فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تريم.. اسم في ذاكرة الزمن
نشر في الجمهورية يوم 09 - 08 - 2007

تريم بلد عتيق، وتاريخ عريق، ومدينة علم وثقافة وأدب ، وهي على ما حباها الله من مميزات استطاعت أن تختزن علومها وثقافتها وتراثها، وتعد اليوم من أشهر مدن حضرموت وأقدمها، وهي تشكل في خريطة الجمهورية اليمنية اسماً لامعاً له بريق يجذب الزائرين والسائحين إليها من شتى أنحاء العالم؛ لهذا نشرت مجلة (الفيصل) موضوعاً ليتعرف القارئ الكريم إلى هذا الاسم الذي يقفز في ذاكرة الزمن البعيد.
التسمية والتعريف
تريم مدينة تاريخية، تضرب بأطنابها في جذور السنين، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد ملوكها، وهو تريم بن سباء الأصغر، وتسمى ب «الغنّاء» لبساتينها وحدائقها التي تتغنى فيها الأطيار فرحة تنتقل من شجرة إلى أخرى، وتسمى أيضاً «بوادي ابن راشد» نسبة إلى سلطانها عبدالله بن راشد الذي اتصف بالعدل، وتولى الحكم بالاختيار والتزكية سنة 395ه.
الموقع والمناخ
تقع مدينة تريم على خط طول «48» درجة و58 دقيقة و«25.32» ثانية، شرق جرنتش، ودائرة عرض «16» درجة ودقيقتين و«57» ثانية شمال خط الاستواء، وترتفع عن سطح البحر ب «2070» قدماً وهو ضبط دقيق حسب رصد المستشرق البريطاني الكابتن «بيش».
وتحد مدينة تريم من ناحية الغرب سلسلة هضاب تسقط على صحارٍ واسعة، ومن الشرق مدينة «قسم»، والمناطق التالية لها تنتهي إلى السوم التي تبعد عن مدينة تريم بنحو «35» كم، وهي تكوّن مديرية أخرى، ومن الشمال منطقة دمون التابعة لمديرية تريم، والتي تنتهي إلى هضاب وسهول تختزن فيها المياه الجوفية الصالحة للشرب، ومن الجنوب المناطق والقرى التابعة للمدينة كالغرف التي كان بها موقع المطار القديم الذي ظل مواكباً لحركة الطيران حتى أنشئ مطار سيئون الذي يوفر الخدمة حالياً لمنطقة حضرموت الداخل.
وتنتهي حدود مديرية تريم من الناحية الجنوبية إلى مديرية «ساه» وبالجملة، فإن مديرية تريم تقع في الناحية الشمالية ضمن محافظة حضرموت في الجمهورية اليمنية.
ويعرف جو المدينة بالحرارة في فصل الصيف، وبالبرودة في فصل الشتاء، وهو جاف، وخاصة في الأودية، ومتقلب بين الحرارة والبرودة من وقت إلى آخر، وقد يعتدل بعض الأحيان.
وقد اجتاحت المدينة أمطار وسيول كبيرة عام 1987م، وخربت كثير من بيوتها ومدارسها.
السكان
يبلغ عدد سكان مديرية تريم مئة وستة وعشرين ألف نسمة حسب إحصاء عام 2000م، ويشتغل أغلبهم بالزراعة والبناء العمراني والتجارة والحرف والصناعات الخفيفة، وجزء منهم في الوظائف العامة للدولة، كما يتخذ بعضهم الاغتراب في دول الجوار، وخاصة المملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربي، موقعاً للعمل.
النشوء
يرجع تاريخ نشوء المدينة إلى ما قبل الميلاد بأربعة قرون عند بدء ظهور دولة الحميريين، وهذا ما أكدته النقوش التي وجدت في شمال المدينة في مكان يسمى شعاب الهادي على يد السائحة الأجنبية فرايا إتسارك، ويقال أيضاً: إن تريم أسست في عهد السبئيين، وهناك قول آخر: إنها اختطت في عهد أسعد الكامل وهو تابعي حميري، وتواريخ كل هذه الأقوال يقترب بعضها من بعض، وإذا أردنا أن نعرف اختطاط المدينة عند إنشائها، فإنها لم تكن كبيرة كما هي عليه اليوم، بل كانت صغيرة متقاربة الأطراف، تحيط بها سلسلة من الجبال والهضاب تكتنف أجزاءها الداخلية.
تريم في عهد الإسلام
وقد كان لتريم حضور متميز، كغيرها من المدن، في عهد الإسلام، إذ كان لحضرموت وفد لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى أثر ذلك فقد عيّن عليه الصلاة والسلام أول عامل على حضرموت هو زياد بن لبيد البياضي الأنصاري، وكان استقراره بين تريم وشبام، وكانت تريم تحت دائرة الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، ثم في دولة الأمويين، ثم انتقلت إلى حكم الإباضيين بعد ثورة طالب الحق الكندي سنة 129ه، ثم في القرن الخامس الهجري انتقلت من الحكم الإباضي إلى الحكم الراشدي، وتنتهي الدولة الراشدية، وتدخل تريم في إطار السلطنة اليمانية التي أسسها مسعود بن يماني سنة 648ه، وتنتهي هذه السلطنة اليمانية، وتدخل في إطار الدولة الكثيرية الأولى الممتدة من سنة 800 ه إلى سنة 1130ه، ثم تدخل المدينة في عهد حكم يافع الذي ينتهي ببروز الدولة الكثيرية مرة أخرى، وتدخل تريم من جديد في إطار هذه الدولة حتى عام 1967م حين حصلت البلاد على الاستقلال الوطني في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وما لبثت كذلك حتى أعيد توحيد اليمن بشطريه في عام 1990م، لتكون واحدة من مدن الجمهورية اليمنية.
مساجد تريم
اشتهرت المدينة بكثرة مساجدها حتى أن بعضهم يعدها 360 مسجد، خاصة إذا عرفنا أن المسجد الواحد، وإن كان ذلك نادراً، يضم عدداً من المساجد، وأغلب هذه المساجد قديمة وأثرىة وهنا نتطرق إلى بعضها، ونبدأ بأقدمها:
مسجد الوعل: ينسب إلى الشيخ علي بن محمد الخطيب المتوفى سنة «641ه»، وقد ألحق مسجده هذا بما قبله، وهو الذي ابتناه سنة «43» هجرية التابعي أحمد بن الصحابي الجليل عباد بن بشير، الذي دفن في قرية اللسك التابعة لمدينة تريم.
مسجد الجامع: يعود تأسيسه إلى ما بين سنة «375و 402ه»، وقد أنشأه الحسين بن سلامة «أحد حكام اليمن»، ثم أقيمت عمارة جديدة للجامع سنة 581ه، أما العمارة الثالثة فقد كانت في نحو الثمانمئة هجرية، والعمارة الرابعة للجامع كانت بعد التسعمئة هجرية، والعمارة الخامسة والأخيرة وهي الموجودة حالياً يرجع تاريخها إلى سنة 1392ه، وهناك خلاف في القول، فمنهم من يقول: إن هناك عمارة أخرى بين الرابعة والأخيرة، ومنهم من ينفي ذلك، ويقول: إن الجامع عمّر هذه العمارات الخمس المذكورة.
مسجد القوم: كان يطلق عليه مسجد بني أحمد، وحالياً يطلق عليه مسجد بني علوي، وقد ابتناه قبل تسعمئة سنة علي بن علوي الملقب ب«خالع قسم» المتوفي سنة 529 هجرية.
مسجد السقاف: مسجد أثري قديم أسسه عبدالرحمن السقاف، المتوفي سنة 819ه، وهو أول من ابتكر البرك المائية بمكان الوضوء في المساجد بحضرموت.
مسجد المحضار: مسجد شهير ابتناه عمر المحضار سنة 823ه، وابتنى منارته من اللبن وجذوع النخل العلامة أبو بكر بن عبدالرحمن بن شهاب المتوفى سنة 1262ه، وقد اشتهرت هذه المنارة بالارتفاع إذ يبلغ طولها 170 قدماً، وهي محل إعجاب الزائرين لها.
مسجد العيدروس: بناه عبدالله بن أبي بكر العيدروس المتوفى سنة 865ه.
مسجد الشيخ علي: جددت عمارته سنة 913ه، وهو منسوب إلى الشيخ علي بن أبي بكر.
مسجد شجعنة بن راشد: بني سنة 551ه، وجدده الشيخ رضوان بافضل سنة 918ه، ويسمى مسجد «فضل بامقاصير».
مسجد باجرش: جدده الشيخ عمر بامصباح سنة 910ه.
مسجد الزهرة: بناه عبدالرحمن بن عبدالله بلفقيه المتوفى سنة 1122ه.
حصن الرناد
ومن الآثارالعمرانية في مدينة تريم حصن الرناد الذي بني قبل البعثة المحمدية بأربعمئة عام، وبني على أنقاضه القصر الموجود حالياً، وجدد عمارته سلاطين آل كثير سنة 1357ه، والذي صار مقراً للحكومات المتعاقبة على المدينة منذ إنشائه، وربما يتحول تقريباً بعد ترميمه إلى متحف أثري يضم نماذج من الصناعات الحرفية القديمة، ونماذج أخرى للعادات والتقاليد من الموروثات الشعبية.
للمدينة سور كبير يحدد مساحتها الداخلية، ويحميها من أطماع الغازيين، وقد بني سنة 895ه ثم خرب سنة 910ه بأمر الحاكم آنذاك، وأعيد بناؤه سنة 913ه، وبنيت في ذلك العهد ثلاثة مداخل رئيسة للمدينة، ولم يبق من السور إلا الأثر، أما المداخل فقد أزيلت.
قصور تريم
قصور تريم في غاية الروعة والجمال، وهي خير شاهد على الفن المعماري الفريد، وكانت لأثرياء أهالي تريم، ويرجع تاريخ بنائها إلى ما قبل نصف قرن من الزمان، ومايزيد، ومثلما تفنن أربابها في طرازها المعماري تفننوا أيضاً في تسمية بعضها باسماء عواصم وبلدان شهيرة، فمن هذه القصور: «الرياض- الطائف- أسمره- التواهي- دار السلام- المنيصورة- قصر القبة- عشة- خميران- البطيحة- سلمنانة- بن علي- بلعشر- بخيتة- المدح- باحواش- حمطوط- الخضيب» وغيرها.
مخطوطات المدينة ثروة وقيمة علمية
اهتم كثير من الشخصيات العلمية بتكوين مكتبات داخلية في البيوت بجهود ذاتية، إذ تم نسخ الكتب أو اقتناؤها بالشراء، وهي مخطوطات نادرة جداً ذات قيمة علمية كبيرة، وضمت كلها في مكتبة واحدة في عام 1972م، وهي مكتبة الأحقاف للمخطوطات موزعة على مكتبات الأفراد على النحو الآتي:
- مكتبة الحداد أسست سنة 1225ه/ 1810م.
- مكتبة ابن يحيى أسست سنة 1265ه/ 1848م.
- مكتبة آل جنيد أسست سنة 1268ه/ 1851م.
- مكتبة آل ابن سهل أسست سنة 1274ه/ 1858م.
- مكتبة رباط تريم أسست سنة 1305ه/ 1887م.
- مكتبة الحس بن عبدالله الكاف أسست سنة 1334ه/ 1915م.
- مكتبة الحسيني والحامدي أسست سنة 1315ه/ 1897م.
- مكتبة آل الكاف أسست سنة 1350ه/ 1931م.
- مكتبة السلطان صالح القعيطي أسست سنة 1361ه/ 1943م.
- مكتبة عينات أسست سنة 1350ه/ 1931م.
- مكتبة المركز اليمني جمعت سنة 1398ه/ 1977م.
- مكتبة الحبيشي جمعت سنة 1405ه/ 1984م.
- مصادر أخرى جمعت سنة 1400ه/ 1979م.
وتحتوي مكتبة الأحقاف على 3132 مجلداً، تضم على ما يربو على خمسة آلاف مخطوط، ويرتاد الكتبة يومياً الباحثون والمهتمون والزوار للتعرف إلى تلك الثروة العلمية، وقد قامت بعثة مصرية بزيارة المكتبة في 15 مايو/ آيار عام 1974م، وقامت بعثة علم الآثار التابعة لأكاديمية العلوم السوفيتية «آنذاك» بتصوير بعض المخطوطات بالمكتبة.
وفي 11 ابريل/ نيسان عام 1976م قامت بعثة جامعة الدول العربية «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» بزيارة المكتبة، وصورت نفائس من المخطوطات، ثم قامت بزيارة أخرى في عام 1983م، وصورت «394» مخطوطة.
ومن أنفس المخطوطات:
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للشيخ عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911ه، وعلى النسخة خط المؤلف.
- التبيان في تفسير القرآن سنة 595ه.
وهناك نسخة من الجزء الثامن من كتاب «الإكليل» للهمداني مكتوبة في القرن الخامس الهجري، وتوجد نسخة كاملة من «قلائد النحر في وفيات أعيان الدهر» للطيب بن عبدالله بامخرمة، وتعدّ أقدم نسخة من الكتاب.
وتوجد مكتبات للقراءة العامة والمطالعة توفر الجو الملائم للبحث، ومن هذه المكتبات مكتبة الأحقاف للمطبوعات التي أسست عام 1972م، ومكتبات أخرى استحدثت كلها في العقد الأخير من القرن العشرين.
العملات والنقود
ضربت لمدينة تريم بعض العملات والنقود وهي كما يأتي:
- عملة تريم يطلق عليها «خماسي بن سهيل» ضربها حسن بن سهل سنة 1258ه - 1842م.
- عملة أخرى ضربها حسين بن سهل، وذلك سنة 1270ه- 1853م.
تريم: اسم إحدى مدينتي حضرموت، لأن حضرموت اسم للناحية بجملتها، ومدينتاها شبام وتريم، وهما قبيلتان سمّيت المدينتان باسميهما؛ قال الأعشى:
طال الثواء على تريم
وقد نأت بكر بن وائل
معجم البلدان، ياقوت الحموي
دار صادر- بيروت ج2، ص28.
- عملة ضربها شيخ الكاف سنة 1315ه/ 1897م.
الحركة العلمية
ضمن الحركة العلمية في المدينة أسست فيها مواقع علمية بارزة أسهمت في رفع شأن البلاد، وانفتاحها على العالم، فقد افتتح رباطها الشهير الذي عرف بأزهر حضرموت في سنة 1304ه، وارتاده الدارسون من مناطق شتى من العالم، وحمل الدعاة من تريم لواء الدعوة الإسلامية إلى كثير من البلدان، وخاصة إفريقيا وشرق آسيا، وقد تزوج بعضهم في المهجر، فاختلطت الدماء بعضها ببعض، فتجد ملاويين وأفارقة من أصول حضرمية، وربما تجد حالياً شخصيات كبيرة تتقلد مناصب عليا في دول المهجر لها جذور تريمية.
وفي المدينة مركز للإفتاء يؤدي مهامه للرد على الفتاوى الشرعية التي تصله بين الحين والآخر.
كما افتتحت بعض مراكز التدريس الأخرى، ففي مجال القرآن الكريم وعلومه أسست قبل ستمئة عام مدرسة «قبة أبو مريم» لتحفيظ القرآن الكريم، وهي تمارس نشاطها إلى الآن، وأسست أيضاً «زاوية الشيخ سالم» لتدارس علوم الفقه، وهي للشيخ سالم بافضل المتوفى سنة 581ه، ثم بدأ الإتجاه نحو منهجية التعليم وتحديثه، فافتتحت لهذا الشأن مدرسة «جمعية الحق» بتريم التي أسست سنة 1334ه، وتولى نظارتها المؤرخ الشهير الأستاذ محمد بن هاشم سنة 1346ه، ثم توقفت لأسباب إقتصادية، ثم فتحت مدرسة «الكاف»، ثم مدرسة «جمعية الأخوة والمعاونة» سنة 1352ه، ثم افتتح «المعهد الفقهي العلمي» سنة 1377ه، وتوالى فيما بعد افتتاح المدارس الحديثة للبنين والبنات حسبما تدعو الحاجة إليها.
وفي مدينة تريم حالياً مدارس منهجية حديثة تابعة لوزارة التربية والتعليم ومدارس أهلية، وبالمدينة كلية أهلية خاصة هي «كلية الشريعة»، أسست عام 1995م، و«جامعة الأحقاف»، ومعهد أهلي هو «معهد الحداد» الذي يغذي كلية الشريعة المذكورة بالمتخرجين منه سنوياً، وفي المدينة أيضاً مؤسسة تعليمية أهلية خاصة «دار المصطفى للدراسات الإسلامية» أسست عام 1416ه، وافتتح بها حالياً مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، وهناك مدرسة أهلية خاصة تشرف عليها أيضاً الوزارة، وهي مدرسة «دار السقاف» التي افتتحت سنة 1415ه.
الصحافة
للصحافة القديمة في مدينة تريم دور مهم إذ كانت تعد الوسيلة الإعلامية التي تكاد تكون الوحيدة في البلاد، ومع أن بعضها كان محدود التداول ومخطوطاً إلا أنها قامت بدوره في عملية التوعية الصحفية، ونذكر من هذه الصحف على سبيل المثال لا الحصر:
- حضرموت: صحيفة خطية تصدر في مدينة تريم يديرها الأستاذ شيخ بن عبدالرحمن بن هاشم السقاف صدر منها أربعة أعداد فقط، وانقطعت فيما بعد.
عكاظ : مجلة شهرية أدبية خطية كان يصدرها الأستاذ عبدالله بن أحمد بن يحيى.
- الإخاء: صحيفة أصدرتها جمعية الأخوة والمعاونة عام 1938م، ثم طبعت أعدادها بالآلة الكاتبة.
- الحلبة: صحيفة خطية يدير تحريرها الأستاذ موسى الكاظم بن يحيى، وصدر العدد الأول منها سنة 1357ه/ 1938م.
وهناك صحيفتان تصدران في المهجر ويديرهما اثنان من أبناء تريم، وهما:
- البشير: أصدرها الأستاذ محمد بن هاشم.
- حضرموت: صدرت في سوربايا «إندونيسيا» عام 1920م، ويرأسها الأستاذ عيدروس عمر المشهور.
الري والزراعة والسدود
وقد تم تنظيم عمليات الري والسدود بقصد تنظيم الزراعة التي كان يعوّل عليها في تحقيق الإكتفاء الذاتي لغذاء السكان والحيوان، واشتهرت المدينة بالنخيل الذي ينتج أنواع التمور، والذي كان في فترة سابقة الغذاء الرئيس للناس، وخاصة إبان الحرب العالمية الثانية، ولقد كان في العهود الغابرة اهتمام أكبر بالنخيل حتى أن الإمام محمد بن علي المتوفى سنة 653ه، وهو من الوجهاء المحسنين في تريم، كان يجهز في السنة الواحدة 360 زيراً من التمر يتصدق كل يوم بزير واحد على الفقراء والمحتاجين والمعوزين.
أسواق المدينة
توجد في المدينة أسواق تلبي حاجة الناس، وإضافة إلى هذه الأسواق الجديدة هناك أسواق قديمة منها:
- سوق الحدادين: وفيها يقوم أولئك ببيع منتجاتهم الحديدية المختلفة من أبواب ونوافذ وأغراض أخرى للاستعمال المنزلي.
- سوق الخزف: ويعرض فيه أصحاب هذه الحرف الخزفية بضائعهم المختلفة التي تشمل أنواع التنانير «جمع تنور»، وأواني الشرب، والمباخر، وبعض المجسمات.
- سوق الاثنين والخميس: يعرض الباعة في هذين اليومين ما لديهم من منتوج المشاغل اليدوية للخوص وبعض المنتجات الأخرى.
- سوق الذهب والفضة: ويوجد في المدينة سوق للذهب والفضة تتم صياغتهما بأشكال فنية تلبي الرغبة، وهذا العمل التجاري والصناعي قديم، وله محترفوه.
إضافة إلى ما مر من الحرف اليدوية هناك حرف أخرى منها: الأعمدة المدورة التي تسمى«السواري»، وهي عادة توضع على شكل أسطوانات حجرية الواحدة فوق الأخرى لتكون عمداً مستطيلاً يعتمد عليه ركيزة لسقوف المنازل، وقد ذكر الدكتور/جواد علي في كتابه «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام» ما مضمونه: «أن هذ الأعمدة المدورة هي من صنع الجنوبية العربية، ونقلها الأحباش عنهم في معابدهم».
أما الصناعات المنقرضة فتتمثل في صناعة النسيج اليدوي التي تسمى «المحايك»، فقد ذكروا أن في مدينة تريم، وذلك قبل مئة عام أو يزيد، أكثر من أربعين معملاً يدوياً للحياكة على الطراز القديم، وقد تم الاستغناء عنها بسبب تكاثر الطلب، وتقدم الصناعة الحديثة، وسهولة الاستيراد الخارجي، وهناك حرفتان منقرضتان تقريباً تتمثل الأولى في عمل الدباغة لجلود الأغنام، إذ كان الطلب متزايداً في استعمال الخزان المائي المحمول من جلد الأغنام، ونتيجة لدخول المدينة الحديثة، وتقدم صناعة البرادات تم الاستغناء تقريباً عن الصناعة القديمة، أما الصناعة الثانية والتي هي من نسيج الخوص والتي كان يصنع منها السلالم، والمراوح اليدوية، والحصر، وستائر النوافذ، وسفرة الطعام، فقد زحفت الصناعة الحديثة على كل هذه الأغراض ذات المنشأ المحلي، وغدت رغبة الناس فيما ينتج من هذه المواد المصنعة بطرائق ووسائل تقنية جديدة.
اللباس والطباخة
في مدينة تريم يكاد لباس الناس يكون موحداً، وبسبب هجرة الآباء والأجداد إلى الجزر الملايوية تأثروا بلباسهم، ونقلوه إلى موطنهم الأصلي، فترى عامة الناس تقريباً يرتدون الإزار «الصاروم»، ويتقلدون المعطف «الجاكيت» القصير «القميص»، ويضعون القبعات على رؤوسهم «الطاقيات- الكوافي»، ويلبس الشيوخ ومن في درجتهم القميص الأبيض العرببي الطويل والعمامة، وللمرأة في تريم لباسها الخاص الذي يعرف بلباس الحشمة والوقار، وأغلب النساء في المدينة ربات بيوت لا يختلطن بالرجال حتى في المناسبات ، ويمتاز المطبخ التريمي بالتنوع في المأكول والتفنن في الإعداد والتحضير، وترى أحياناً في المائدة الواحدة من الطعام والإدام أكثر من عشرة أنواع، أغلبها مستورد، إلا أنه بفعل التقادم الزمني أصبح متأصلاً، وفناً من فنون الطبخ والعمل المنزلي.
الشعر والقناصة والرياضة
أغلب بيوتات تريم تجد فيها شعراء على مرور الزمان، وربما تناسلت المواهب الشعرية، فأخذها المعاصرون أباً عن جد، وقد ذكر الأستاذ/عبدالله محمد السقاف في كتابه «تاريخ الشعراء الحضرميين» كثيراً من شعراء تريم عند ترجمته لشعراء حضرموت، ولقناصة الظباء والوعول اهتمام كبير خاصة عند الماهرين في فن القناصة فترى في أوقات فصل الشتاء جماعات ترحل إلى شعاب الجبال، وتبقى أياماً، لغرض القنص، أما الرياضة فتتخذ لها مكاناً كبيراً في صفوف الشباب، وما زالت محل أنظار الجيل الجديد وإعجابه.
الألعاب الشعبية والفنون
وتتمثل الفنون في «الدان» الذي ترك بصمات جلية على نجاحه في صفوف المجتمع قبل أكثر من قرنين من الزمان، والنوع الآخر هو فن «الزربادي» الذي مازال يمارس منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري، ويؤدى في حفلات الزواج، وإن كانت هناك الفرق الموسيقية الحديثة التي تزحف على هذا الفن إلا أنه يبقى قائماً له جمهوره الخاص.
الشبواني: من الألعاب الشعبية الشهيرة الباقية إلى يومنا هذا، ولها امتداد تاريخي لعبة الشبواني، ويقال: إن أصلها من شبوة، ويحمل مؤدوها العصي يلوحون بها في الأفق، ويلبسون نوعاً خاصاً من الأردية، وعلى رؤوسهم «عمائم»، ويسيرون في الطريق على إيقاعات ونغمات شعرية معينة.
الرزيح: لعبة شعبية، وسميت بالرزيح لأن الذين يمارسون هذه اللعبة يرزحون بأرجلهم على الأرض.
النشيد: ويرجع تاريخ ظهور النشيد إلى ما يقرب من ألف عام، وفيه تنوع يدل على قدمه، وهو غني يحتاج إلى دراسة وتوثيق من ذوي الشأن.
تريم في العهد الجديد
تم إعلان انضمام مدينة تريم عام 1994م إلى عضوية المدن الإسلامية في الدورة الرابعة عشرة للمجلس الأعلى لمنظمة المدن والعواصم الإسلامية شهدت المدينة بعض المنجزات والمكاسب، منها:
تحويلها من مركز إلى مديرية بقرار جمهوري صدر عام 1999م، وفي العقدين الأخيرين من القرن العشرين أدخل البث التلفازي إلى المدينة عبر شبكة داخلية لإعادة البث لقناة عدن التلفازية ثم الربط والاستقبال المباشر، وما لبث ذلك حتى عمم البث المركزي للقناة الأولى من العاصمة صنعاء، وفي المدينة تيار كهربائي ممتد من محطة كهرباء الوادي التي أنشئت عام 1983م، والتي تغذي كل مدن وادي حضرموت، بعد أن كان لتريم شركة كهرباء خاصة في مشروع مياه حديث مولته الحكومة، وقرض من البنك الدولي عام 1999م.
وأدخل الهاتف في المدينة عام 1987م، ورصفت بعض شوارع المدينة الداخلية بخط معبّد جديد.
ويرتاد المدينة سياح يومياً سياح من مختلف أنحاء العالم للإطلاع على معالمها وتراثها وتاريخها العريق.
النشاط الإقتصادي
وفي المدينة نشاط تجاري تشهده منذ الصباح الباكر عند غروب الشمس، إذ تقل الحركة، بل تتلاشى تدريجياً عند الليل، ويعتمد ذلك النشاط بقدر كبير على عائدات المغتربين من التحويلات المالية للبلاد.
ولأبناء مديرية تريم اهتمام بالزراعة وتربية الحيوانات، والثروة الحيوانية في تريم تكاد تكون محصورة على الأغنام والدواجن، وتتكاثر في المزارع والمناطق الريفية بالمديرية، إذ تتوالد وتنمو بسرعة نتيجة لوجود الجو الملائم لها، ويهتم أهالي المدينة بتربيتها في البيوت، ويعتمدون على شراء غذائها من العلف والبرسيم خلاف أبناء البادية الذين يعتمدون في غذائها الأساسي على الرعي.
وتشير دلائل الاستكشافات القديمة والجديدة أن المنطقة تختزن ثروة معدنية ستسهم مستقبلاً في تحسين الأوضاع بشكل عام.
عادات ومأكولات
ويجلس أفراد الأسرة يومياً لتبادل أطراف الحديث، وشرب الشاي الذي أصبح عادة وتقليداً عائلياً راسخاً والذي ظهر أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وهو أول ما يقدم للضيف في مدينة تريم.
وهناك عادات للترويح النفسي منذ أمد بعيد تتمثل في النزهة ليلاً وما زالت قائمة إلى يومنا هذا، إذ يتم الاحتفال، وخاصة من قبل الأطفال والشباب، فيطلعون الجبل بمعداتهم وأواني الشرب والأكل يقضون ليلتهم في فرح ومرح، وذلك يوم السابع من شهر ذي الحجة، ويوماً ثانياً هو آخر أربعاء من شهر صفر من كل عام.
أما المأكولات القديمة التي لها امتداد سابق في عهد الآباء والأجداد، والتي يتوارثها الناس جيلاً بعد آخر فتتمثل في عملية تخزين التمر في الأزياء المصنوعة من الخزف، وكذا تجفيف قسط من لحوم الأضاحي ومزجه بالبهارات والخل حتى لا يتلف، وتخزينه في بالونات لحمية «بنكرياس الأغنام» ثم استعماله كما جرت العادة ليلة رأس السنة الهجرية، ووقت الحاجة إليه في سائر أيام السنة.
وأغلب البيوت في تريم من الطين وتجصص من الداخل بالنورة البيضاء، وربما من الخارج أيضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.