ولى العام الدراسي وانقضى كعادته ، شروق وغروب، بزوغ وانكفاء ، وحلت علينا عطلة الصيف «الطويلة» .. بكل مافيها من ساعات مليئة بالفراغ عند البعض ولعل أكثر الفئات اغتباطاً وسروراً بقدومها هم الطلاب ، بعد أن تخلصوا من كوابيس الواجبات والامتحانات المتلاحقة ، وتشرئب اعناقهم نحو العطلة الصيفية لعلهم يجدون فيها راحتهم وضالتهم المنشودة التي افتقدوها في أيام العام الدراسي.. تلوح في مخيلتهم أوقات الفراغ المتبعثرة هنا وهناك كأنهم لن يجدوا ما«سيقتلون» به تلك اللحيظات الهامة ، ولسان أحدهم «كيف سأقضي كل تلك الأيام» ؟ عسانا نكون مخطئين بنظرتنا تجاه الطلاب.. وأظننا كذلك ، فمن خلال استطلاعنا الذي بين أيديكم ، اكتشفنا كم كنا مخطئين عندما عممنا فكرتنا حول نظرة الطلاب نحو الإجازة ، وأنها ليست مجرد سويعات ، يقف أحدهم أمامها عاجزاً عن استغلالها.. فنماذج الطلاب التاليين عرفوا كيفية استغلال فراغ الاجازة بما يعود في صالحهم ، وكأن العطلة ماهي إلا لحظة يتزود فيها الطالب بمزيد من المعرفة والطاقة لتعينه على العام القادم ، سواء كان هذا لتزود مادي أم معرفي ، فلا خير فيهما فكلاهما يستغل الوقت أحسن استغلال. معاهد تقوية سعيد سفيان الشرجبي طالب أكمل الصف الأول الثانوي سألناه عن مخططه في الاجازة الصيفية فأجاب : إنه يهدف ومن معه من زملاء على الالتحاق بمعهد تقوية ، للاستزادة من مادتي التفاضل والتكامل في الرياضيات ، التي يجدونها من أهم المواد الرئيسة في السنة التالية ، وخاصة أنهم يعتزمون الالتحاق بالقسم العلمي. ومن أجل ذلك قرر سعيد استغلال فراغ الإجازة الصيفية ، وعن زملائه وهل يمتلكون ذات الرغبة أكد سعيد أنهم لايبتعدون كثيراً عن رغبته ، وأنهم وإن اختلفت رغباتهم والمواد العلمية أو الكيفية التي يريدون الاستفادة من خلالها بالعطلة الصيفية إلا أنهم يتفقون على شيء واحد الأ وهو استغلال الإجازة وعدم الارتماء بين أحضان الفراغ والملل. سرنا نحو هدفنا التالي الذي صادفناه خارجاً من أحد المعاهد العلمية بعصيفرة فستوقفناه ، وطرحنا عليه استفساراتنا ، فعلمنا أنه انهى امتحانات الصف التاسع لتوه ، وأنه كان في المعهد للتسجيل للانخراط في دورة كمبيوتر ، وأخرى للغة الانجليزية. وقال محمود أمين القدسي: إنه في كل عام منذ أن كان في الصف السادس ، يستغل الاجازة الصيفية في المعاهد واكتساب الدورات المختلفة ، وأنه بعد الصف السادس التحق بأحد المعاهد الصيفية للتقوية في مادة اللغة الانجليزية بدوراتها الدنيا ، وفي العام الذي يليه التحق بدورات الكمبيوتر كمبتدئ ، وفي العام السابق التحقتُ بدورات الرياضيات للتقوية استعداداً للصف التاسع ، وها أنا الآن أكمل دورات الكمبيوتر واللغة الانجليزية. نموذج آخر من نماذج الاستغلال الأمثل للاجازة الصيفية للطلاب الذين يقدرون الوقت ، ويخططون للمستقبل . دورات متخصصة للجامعيين وفي ذات المعهد لفت انتباهنا عدد من طلبة الجامعات الذين أنهوا امتحاناتهم للتو كذلك ، غير أنهم يلتحقون بدورات صيفية تخصصية متعلقة بالكمبيوتر كدورات الفوتوشوب .. والاوركال ، والبرمجة المتطورة ، وانشاء المواقع الالكترونية ، بالإضافة إلى دورات تنموية تتعلق بالتدريب والتنمية البشرية ، والاتصال الفعال وغيرها من تلك الدورات التخصصية. وغالبية أولئك يستفيدون من تلك الدورات في مجالات تخصصاتهم الجامعية والعملية ، وفي الوقت ذاته يتخلصون من ركدان الحياة اثناء الإجازة الصيفية. اهتمام منظم بالإجازة كان إقبال الشباب على الالتحاق بالمعاهد والدورات سواء كانت تقوية أم علمية أو مهارية دافعاً لنا لمعرفة مدى التنظيم والتهيئة من قبل القائمين على تلك المعاهد حيث تشهد المعاهد في فترة الصيف رواجاً لامثيل له في بقية السنة ، خاصة وأن الإجازة الصيفية تعتبر موسماً عملياً ، ويمثل الطلاب والطالبات على مختلف مستوياتهم ومشاربهم كنزاً دفيناً بالنسبة للمعاهد والمراكز ، وينفتح هذا الكنز وتتناثر ثماره في العطل الصيفية. وعن مايخص المعاهد من ترتيبات وتهيئة واهتمام كان لنا لقاء مع مدير أحد المعاهد في مدينة تعز والذي اعتذر عن اللقاء لانشغاله ، واحالنا إلى سكرتيرة المعهد علوية عبدالفتاح شاهر التي شرحت للتربوية عملية التنظيم والتهيئة للدورات واكتساب الطلاب وجذبهم نحونا فقالت : إن الترتيب والاستعداد للاجازة الصيفية يبدأ مبكراً أثناء فترة الامتحانات المدرسية أو الثانوية أو الجامعية ، ونقوم بنشر إعلاناتنا و«بروشوراتنا» الخاصة بالمعهد وتوزيعها والصاقها في أماكن معينة لجذب الطلاب والطالبات ، مع احتوائها على مغريات منهجية أو سعرية حتى وبفترات مختلفة لارضاء الجميع. وتضيف أن المعهد كبقية المعاهد الأخرى يستهدف كل فئات الطلاب بدءً من التمهيدي في مواد الحساب واللغة العربية والانجليزية والكمبيوتر مروراً بالمراحل الابتدائية بموادها العلمية والكمبيوتر واللغات والمراحل الإعدادية والثانوية ، وهذه الأخيرة الثانوية نهتم بطلابها كثيراً من ناحية المواد المنهجية العلمية أو الأدبية ، أو بالدورات المهارية الأخرى. وعن مستوى إقبال الفتيات قالت : إن الفتيات بالنسبة لمعهدنا هم أكثر إقبالاً من الفتيان أو الأولاد وأكثر مايركزون عليه المواد العلمية في المنهج ودورات الكمبيوتر المبتدئة. وتواصل سكرتيرة المعهد : إن استغلال الإجازة الصيفية هو أهم شيء يقوم به الشباب ، حيث تساعد على قضاء أوقات الفراغ في شيء ممتع ومفيد ، ويتم اكسابهم مهارات ومعلومات جديدة لاغنى لهم عنها. استغلال ايجابي آخر شاهين علي ناجي ، خريج ثانوية عامة العام الماضي ، ومن الضروري أن يقعد عاماً كاملاً ينتظر الالتحاق بالجامعة ، شاهين يرغب في الانضمام لكلية الهندسة في العام المقبل ، وعن وقته الحالي والماضي فيما قضى العام الماضي يجيبنا أنه كان في الصباح يعمل في ورشة ميكانيك لأحد اقاربه ، وفي المساء يتوجه إلى احد المعاهد لأخذ «كورس» في التقوية بالمناهج التي يمكن أن نصادفها في الكلية مستقبلاً. إلا أن ماجذبنا نحو استغلال للوقت ، أن استغلال شاهين للوقت بهذا الشكل المزدوج صباحاً ومساءً لهو شيء يبعث للاقتداء من قبل الشباب لكيفية استغلال وقت الإجازة بهذا الشكل الجميل ، وهذا الجد على المثابرة والتعليم فتعلم الميكانيكا قد يفيد «شاهين» في أحد أقسام الهندسة إذا ما التحق «بالميكانيكا» كما أظنه ، وفي المقابل فإنه يستغل أمسيته لتعلم نظريات المنهاج المقبل عليه. وكم هو جميل أن نرى شباباً يتعلمون مهنة شريفة تقيهم جور الزمن ، وتقلبات الأيام ، وفي المقابل الحرص على التعليم العالي الذي يعتبر حصان المستقبل. إن العديد من مثل هذه الجوانب الايجابية الأخرى كالحرف اليدوية والمهن والأعمال الشريفة تدفعنا لتقديم النصح والمشورة لشبابنا وطلابنا للتوجه نحو هذا الجانب الإيجابي وليس الاقتصار فقط على التعليم النظري فحسب. نماذج من شباب استغلوا الإجازة وهم في أول خطاهم ، والاجازة مازالت طويلة ، ومليئة بالاغراءات السلبية منها والايجابية وهي سيف ذو حدين ، على الشباب والطلاب الانتباه له جيداً ، والحرص على الاستفادة منها بشكل إيجابي وبالقدر الكافي. ويبقى الطالب من يقرر بين طريقين طريق الفراغ القاتل ، وطريق قتل الفراغ بما ينفع