالميتافيزيقيا، ثم إلى القول ببلاغة التفكير الغيبي الديني خاصة بعد أن قوضت فلسفة العلم المعاصرة أركان الوضعية التقليدية.. وهذا ماستتبين آثاره بعد حين، أي بعد انطفاء البريق الخلبي لنصوص مابعد الحداثة، وليس أمر هذا الانطفاء ببعيد، لأن المنجز الإبداعي الغربي ومقابله النقدي وليد المنجز الفلسفي وأنموذجه العلمي الفيزيائي الموئل، دون الإحيائي.
فالذي نراه أن الذي مابين البداية والنهاية مواجهة بلاغية لابد من اعتبارها في العمل الإبداعي وخاصة العمل الروائي.. والذي تقتضيه تلك المواجهة هو أن تكون البداية كائنة في صلب النهاية وبالعكس، مع فارق جهة المكون المتكون، حيث الجهة الأولى هي جهة المكون والجهة الثانية جهة المتكون.. فالبداية الروائية هي المختفي والعميق الذي لايظهر أبداً، لأنها أصلاً الحدث الذي مضى وانقضى، وماالعمل الروائي إلا بدء النهاية، وماتمظهرات الشكل الروائي جميعاً ومنذ اللحظة الأولى للبناء الروائي إلا تهيئة لتتبع آثار تلك البداية التي كانت..فالعمل الروائي بتصاعده الدرامي وبتنامي صراعاته وأحداثه يشكل نهايته، ولايتحرك في دائرة بدايته، فإن بقي كذلك استنفد مقوماته ولم يجد مايقوله، وماحجمه الكمي عدد أوراقه إلا حمل كاذب، ومافعله الروائي إلا فعل سطحي يتحرك ضمن مساحة ماهو جزئي، دون ماهو علمي مترابط..أما تشظية الحدث الروائي فواردة جداً، الورود الذي نرى إلى بلاغته المنحازة، حينما يكون ذلك التشظي تفريقاً للحدث على الشخصيات أو تفريقاً للشخصية على الأحداث، أو تفريق هذا وذاك على المكان والزمان، فيخلق كل مظهر من مظاهر التفريق حدثه وتعبر كل شخصية عن موقفها ووجهة نظرها بالحدث الواحد وبحرية مطلقة ولكن كل شخصية عن موقفها ووجهة نظرها بالحدث الواحد وبحرية مطلقة ولكن التعبير لابد أن يخلص إلى نهاية في كل مرة من مرات التفريق، وبالخلوص إلى النهايات المتحققة المنجزة من قبل المؤلف أو المحققة والمنجزة من قبل القارئ يخلص العمل إلى نهايته، ولن يعود أبداً إلى بدايته، لأن العمل المتكون من حيث هو شروع إلى نهايته، يختلف عن بدايته، فالعمل الروائي يحاول أن يقف على نقطة البداية ليقول، وليست البداية عنية إلا بالقدر الذي تكون فيه البداية وسيلة لقوله، أي وسيلة لاختلافه ومفارقته من حيث هي موقف من الحياة والأشياء، أو من حيث هي شكل فني يعمل على استظهار ذلك الموقف.
الذي يريده المعيار البلاغي من الرواية، هو أن تنتهك سطوح الأشياء إذا كانت تلك السطوح قد تصلبت، التصلب الذي يشي بأن لا إمكان لتليين أرضيتها بإنزال الماء عليها من غيمة حبلى بالماء، فلا جدوى لمطر في صخر أو على صخر، فإن كان ثمة لين خلف تلك الصخور الكأداء وبين ثناياها فلابد من المطر، بل يتوجب الاستمطار، وإلا فيجب تليين التربة الروائية من خلال الانتهاك الكلي، أي انتهاك الوابل من المطر، فإذا حدث ذلك الوابل فلا تربة إطلاقاً ولابناء بل تدمير تام، وهاهنا تتعامل التجربة الروائية على أنها «مسوَّدات» النص، التي تتبعها «مبيَّضات» ويجب على الروائي ممارسة هذا التسويد قبل أي كتابة يسعى بها إلى دار نشر، فإن وصلت الكتابة إلى دار النشر، فيجب أن تصل وهي «مبيّضة»، أي فيجب أن تصل وقد عمل فعل الحدوث الذي هو فعل المؤلف على تليين تربة الواقع ثم استزراعه، فالمبيَّضة هي استنبات جديد سمته الأولى والأهم، هي أنه حيوي ومنسجم، وماالحيوية والانسجام، إلا مرحلة مابعد الاستقراء أو مابعد مرحلة البلوغ، أي إنه مرحلة القراءة والبلاغة، وليست هذه المرحلة الكائنة دونما ممارسة انتهاك الوعي قبل انتهاك التركيب النحوي للرواية على الورق، أي أنها انتهاك الروائي لنفسه قبل انتهاكه لغيره، فإذا تم له انتهاكه لوعيه من خلال الفعل الروائي ممثلاً باختلال التعاقب وإعطاء النهايات في البدايات وحذف النقلات وتجاهل التمفصل المستقيم لحركية الوعي، وإحباط جميع الترابطات الفكرية اللغوية المكنونة في العقل..إذا تم له كل ذلك وهو ماينادي به التجريب الروائي ولكن على الورق «9» لا في الوعي كما نريد، إذا تم له كل ذلك ، ترتب على ذلك الانتقال إلى المرتبة الثانية من مراتب الفعل الروائي.
وماهذه المرتبة إلا استخلاص ماوراء تلك التقصيات الإبداعية لمكامن الوعي ولكن بعد ملاقحتها، ولن تلقح دونما تلك الدفقات المقصودة والمسبقة، فإذا لاقحت مراتب الإدراك حسيتها بعقليتها وعقليتها بوجدانيتها والجميع بخياليتها، تبلورت الرؤية الإبداعية، وشف الشكل الروائي عن رؤيته الشفوف الذي لاتسلبه كثافته النوعية ونسيجه البلاغي ودائريته الزمنية وجمعه المكاني، وجوهية شخصياته ، وهاهنا يصير الحيوي سمة الحياة الكائنة في صفحات الرواية والبادية من عليها، فلا خير في المظهر السردي لتلك الحياة وهو يختلف من حيث اتساقه مع اتساق القصد الحيوي للفعل الروائي، ولاخير فيه وهو لايقدر على استظهار تلك الحيوات الكامنة والمكنونة في صلب الواقعي الذي كثيراً مايقدم لنا شخصياته الطازجة التي تفوق في حيويتها ممثلة بثراء مانستخلصه من معاناتها وآلامها وانكساراتها، مايقدمه لنا العمل الروائي وهو يستعين بالخيالي واللاموجود واقعاً.. ومن ثم لاخير فيه وهو لايتساوق في تتابعيته الإبداعية الخاصة مع ماترجوه فيه شخصياته وأمكنته التي ألفها البصر واعتادتها الحاسة في الواقع وماهي كذلك في الحقيقة ولهذا فإنها تطمح بمبدع ينتشلها من مواتها ليعيد عرضها ثانية، العرض الذي يحقق لها كينونتها التي لايقدر الآخرون على تلمسها دونما وجود ذلك الروائي الناجح.. فالسردي هو الممارسة التي ستجد لها مسالكها في أرضية الحكاية الواقعية حينما يمتلك الروائي قدرته على البلوغ، فإذا وجدت لها مسالكها في المتن الحكائي بكل استقامته وميكانيكية حركيته ، استجاب لها الحسي ولقح بفرديتها فالممارسة السردية ممارسة شخصية تماماً، ممارسة حرة تماماً، لها أن تفيد من القوانين المجردة والمقومات المستلة من قبل هذا الناقد أو ذاك ، ولكن الإفادة لاتعني الاتباع، والاستلال لايعني القدسية والتجريد لايعني التقييد، والذي يعنيه كل ذلك هو ممارسة الحرية بعد الوعي بالقيد ومعاناته، وإلا كيف يقدر المبدع أن يستظهر معاناة الآخرين وهمومهم وآلامهم وعذاباتهم دونما أن يمارس هو ، أو دونما أن يتعشق هو أدنى درجات تلك المعاناة، من خلال الوعي بالقيد والانطلاق منه..ثم مماذا..يريد المبدع أن يتحرر إن لم يكن ثمة قيد ينطلق منه في كل مرة من مرات الكتابة، وإلى أي حرية يدعو، إن لم يكن يدعو إلى مابعد الحرية أي إلى الفوضى والعبثية والتدميرية واللا ارادية التي خلفتها حتميات المادة الغربية ومنطقها، مماغاب عن بال الكثيرين من نقادنا، قبل المبدعين.
إما أن تصير الممارسة السردية هي الحدث والمحدث وهي الوسيلة والغاية وهي الأول والأخير وهي البلاغة وبلاغتها، فهذا مايجعل منها سبة، ولن تشفع السردية منظروها وهم يفصلون بين بنية الشكل وبنية المعنى، لصالح الشكل، ثم يفصلون دراسة السرد عن دراسة الفعل الروائي بكليته..لن تشفع سردياتهم لأولئك العاجزين عن استخلاص الحيوية بعد الموات والانسجام بعد اللاانسجام..إما أن يقول من يقول أن اللاانسجام الذي على ورق الرواية يخلق انسجامه لدى القارئ فنقول إن الذي يخلقه حينها ليس إلا لذاذات حسية طارئة مموهة موهمة، إن الذي خلف البرق غيمة مكتنزة بالحياة وليس ثمة غيمة ولا اكتناز!..ويظل القارئ البليغ به حاجة إلى أن يخلق هو لا انسجامه الخاص، ثم يستخلص انسجاماً، ولابد له من أرضية بها حاجة إلى فعله القرائي، فإن لم يكن ثمة انسجام فلا أرضية بالمرة كيما تستدعي فيه تحريك وعيه واستشراف ماوراء العمل استشراف الصاعد نحو القمة.
لابد للسرد أن يرى إلى كل مكون من مكونات الأرضية الروائية مكانها وزمانها وشخصياتها وأحداثها وحبكها، وبدايتها ، عرضها وحلولها..على أن كل مكون من تلك المكونات وجه لغيره، فيعمل على أن يربط بين المكان والزمان والمكان والزمان والشخصية والشخصية والحدث والزمكان والشخصية والشخصية والحدث.. وهكذا بحيث لاتنبثق الشخصية الروائية على صفحة مامن صفحاتها إلا وثمة مكان يعادلها تماماً.. فلا بلاغة للشخصية المهزوزة حينما تنبثق من صلب مكان مقدس، إلا إذا كان الفعل الروائي بمجمله وفقاً بقصد مؤلفة يريد أن يخلق بنية مفارقة يتطلبها الفعل الروائي بمجمله..ولا بلا غة لحدث إلا وذلك الحدث يصلح لأن يكون بديلاً للشخصية، ولابلاغة لزمان إلا والزمان يصلح أن يكون طبق الشخصية، فإذا كانت الشخصية مسطحة جاء الزمان مستقيماً رتيبا متراخياً، وإذا كانت الشخصية متنامية دائرية فاعلة جاء الزمان دائرياً دافقاً سريعاً، يوجب على الروائي والقارئ معاً أن يتخليا عن مطالبة الفعل الروائي البليغ بالتأني الزمني والمتابعة لحركية الزمن ودنما اختصار واختزال وقذف للماضي في المستقبل وللمستقبل في الماضي، فلا استقامة للزمن، ممثلة بالماضي يتعبه الحاضر، يتبعه المستقبل وإنما البلاغة حينما أن يكون الزمان دالاً على الشخصية وهي تستحضر الأزمان جميعاً في لحظة واحدة، لا من حيث هي ذات مجسدة بل من حيث هي بؤرة وعي تصلح أن تلمع أو تقدح أو تتألق في هذا المكان أو ذاك وفي تلك الشخصية أو غيرها ومن خلال ذلك الحدث وصنوه، بغض النظر عن موقف المؤلف من الشخصية كأن يكون متعاطفاً معها أوكارهاً محملاً لها ومقولاً لها ومتمظهراً بها، أو متمظهراً بغيرها.. وهكذا بالنسبة إلى المكونات جميعاً، بحيث يصلح المكون أن يصير مكوناً لغيره، ومتكوناً بغيره.. ولا بلاغة إطلاقاً للتضحية بعنصر من العناصر الرئيسة السابقة للرواية، فالتضحية بعنصر مامن العناصر تعني التضحية بوجه من وجوه القوة الفاعلة أو المحركة للشكل السردي، ثم التضحية بمظهر من مظاهر التجلي الرؤيوي..وإننا وبالعكس تماماً مماينعق به الشكلانيون وتابعوهم ننادي ونتمنى على الروائي أن يضيف إلى عناصر الرواية السابقة عنصراً أو عنصرين أو أكثر، ممايعمل على ثراء رصيدها البلاغي..فالعنصر الروائي أي عنصر ذو وجهين فاعلين، أما الوجه الأول فيتحرك من حيث المكنون والكامن الرؤيوي، وأما الوجه الثاني فيتحرك من حيث السطح السردي، فالعنصر الروائي أي عنصر، هو حاصل لقاء إبداعي وملاحقة بليغة للرؤيا بالسرد وللسرد بالرؤيا، وفق الخطاطة الآتية:
الرؤيا اتجاه الحركة العنصر الروائي اتجاه الحركة السرد.
فكيف للمبدع البليغ بعد ذلك أن يضحي برصيده البلاغي فيما تقضي البلاغة بتنميته.
نعم على الرواية أن تتخلى عن انغلاقها على نفسها، ونعم عليها أن تفيد من تقنيات الفنون الإبداعية القريبة والبعيدة، نعم عليها أن تستثمر المستخلص الشمولي للفلسفة، والإرباك الشكلي «العلاماتي» للزمن والحدث والمكان.. الذي تقدمه المسرحية، ونعم عليها أن تستثمر الاستعارة الشعرية المكثفة والمقتصدة لغوياً، ونعم عليها أن تستثمر الاكتناز والوحدة اللذين تقدمهما القصة، ونعم عليها أن تستثمر التخليط اللوني «الحواسي» الذي يقدمه الفن التشكيلي، ونعم عليها أن تستثمر المونتاج التلفازي والسينمي، ونعم عليها أن تستثمر التوزيع الإيقاعي الذي تقدمه الموسيقى، «السمفونية»..الخ ولكن الذي عليها أن لاتنساه ، هو أنها بلاغة الواقع والواقعة «فالروائي يقدم لنا أحداثاً تشبه أحداث حياتنا اليومية، ويحاول أن يضفي عليها مظهر الواقع بقدر مايستطيع مماقد يصل به إلى درجة الخداع» «10» ومن ثم فلا بد للروائي أن يكون أميناً الأمانة الفنية لا الأمانة التأريخية في عرض ذلك الواقع علينا، فإنه في اللحظة التي يضع فيها الكاتب كلمة «رواية» على غلاف كتابه، فإنه يعلن أن من العبث التحقق من صحة أحداث مايرويه، وأن اقتناعنا بشخصياته يقتصر على مايرويه لنا عنها، حتى لوكانت موجودة في الواقع «11» وعلى الروائي أن يسعى جاهداً إلى إقناعنا بمصداقية ثم إمتاعنا، ومن بعد تحرير وعينا من تحجّره، وإطلاق مشاعرنا من معتقلاتها، وأخيراً لابد له من جعلنا نشاركه خوض تجربته في بحثه البلاغي، عمّا وراء المظاهر، فليس ثمة فصل للبحث عن المبحوث عنه، ولقد ورد في المعجم العربي وهو يتابع حركية المادة اللغوية «سرد»، والسَّرد: الحَلَق،والتقدير في السرد: هو أن لايجعل المسمار غليظاً والثقب دقيقاً فيفصم الحلق، ولايجعل المسمار دقيقاً والثقب واسعاً فيتقلقل أو ينخلع.. اجعله على القصد وقدر الحاجة«12».
فعلى القصد وقدر الحاجة تلك العلاقة الكائنة بين السرد من حيث هو كيفية عرض، والسرود من حيث هو موضوع، وإلا فلا بلاغة،فالرواية بحث بليغ ويجب النظر إليها من قبل كاتبها وقارئها وناقدها، بوصفها بحثاً كما يرى أحد النقاد الغربيين البلغاء حقاً«13» وإذ هي كذلك فإنها لابد أن تحرص على توضيح نفسها التوضيح الجمالي لا التوضيح العلمي، أما أن لاتقدر الرواية على ذلك، فذاك دليل على أن الوعي الروائي لمؤلفها وعي عاجز حقاً عن القدرة على قراءة ذاته من خلال استقراء مكونات تلك الذات، ومن ثم إقرائها.. وها هنا يقدم لنا الشكل الروائي صورة للواقع «تناقض بشكل صارخ الواقع الذي اعتمدت عليه «14»وماتقديمها الصارخ هذا إلا دليل على عدم قدرتها على جعل الواقع مكوِّناً لتكوّنها.
الهوامش
1 مالكو لم براد بري، الرواية اليوم، ترجمة أحمد عمر شاهين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996م؛ص11.
2 المصدر السابق:ص 9-10.
3 المصدر السابق :ص 15.
4 نفسه.
5 سعيد توفيق، الخبرة الجمالية، دراسة في فلسفة الجمال، الظاهراتية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1412ه 1992م :ص81.
6 جون هالبرن، نظرية الرواية «مقالات جديدة»،ترجمة محيي الدين صبحي، منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي، دمشق 1981:ص151.
7 نفسه.
8 نفسه.
9 المصدر السابق: ص 150.
10 الرواية اليوم: ص 43.
11 المصدر السابق: ص 44.
12 لسان العرب، مادة «سرد».
13 انظر الرواية اليوم: ص43.
14 نفسه : ص47.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.