قبل أيام، دشن دولة رئيس الوزراء الدكتور/علي محمد مجور عدداً من المشاريع في وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» حيث أشار الخبر الذي تم نشره - وقتذاك - أن دولته دشن دفعة واحدة خمسة مشاريع صحفية، وطباعية، وفنية في الوكالة، عدا عن الإصدار اليومي لصحيفة «السياسية» السيارة مع قاعة تحريرها الجديدة. كثير من الصحافيين، والمتابعين أيضاً، يدركون مدى التطور الذي شهدته الوكالة، كمؤسسة صحفية، في الفترة الأخيرة سواء على الصعيد المهني، أو على الصعيد البشري، وما يترتب على ذلك من عائد مادي. هذا أمر ماثل للعيان.. ليس في الأمر مبالغة، فقد زرت الوكالة «كجازع طريق» قبل بضعة أسابيع، والتقيت ببعض منتسبيها، وتحدثت معهم في كثير من التفاصيل، ولذلك أعتقد أن إشادة دولة رئيس مجلس الوزراء، عقب التدشين، بالتطورات الكبيرة التي شهدتها وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» في الجوانب التقنية، والمهنية، لم يكن غريباً ألبتة. وكان تثمين دولته الجهود الجبارة التي يبذلها العاملون والصحافيون وكافة القائمين على الوكالة لتقديم المعلومات بشكل صحيح جاء من وجهة نظر العبد لله ضرورياً، بل ولازماً، كتحفيز لتحقيق الأفضل مستقبلاً. غير أن الذي لفت نظري، وأعتقد نظر كثير غيري من الصحافيين، هو إعلان دولة رئيس الوزراء ان مشروع التوصيف الوظيفي للإعلاميين سيتم تطبيقه في القريب العاجل وبشكل واضح.. «مبيناً انه تمت مناقشة الموضوع مع قيادة نقابة الصحافيين اليمنيين برئاسة الأخ نصر طه مصطفى باستفاضة، كما ناقشنا كافة الأمور التي يعانيها الصحافيون، وفعلاً توصلنا إلى حلول». وقال الدكتور مجور بشكل لا لبس فيه: «أعطينا توجيهات صريحة إلى الجهات المعنية في الحكومة لمناقشة هذا الموضوع بعناية، وتطبيق الكادر الصحفي للصحافيين في القريب العاجل، ونحن نشعر أن الصحافيين فعلاً هم جنود مجهولون ويقومون بعمل كبير جداً، وبالتالي ينبغي ان يحصلوا على حقوقهم بالكامل». لكن في الحقيقة، وعلى أرض الواقع الذي لا يكذب ولا يتجمل، لا يمكن تجاهل أن كثيراً من الصحافيين، بفعل أسباب كثيرة، ومبررات مختلفة، فقدوا الأمل في السنوات الأخيرة، في مشروعهم، أو قل أي مشروع بإمكانه أن يساعدهم على تحسين ظروفهم، يمكن له أن يرى النور..!. صحيح لا يمكن - أيضاً - تجاهل أن دولة رئيس الوزراء أبدى حرصه الشخصي، وكرئيس للحكومة، على متابعة هذا الموضوع، وإخراجه إلى حيز التطبيق، لكن ما يحدث في المؤسسات الصحفية كفوارق بين ما يتقاضاه الصحافيون فيها، قياساً بما يحدث في الوكالة وما يتقاضاه صحافيوها، أظنه يدعونا إلى التوقف عنده، والتفكر به ملياً، قبل أن نتوقف في محطة الكادر الصحفي المنتظر..!. لن أقف كثيراً عند السيارات الست، الجديدة بقراطيسها، موديل 2007م، التي تم صرفها لستة من المديرين في وكالة «سبأ» كفعل محترم، مع العلم أنه سوف يعقب ذلك لاحقاً صرف العدد ذاته من السيارات وبنفس المواصفات لستة مديرين آخرين، بقدر ما سأقف عند ما يتقاضاه الصحافي في هذه الوكالة قياساً مع ما يتقاضاه الصحافي في المؤسسات الثلاث الأخرى. يستلم الصحافي العادي كمحرر في «وكالة سبأ» مبلغاً يقدر بنحو عشرين ألف ريال شهرياً، يزداد الرقم ارتفاعاً بحيث قد يصل إلى نحو أربعين، وأحياناً إلى نحو خمسين ألف ريال، وتأخذ هذه الأرقام بالارتفاع، فوق هذا السقف، بحسب انتاجية العمل، بالنسبة إلى رؤساء الأقسام، ونواب المديرين، والمديرين، بحيث تصل إلى نحو ستين ألف ريال وسبعين ألف ريال، وليس من داع للسؤال عما يستلمه من هو في منزلة أرفع مما تم ذكره بعاليه، المبلغ بالتأكيد أفضل. طبعاً هذه المبالغ يتم صرفها تحت بند ما بات يُعرف ب«بدل انتاج فكري» وفق لائحة تضبط العملية بحيث يتم فيها ربط انتاجية العمل الصحفي بالمبالغ المرصودة، وهي مبالغ غير ما يتم رصدها للعمل الإضافي، أو ما يعرف ب«النوبة» أو لأيام الجمع، وهذه المبالغ الأخيرة، الإضافي والنوبة والجمع، ثوابت في المؤسسات الأربع وإن اختلفت تفاصيلها. لقد أصبت بالدهشة، وأنا أحسب ما كنت أتقاضاه كبدل إنتاج فكري كمدير إدارة في المؤسسة التي أنتمي إليها - وهو مبلغ عشرة آلاف ريال شاملاً أجر الإشراف العام على ملحق «14 اكتوبر الرياضي» وخاضعاً بالتأكيد إلى الاستقطاع الضريبي - ليس قياساً مع ما يتقاضاه مدير إدارة مماثل في وكالة «سبأ» بل مع ما يتقاضاه صحافي عادي فيها، والفارق أحياناً يصل إلى ثلاثين ألف ريال قابل للنقصان قليلاً والزيادة كثيراً!. بل وجدت أن النظير مثلاً في صحيفة «الجمهورية» كحد أدنى، وذلك بعد التقائي بعدد من الزملاء في هذه المؤسسة، يستلم أفضل بمبلغ يصل إلى ضعف ما كنت أستلمه..!. هذا بغير ما يتم رصده من بدل مواصلات للصحافيين في الزميلة «الجمهورية» يصل حدها الأدنى إلى ثلاثة آلاف ريال، وأعلاها أحياناً يصل إلى أربعة أضعاف المبلغ. أظن، بل أجزم في القول، إن الوقوف من قبل الدكتور/علي مجور أمام هذه الوضعيات المختلفة في المؤسسات الأربع بخصوص «الفوارق المالية» فيما يتم تقاضيه شهرياً. مع العلم أنه لم يتسن للعبد لله الوقوف أمام المبالغ النظيرة في مؤسسة «الثورة» وإيرادها كمثل، مع اعتقادي أنه ليس بأفضل من مثال «سبأ» يأتي كضرورة لمنتسبيها الذين وصفهم دولته بالجنود المجهولين ويجب أن يحصلوا على حقوقهم بالكامل، بحيث يتم الخروج بلائحة «موحدة» تضمن للجميع وضعهم في خانة من عدم التمييز. مع العلم أن المؤسسات الثلاث بفعل إصداراتها المختلفة، لديها عائد إعلاني أفضل من وكالة «سبأ» يصل في الشهر، كحد أدنى، في أفقرها، إلى نحو عشرة ملايين ريال، وحد أعلى ليس هناك من داعٍ لذكره تجنباً لإثارة أية «حساسية» وليس حسداً كما يظن البعض..!.