- 70% تقريباً من عمليات القلب المفتوح في اليمن هي لتغيير الصمامات التاجية والصمامات الملتهبة نتيجة الالتهابات أو الإصابة بالحمى الرماتيزمية (الرثوية) - التهابات الحلق واللوزتين المتكررة والتهاب المفاصل الكبيرة بالتناوب - الحمى الرثوية مشكلة خطيرة تقود إلى الإصاب بروماتيزم القلبعلاج التهاب الحلق واللوزتين لا يبدو اعتيادياً إذا ما تعلق الأمر بالحد من مشكلة مرضية خطيرة من اليسير تلافيها في البداية قبل ظهورها لاحقاً وتطورها إلى حالة خطرة قد تلحق بالقلب ضرراً جسيماً .. إنها تشكل عبئاً كبيراً على قطاع الصحة في البلاد وعلى مجال معالجة أمراض القلب بالذات ، فقد يبدو معها إجراء عمليات القلب المفتوح لجوءاً تفرضه الضرورة ، وهو ما يثقل كاهل المواطنين ويبدد آمال وطموحات المرضى في العيش بهناء وعافية بعيداً عن المشكلات القلبية ، ويكلف الدولة الملايين من العملات الصعبة لتأمين صمامات القلب الصناعية والأجهزة ذات التقنية المتطورة والكوادر الطبية المتخصصة .. الخ.. في لقائنا مع الدكتور/ أحمد لطف المترب استشاري أمراض وجراحة القلب (أستاذ مساعد أمراض وجراحة القلب بكلية الطب جامعة صنعاء) ناقشنا هذه المشكلة بأبعادها وشتى الجوانب المتعلقة بها لنضع النقاط على الحروف لعلاج هذه المشكلة واجتثاثها من أساسها.. وإليكم ما جاء فيه : مشكلة قائمة الحمى الرثوية مشكلة مرضية قائمة تأثيرها سيء على قلب الإنسان .. فما أصل وحقيقة هذا المرض ؟ وأي الفئات الأكثر عرضة له ؟ وما له من أثر سلبي على صحتهم ؟ الحمى الرثوية (الروماتيزمية) هي عبارة عن التهابات الجهاز التنفسي العلوي .. في الحلق واللوزتين بنوع معين من البكتريا، يؤدي لاحقاً إلى التهابات المفاصل والجهاز العصبي ويؤثر بشكل مباشر على صمامات القلب. عادة ما يؤثر هذا المرض على الأطفال ما بين سن (3-15عاماً) ، وتصنف بأنها الفئة الأكثر عرضة للمرض .. حيث يقدر نحو (60%) من المصابين. وإذا ما تمت إصابة القلب بسبب هذه الحمى يصبح المريض مصاباً بمرض مزمن .. معوقاً حقيقة عملياً وحركياً ، الأمر الذي قد يؤدي به إلى ترك الدراسة وكثرة التردد على الأطباء للمعالجة. فضلاً عن التأثير النفسي فيما بعد وما قد يواجهه الكثيرون لمرضهم من صعوبات مالية تثقل كاهل أسرهم وتضيف أعباء على الدولة إذا ما انتهى الحال بالمصاب إلى إجراء عملية القلب المفتوح لتغيير الصمامات بصمامات قلب صناعية. فيما يمكن معالجة المشكلة بسهولة في البداية عند التهاب الحلق واللوزتين ، وما يحز في النفس أن هذا لا يحدث كثيراً عندنا ليتسنى منع هذا المرض من التطور ، باستئصال المشكلة واجتثاثها من أساسها على غرار ما حدث في كثير من بلدان العالم ، وعلى رأسها بلدان العالم المتقدم ، إضافة إلى بعض الدول العربية. إن أغلب حالات الإصابة بالحمى الروماتيزمية أو الرثوية تحدث في فصل الشتاء والربيع ، متزامنة مع زيادة حالات التهاب الحلق واللوزتين ، وهي أكثر شيوعاً في البيئات الفقيرة. كما إن الإناث أسوأ حظاً ، فهن أكثر عرضة للإصابة بالحمى الروماتيزمية من الذكور وليس هناك دراسة كاملة لمدى انتشار المرض في اليمن ، ولكن من ممارستنا وعملنا في مركز القلب الذي يعتبر كما تعرفين المركز الوحيد في اليمن ، فإن حوالي (70%) من عمليات القلب المفتوح هي لتغيير الصمامات التاجية .. تغيير الصمامات الملتهبة نتيجة الالتهابات أو الإصابة بالحمى الرثوية /الروماتيزمية. والذي نتمناه ويتمناه معظم أطباء القلب ، بل ومعظم المتعاملين مع هذه الفئة من المرضى أن يستأصل المرض، كونه سهل المعالجة إذا تم التشخيص باكراً وتمت المعالجة بشكل ناجح واستخدمت إبرة البنسلين قوية المفعول لمعالجة التهابات الحلق واللوز بالنسبة للأطفال. أوجه الخطورة كيف هي أعراض الحمى الرثوية ؟ وما أوجه الخطورة في مضاعفاتها ؟ تظهر أعراض الحمى الرثوية أو الروماتيزمية (بعد اسبوع إلى خمسة أسابيع) من الإصابة بالتهاب الحلق واللوزتين بالبكتريا، وأهم هذه الأعراض ، التهاب متنقل في المفاصل الكبيرة في الجسم بنسبة (80%) مثل (الركبة الكاحل الرسغ الحوض المرفق) يصاحبه انتفاخ وألم واحمرار المفصل. وقد يكون الألم محتملاً أو شديداً جداً ، لكنه لا يترك أية إعاقة في المفصل . أما الالتهاب في القلب فنحو (60%) من الحالات تصل إلى هذه المرحلة. فيما تتأثر صمامات الجهة اليسرى للقلب بنسبة أكثر من صمامات الجهة اليمنى ، مسببة ارتجاعاً في الصمامات أو في عضلة القلب .. وإذا كانت الالتهابات حادة وشديدة فينتج عنها هبوط حاد في القلب .. هذا الهبوط يعني تضخماً في القلب وضعفاً في وظائفه ويؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة ، ولكن إذا شخصت الحالة بشكل مبكر وتمت معالجتها بالمعالجات المناسبة في الوقت المناسب فقد يشفى المريض منها تماماً ، ولدى الحالات الشديدة قد تترك بعض الآثار والنتائج السلبية على القلب. تحري الإصابة ما الذي يتعين على الوالدين فعله تلافياً لإصابة أطفالهم بالحمى الروماتيزمية أو الرثوية ؟ إن أية أعراض مما ذكرت تصل للطفل ويراها الوالدان ، تستوجب أخذه إلى الطبيب المختص (طبيب أطفال) ، فالتهاب اللوزتين المتكررة علامة ومؤشر أولي ، بالإضافة إلى التهابات المفاصل الكبيرة للطفل وتنقلها ، حيث تسمى داء الرقص الروماتيزمي ، للحركات اللاإرادية التي تصدر من الجهاز العصبي لدى الطفل المصاب. بعض الآباء يعتبرون أطفالهم مصابين بمرض غير حميد ، وما هو إلا علامة من علامات الحمى الرثوية. وأعيد لأؤكد هنا إلى أن وجود أية أعراض مما ذكرت عند أي طفل ، يحتم ويستوجب سرعة التوجه به إلى الطبيب المختص .. أي طبيب الأطفال أو طبيب الأنف والأذن والحنجرة. حالات حرجة في الحالات المتقدمة التي يكون القلب عندها قد تضرر بفعل الإصابة بالحمى الرثوية .. هل ثمة بصيص أمل للمعافاة ؟ وماذا عن التدخل الجراحي لحسم المشكلة ؟ بشكل عام .. علاج الحمى الرثوية / الروماتيزمية لا يتطلب تدخلاً جراحياً في البداية ، لكنها إذا ما تطورت وأثرت على الصمامات بشكل كبير جداً ، فمعنى هذا أن التدخل الجراحي ضروري. فالطفل الذي يعانى من تضيق بشكل شديد جداً في أحد الصمامات ، كالصمام التاجي مثلاً ، تضيق لدرجة التأثير سلباً على المريض ، قد يكون نتاجه وقوع تجلط دموي في القلب ، وما قد يترتب عليه من انتشار للجلطة ، فتذهب إلى الدماغ أو إلى مواضع أخرى في الجسم ، مما ينجم عنه مشاكل كبيرة ، بل وخطيرة .. ومثل هذه الحالة تعتبر طارئة تحتاج إلى عملية بشكل عاجل دون تأخير. لماذا النساء ؟ ذكرت بأن الإناث أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالحمى الرثوية .. فهل من تفسير لهذه المفارقة ؟ وما تمثله الإصابة من مشكلة بالنسبة لهم ؟ بالفعل إن الإناث أكثر عرضة لهذا المرض وأكثر مأسوية، فنحن نعرف أن المرأة مقدمة على زواج ومقدمة على حمل وإنجاب ورضاعة .. وهذا كله يتعارض مع المرض ، وكذلك يتعارض مع استعمال العلاجات بشكل دائم ، لاسيما إذا وصل بها الحال إلى وضع يبدو فيه ضرورياً تغيير صمام القلب. وإذا احتاجت البنت في سن مبكر إلى صمام صناعي يتطلب الأمر استخدام العلاج المميع والمسيل للدم مدى الحياة ، وهذا يتعارض بشكل قاس مع الحمل ، مشكلا صعوبة شديدة، لا سيما وأن معظم المريضات القادمات للمعالجة هن من القرى والمدن البعيدة ، وعادة ما يكون مستوى التعليم لديهن والأهالي غير عال ، يعني عدم القدرة على المتابعة الطبية القريبة ذات المؤشرات الناجحة. إرشادات للمرضى من موقع المسئولية .. ما الذي تضطلعون إليه من إرشادٍ للمرضى للحد من تطورات المرض لديهم ؟ نحن نحاول منع المرض ونوجه بالاهتمام بالكشف المبكر والمعالجة لالتهاب الحلق واللوزتين قبل أن تصل إلى مرحلة الحمى الرثوية ، ونحن نعرف أن كثيراً من الأسر لا يهتمون بالتهابات الحلق بشكل كاف ..ظانين أنها التهابات بسيطة تزول من تلقاء نفسها ، فمن الممكن أن تزول الأعراض الحادة ، إلا أن المشكلة لا تنتهي عند هذا الحد ، فالتأثيرات المستقبلية ستكون مفجعة للمريض ولأسرته. بالتالي .. التركيز على التهابات الحلق واللوزتين يجب أن يؤخذ على محمل الجد، بحيث تتم معالجة الالتهابات الحادة بشكل ناجع باتباع الإرشادات الوقائية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية التي توصي باعطاء إبرة بنسلين عند التهابات الحلق واللوزتين .. إنها طريقة رخيصة سهلة قليلة الكلفة ونتائجها محمودة تصل إلى (100%) وفيها الحفاظ على سلامة قلوب ابنائنا المصابين بهذه الالتهابات ليكونوا مستقبلا قوى فاعلة ومنتجة في المجتمع ، يحيون بأمان حياة طبيعية. أسس المعالجة عندما يصاب الطفل بالتهاب في اللوزتين يهرع الكثيرون إلى الصيدليات لشراء مضادات حيوية ومسكنات الألم وخافضات الحرارة دون علم أو خبرة بهذه الأدوية .. فبما تنصح في هذه الحالة ؟ ولم التركيز على البنسلين بالذات عند المعالجة ؟ عند الاشتباه في التشخيص : أولاً : يتم ادخال المريض للمستشفى للتأكد من التشخيص واستبعاد أي مرض آخر ثانياً : مراقبة الأعراض ، مثل (التهاب المفاصل الطفح الجلدي نتوءات الجلد الحركات اللا إرادية). ثالثاً : إجراء الفحوصات المخبرية المساعدة على التشخيص. رابعاً : علاج الحرارة باعطاء المريض خافضات الحرارة. خامساً : علاج التهاب الحلق بالمضاد الحيوي (البنسلين) عن طريق الفم لمدة (10 أيام) أو بحقنة البنسلين في العضلة .. جرعة واحدة فقط ، أو إعطاء المريض بدائل البنسلين .. هذه هي أهم خطوات العلاج وهي الأرخص وقد تجنب الطفل الإصابة بروماتيزم القلب. سادساً : علاج التهاب المفاصل بمضادات الالتهابات ، مثل الاسبرين بجرعة عالية. إن إضافة البنسلين إلى قائمة الأدوية مهم وأساسي في المعالجة عملاً بتوصيات منظمة الصحة العالمية ، جاء عن خبراء متخصصين عالميين ، ونحن نعرف أنه لا يمكن صدور هذه المعلومات ، إلا بعد أن تكون مؤكدة وفعالة ، تستند إلى دراسات علمية كبيرة. وبالتأكيد إن الذهاب إلى الصيدلي مباشرة أو إلى الطبيب غير المختص إذا لم يكن ملماً بأنواع المضادات الحيوية والعلاج الأنسب يثير مشكلة أخرى إلى جانب المشكلة المرضية القائمة ، ونحن كأطباء قلب نعرف أن هناك ممارسات غير سليمة عند اعطاء علاجات قوية جداً .. هذا ما يحدث للأسف ، ولابد هنا من النظر بروح المسؤولية لكون من يصف الدواء مؤتمناً على صحة وسلامة المرضى الذين يلجأون إليه. نتمنى من الجميع الالتزام بما صدر عن منظمة الصحة العالمية وهو استخدام حقنة البنسلين لمرة واحدة أو المعالجة البسيطة بالبنسلين. خلاصة القول .. أطباء القلب باعتقادي هم الأكثر تحسساً إزاء مشكلة الحمى الرثوية، وما نجده نحن الأطباء أن مرضى القلب الروماتيزمي يأتون إلينا في مرحلة متأخرة جداً. وبالتالي يلزم على الأطباء الذين يتولون معالجة التهابات الحلق واللوزتين وفي مقدمتهم المختصون في طب الأطفال وأطباء الفم والأنف والحنجرة اتباعهم الخطوات الإرشادية لمنع الحمى الرثوية ، الصادرة عن منظمة الصحة العالمية للوصول إلى أقرب وأقصر الطرق لمنع هذا المرض. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة.