قال الله تعالى في سورة «التغابن»: «ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يُكفر عنه سيئاته ويدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار»... وقال سبحانه في سورة الطلاق: «ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار» جاء في كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل صالح السامرائي: فقد زاد في سورة التغابن قوله تعالى «ويكفِّر عن سيئاته» دون سورة الطلاق وذلك أن آية «التغابن» خطاب للكافرين، وقد دعاهم إلى الإيمان فقال تعالى «زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثنّ ثم لتنبؤُنَّ بما عملتم، وذلك على الله يسير، فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير» ثم قال بعدها «ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يكفِّر عنه سيئاته». وأما آية «الطلاق» فهي خطاب للمؤمنين، وقد دعاهم إلى التقوى فقال تعالى «فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا، قد أنزل الله إليكم ذكراً» ثم قال بعدها «ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار». فكان ذكر تكفير السيئات مع الكافرين الذين هم في معصية مستديمة وسيئاتهم غير منقطعة، أولى من ذكرها مع المؤمنين.. ومن ذلك قوله تعالى في سورة لقمان: «وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبراً كأن لم يسمعها، كأنَّ في أذنيه وقراً فبشره بعذابٍ أليم».. وقوله سبحانه وتعالى في سورة الجاثية «ويلٌ لكل أفاكٍ أثيمٍ، يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصرّ مستكبراً كأن لم يسمعها، فبشره بعذاب أليم». فقد زاد في آية لقمان قوله تعالى «كأن في أذنيه وقراً» دون آية الجاثية، وذلك أن آية الجاثية لماتقدم فيها قوله سبحانه «ويلٌ لكل أفاك أثيم، يسمع آيات الله تتلى عليه...» فوصفه بسماع آيات الله، ولم يكن ليطابقه ذكر الوقر في الأذن لأنه قد ذكر سماعه الآيات والوقر مانع من السماع فلم يناسب الإعلام بالسماع ذكر الوقر المانع منه.. وأورد صاحب كتاب «ملاك التأويل» أبو جعفر أحمد بن الزبير الغرناطي حول بلاغة التعبير في القرآن الكريم في هاتين الآيتين والسورتين فقال: «ولما لم يقع ذكر سمع الآيات في آية لقمان، وتقدم ذكر المشار إليه بقوله تعالى «ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً» وهذه زيادة مرتكب فناسبها ذكر زيادة «الوقر» مع أنه لم يرد فيها ذكر سماعه الآيات كما ورد في آية الجاثية، فازداد ووضح التلاؤم».