عضو في مجلس القيادة وهيئة رئاسة الانتقالي: القرارات الفردية سبب رئيسي في انقسام المجلس    المناخ التكفيري الناشئ في محيط المهمشين… الى اين ؟!    كأنما سلخ الالهة جلدي !    منتخب الناشئين يغادر لودر إلى قطر .. اسماء اللاعبين    وزارة الخارجية بعدن تعلن نقل المقر الأممي الرسمي من صنعاء    سريع يعلن عن عمليتين عسكريتين والاعلام الاسرائيلي يتحدث عن هبوط اضطراري للطائرة الرئاسة    صحيفة اليمن تتحدي العدوان بعودتها للصدور في وقتها المحدد    الأسهم الأوروبية تسجل تراجعا متأثرة بأسهم البنوك وشركات التأمين    مفوضية شؤون اللاجئين تعزي في استهداف رئيس الوزراء ورفاقه    الأرصاد يرفع التحذير إلى "إنذار" وخبير في الطقس يتوقع استمرار الأمطار لأيام قادمة    مارسيليا يفتقد عنصرين مُهمين أمام ريال مدريد    سلطة بن الوزير تعيد أبناء حوطة عتق إلى الزمن البريطاني الجميل (تقرير تأريخي)    هيئة المواصفات تتلف كميات من المنتجات المخالفة    الرئيس الزُبيدي يرحب بمخرجات مؤتمر الأمن البحري المنعقد بالعاصمة السعودية الرياض    شيخان الدبعي: مبادرة رئيس الإصلاح أمام القوى الوطنية وننتظر مواقفها الرسمية    شرطة العاصمة تضبط متهماً بالاعتداء على صاحب محل مجوهرات ونهب كمية من الذهب    صنعاء : تدشين اول مصنع لتدوير المخلفات البلاستيك ب (آلات محلية)    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    تنفيذية انتقالي سقطرى تناقش سبل تعزيز الأداء التنظيمي والمؤسسي للهيئة    محافظ الضالع يناقش مع مديري المديريات القضايا الخدمية والتنموية    العميد سريع: دفاعاتنا الجوية أجبرت بعض التشكيلات القتالية على المغادرة قبل تنفيذ عدوانها على اليمن    ناس" و"ناس"    السفير المتوكل يلتقي مبعوث برنامج الأغذية وممثل اليونيسف    الوحدة التنفيذية في مأرب تطلق نداء عاجلا لإنقاذ النازحين من تأثيرات المنخفض الجوي    برشلونة يؤجل عودته إلى ملعب كامب نو    جيش الاحتلال الاسرائيلي ينذر بإخلاء ميناء غرب اليمن    الصين تجدد موقفها الداعم لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته    نقيب الصحفيين يهنئ العاقل بتوليه منصب نائب وزير الإعلام    رئيس هيئة الأراضي يدشن من العاصمة عدن مرحلة جديدة لحماية التخطيط العمراني ومكافحة الفساد    بالصور | تشييع شهداء العدوان الصهيوني على صحيفتي 26 سبتمبر واليمن    محافظ شبوة يتلقى تقريرا حول نشاط السلطة المحلية في عتق    لملس يدعو الصين لإعداد خارطة طريق للتعاون الاقتصادي    جولات قادمة من الحرب .. إسرائيل تعلن تشكيل مجلس تسليح خاص لمواجهة إيران واليمن    "إخوان الإرهاب" وإسرائيل: خبراء يكشفون تحالف الظل لتقسيم الأمة العربية    قمة مخزيه وصورة نتنياهو تفضح الضعف العربي    سيدات العلا يتوجن بلقب كأس فاطمة بنت مبارك    ليس مثل أوراوا والعين.. الأهلي يحبط مفاجأة ناساف برباعية    يوفنتوس ودورتموند.. مواجهة بنكهة التسعينيات    "أمامها مهلة قصيرة جدا".. روبيو يهدد حماس ويطالبها بتسليم السلاح    ترك المدرسة ووصم ب'الفاشل'.. ليصبح بعد ذلك شاعرا وأديبا معروفا.. عبدالغني المخلافي يحكي قصته    المعلا: مديرية بلا مأمور أم مأمور بلا مديرية؟    بايرن ميونيخ يخسر جهود غيريرو قبل مواجهة تشيلسي وهوفنهايم    الاهلي السعودي يتخطى ناساف الاوزبكي في دوري ابطال اسيا    ديسمبر.. «شمس الزناتي 2» في دور العرض    حالتها مستقرة.. جلطة ثانية تصيب حياة الفهد    محور تعز يدشن احتفالات الثورة اليمنية بصباحية شعرية    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية مذلة    العصفور .. أنموذج الإخلاص يرتقي شهيدا    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب الروائي الجديد في ثلاث روايات عربية
نشر في 14 أكتوبر يوم 29 - 11 - 2012

مؤلف كتاب(الخطاب الروائي العربي الجديد) هو الناقد والروائي المغربي د. محمد عز الدين التازي. وقسم كتابه إلى ثلاثة فصول: الأول: السرد في (الوجوه البيضاء) لإلياس خوري. والفصل الثاني: الفضاء في (الزمن الموحش) لحيدر حيدر. أما الفصل الثالث: القناص في (عودة الطائر إلى البحر) لحليم بركات، بذلك جمع المؤلف ثلاثة عناصر مهمة في الخطاب الروائي العربي الجديد من خلال السرد والفضاء والتناص.
في المقدمة يقول المؤلف: تريد هذه القراءة اقتحام مغامرة كشف واكتشاف ثلاثة نصوص روائية عربية، لها تعبيرها الجمالي عن تشكيل روائي عربي اشتغل على إستراتيجية الأشكال، كما اشتغل على بناء صورة للمجتمع العربي في أقصى درجات تحوله وقلقه واختباره لذاته، وهو وضع روائي جمع بين الوعي الجمالي والوعي الاجتماعي وبين قلق الكتابة عن الذات الفردية الجماعية باعتبارها ذاتها راصدة لمعيشها السياسي والاجتماعي تعاني من التوتر ومتابعة لحظات التحول، والكتابة الروائية في النصوص الروائية الثلاثة المحللة في هذا الكتاب تبني عوالمها وتفاصيل محاكيها من تصارعات في الجسم السياسي والاجتماعي العربي ممثلًا في ثلاثة أقطار عربية هي لبنان وبيروت بالتمديد، من خلال ما تصوره رواية إلياس خيري "الوجوه البيضاء"، وسوريا ودمشق بالتحديد كفضاء لتقاطعات فضائية أخرى، هي التي تتبوأها تفاصيل المحكي في رواية حيدر حيدر (الزمن الموحش) وعالم روائي يسعى لاحتواء مشاهد وتجليات لحرب يونيو 1967 من خلال تقاطعات أخرى مركزها هو نهر الأردن ومحيطها هو قضية العرب من حربهم مع إسرائيل الخاسرة، وقضية فلسطين من خلال تشبعات المحكي الروائي واستقدامه لنصوص خارجية، كما تنجز رواية حليم بركات (عودة الطائر إلى البحر) خطابها متعدة النصوص والدلالات.
ويوضح المؤلف السرد في رواية (الوجوه البيضاء) لإلياس خوري قائلًا: يقوم بناء الرواية على ستة فصول تتناوب فيها الشخصيات على عرض الأحداث وتقديمها.
أما مدخل الرواية وخاتمتها فيسرد أحداثهما السارد المؤلف الذي هو شخصية تخيلية ورقية تتماهى مع السارد.. وتقدم الرواية وجهة نظر بعض الشخصيات حول علاقتها ب (أحمد) (ابن خليل)، وتأثرها لحادث استشهاده، وحول معرفتها ب (خليل)، والطريقة التي تلقت بها خبر مقتله، كما تتعد الصيغ وطريقة الحكي.
ويضيف: تعمد الرواية إلى عرض الأحداث من خلال السرد المؤلف الذي يمارس سلطة الحكي، ويسلم هذه السلطة للشخصيات التي تتناوب على الحكي مستعملة ضمير المتكلم، وهي مضيعة تفضي إلى السرد حيث تبدو الشخصيات غير عارفة إلا بما تحياه وتعانيه وتعرض من أحداث.
وتتناسل الأحداث وتتوالد من حكاية يوهمنا السارد المؤلف بأنها هي جوهر ما تريد أن تحكيه الرواية. بينما تصبح حكاية مقتل (خليل أحمد جابر) مجرد لعبة إبهامية تجعلنا نتصور أن هذه الحكاية هي موضوع الرواية، فالسارد نفسه (يتلهى) - على حد تعبيره - بجمع أخبار هذا الحادث ليسد الفراغ الذي يشعر به في سرد الأحداث وتدافعها نحو المصائر، بينما هو يتخلى عن وظيفته السردية كسارد في معظم صفحات الرواية ويسلم هذه الوظيفة للشخصيات.
ويذكر المؤلف أنه يستخدم في السرد تقنية التكرار، والتكرار مظهر من مظاهر السرد، فالحدث في القصة لا يتطابق مع أيِّ نظام كرونيو لوجي مثالي، ذلك أن الشخصيات تجعل نفسها في دائرة المتخيل لاستحالة المطابقة بين الحدوث في الواقع المادي وبين الحدوث التخيلي الذي تمارسه كائنات متخيلة وتخييلية في آن، وهي تقوم بوظيفة السرد.
ويقول: تكشف السرديات عن أنماط حضور السارد وممارسته للفعل السردي، والسارد في (الوجوه البيضاء) له حضور خاص بتعدد لحظات الرواية وتفاصيلها، وأنواع المحكي، وحضور المؤلف كان حضورا خاصا، يتجاوز من خلال الرواية ذلك الحضور التقليدي للمؤلف الذي يعبر عن عجز السارد إخفاء شخصيته.
السارد المؤلف يسخر من القصة، ويعلن أنه كاتبها، ويدفع المرور له ليسخر من السارد وما تقدمه مواد حكاياته من تناقض واحتباس لأنانية جوفاء، كما يسخر من نفسه ومن الطريقة التي ينظم بها الأحداث، وخلق النهايات المحتملة لها.
ويتناول المؤلف الفضاء في رواية (الزمن الموحش) لحيدر حيدر، قائلاً: الفضاء في الرواية جغرافية لأماكن تقع فيها الأحداث، ومساحة تحتوي حركات الشخصيات، وهي بنية من بنيات الحكي تتماشى مع البنيات الحكائية الأخرى (السرد، الوصف، الشخصيات) وتتداخل معها. المكان عنصر من العناصر التي تشكل الفضاء، بينما الفضاء هو التأليف الذي يبدعه الخيال الروائي بين مجموع العناصر المكانية. أما في رواية (الزمن الموحش) فهي تنبني على مجموعة من المحكيات التي ينظمها مكون الفضاء (دمشق) مع ما يتفرع عن هذا الفضاء المركزي من فضاءات أخرى، فمن خلال تيه السارد الذي يستعمل ضمير المتكلم ويتماهى مع شخصية البطل. تتغير الأماكن، بدخول السارد البطل في شبكة من العلاقات مع شخصيات أخرى، تأخذ المتاهات التي يسير فيها السارد، نحو حوارات سياسية يتشارك فيها مع شخصيات أخرى، ونحو استبهاماته وأحلامه ورؤاه.
في ذلك التيه يضرب السارد البطل في الأماكن، متنقلًا بين فضاء دمشق وفضاء الريف، مستدعيا علاقاته مع (حسن) و(أمنية) كشخصيتين نسائيتين، ومع شخصيات رجالية أخرى. وتشكل علاقة السارد البطل بدمشق بؤرة لتجمع المحكيات والانفتاح الروائية على فضاءات وأماكن أخرى، وبذلك ينتظم المحكي في الرواية على تشتته عبر علاقته المتميزة بدمشق التي تتغلب أوجهها ومجالاتها من العيش اليومي إلى الحنين والرؤى والأوهام.
ويرى المؤلف أن فضاء الرواية شاسع متعدد المستويات والأبعاد تسكنه الأحداث والشخصيات، وتبينه الرواية بجمالية ما تستشفه فيه من تقاطعات مكانية وتناس للمكان من المكان عبر الذكرى والاسترجاعات، واستغوار أعماق السارد البطل، كما تبينه من طرائق تشكيلها للأماكن وتنظيمها للفضاء.
ويضيف: تتشكل شعرية المكان في الرواية من العلائق التي تسحبها فيما بينها، ومن طبيعية اللغة المعبر عنها والتي من خلالها يشيد المكان في وجوده ومعناه. شاعرية اللغة هي التي تشرق بالمكان وتحلق به أو تطوح به من الأماكن الأخرى، وهي التي تجعل منه علاقة، كما تجعل منه موضوعا للتغني والإحساس بالغربة والوحشة في زمن السارد المنذور لهما.
وتشكل(دمشق) حضورا فضائيا مركزيا في الرواية منه تتناسل باقي الفضاءات الأخرى، وتجلياتها في الرواية تتجاوز بعدها الجغرافي، وكون أماكنها مجرد مسرح لأحداث الرواية إلى كونها متعالية عن أن تكون مجرد مدينة يحيا السارد البطل في شوارعها وبيوتها وحاناتها ولتكون أبعد من ذلك فالسارد بعشقه ل (دمشق) إلى جانب (منى) يمنح كل منهما، ومن خلال توترات السرد، بعدا تعويضيا حيث يشعر بالفقدان، فالواحدة منهما تعوض الأخرى، ناهيك عن درجة استنطاقهما ليصبحا حالة تتجاوز الشعور إلى اللاشعور، وتخصيب معانيهما بكل المعاني، أنمى: المرأة والمدينة كمترادفين، تتأسس في الرواية علاقتهما مع السارد من خلال لحظات هذيانية شبه مجنونة، هي التي تخرق سطوح العلاقة وتدفع بها نحو كل أنواع الترميز الممكنة، وأنواع التقلبات النفسية للسارد من فرح وحزن، وثورة وانتكاس، وصوت وحياة.
(دمشق) في رؤية السارد لها تمتلك وجهين: وجه ظاهر وآخر باطن غير مرئي. يقول: دمشق مدينة ككثير من مدن العالم عمارات من حجر، شوارع يعبرها الناس والسيارات، أماكن خاصة وعمومية، بيع وشراء، لكن الوجه الآخر يغفو تحت الجلد الظاهر، يشف ذلك الجلد إذ يغيب الإنسان عن سطوح أشيائها في ليل صامت شفاف). فالسطح هو المألوف العادي الموجود في كل المدن، أما العمق فيرتبط بالإنسان (يغفو تحت الجلد الظاهر) كما يرتبط بغيبوبة الإنسان التي تمكنه من اختراق السطح والنفاذ إلى العمق.
هكذا يرصد السارد دمشق بمظهريها المتناقضين: سطح × عمق، ظاهر × خفي.
وينقلنا المؤلف في الفصل الثالث إلى القناص في (عودة الطائر إلى البحر) لحليم بركات فيقول: تخلقت الرواية من صلب جرح اللحظة التاريخية المرتبطة بهزيمة يونيو 1967 التي هزت ضمير كل العرب سياسيا، وهزت ضمائر الكتاب العرب أدبيا في اتجاه تفجير أشكال الكتابة لتحتوي بعضا من مظاهر انفجار الواقع وتشظياته ومأساويته، وحلول هذه المأساوية في ذوات الشخصيات الروائية.
والرواية مبنية على متتاليات حكائية يدعمها منطق التوالي الزمني، والتصاعد المنطقي الذي يبدأ من بداية الأحداث وصولًا إلى نهايتها، وانفجارية الأحداث، وتولدها وتناسلها من بعضها البعض هو تكون تشكيلية تتشكل من خلال الأحداث وتتلون بتلوينات شخصية البطل، وعلاقته مع الآخرين، ووعيه وشهادته على الحرب.
ويرى المؤلف أن الرواية لا تكتفي بسرد تفاصيل صدمة الحرب الإسرائيلية - العربية المفاجأة، بل إنها تخلق رموزها الثقافية، كما تخلق حكاياتها المسرودة كأحداث روائية متخيلة في تجاور وتقاطع مع مجموعة من النصوص الخارجية التي تحتويها وتعيد بناء معانيها داخل وعي الشاهد البطل "رمزي صفدي". يتسع المجال السردي للرواية وتتسع موادها الحكائية، كما تتسع شبكة النصوص التي تؤلف بينها على تعارض وانتمائها إلى حقول ثقافية متباينة، ومن هنا تكمن أهمية إنجاز التناص للرواية القائم على مكونين أساسيين: أحداث الحرب وانعكاساتها على مجموعة من الشخصيات ينظمها حضور البطل "رمزي صفدي" في الرواية. النصوص الخارجية التي تنفتح من خلالها مساحة السرد الروائي على مجموعة من الرموز الثقافية.
وفي خاتمة الكتاب يرى المؤلف، أن ما تواجهه النصوص الروائية الثلاثة المحللة في هذا الكتاب، ليس هو معضلة الواقع الاجتماعي والسياسي وحسب، وإنما هو البحث عن طرائق الكتابة التي تبدو بأدواتها وأشكالها هي الأنسب للتعبير عنه، والقبض عن بعض تجلياته لذلك تحضر أهمية الشكل الروائي في التعبير عن عوالم الواقع الزاخرة بالأحداث والمواقف والتجليات، وتحضر الكتابة التي من شأنها أن تعيد صياغة ملامح الواقع، وهي تشهد على انهياراته وتصدعاته. (خدمة وكالة الصحافة العربية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.