إن البشارات لآخر الأمم انبعاثاً كثيرة،كما نجدها في آيات القرآن الكريم،والأحاديث القدسية، والأحاديث النبوية،وكلها مصدر استبشار واعتزاز لمن شرفه الله تعالى بالانتساب لها، فطوبى لمن جعل الله تعالى فترته مرتبطة بفترة انبعاثها،وكان عمله صواباً موفقاً ..يقول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم:«إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله»عن معاوية بن حيدة /أخرجه الإمام الترمذي...ونفهم من هذا الحديث أن تعداد الأمم على وجه الأرض من حيث الرسل والرسالات،لامن حيث الأعراق والقوميات سبعون أمة، ومهما تعددت الرسل للأمة الواحدة فإنها تنسب لرسالة واحدة ،فيقال على سبيل المثال، أمة اليهود،أمة النصارى ،وأخيراً أمة الإسلام فجعل الله تعالى ختام الرسل والرسالات والأمم بخير أمة أخرجت للناس،فكان الختام مسكاً، حيث ظل الخير يتعاظم في رسالات الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام حتى كان تمامه وذروة كماله واكتماله برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو قد قال في الحديث الصحيح «بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب» عن أبي بي كعب /اخرجه أحمد والحاكم .. ويتحقق النصر والتمكين للأمة بالأخذ بالأسباب،ومنها الاعتصام وعدم التنازع،والعدل ،والظفر بالقوة والتسلح بالعلم،وتسخير المجموع لنصرة الحق وانتهاج سبل الخير،وقد وقع كثير ممن تولوا الإمارة أو الرئاسة،وسخرالله تعالى لهم قدراً من الأتباع لينظر ماذا هم صانعون؟فأصاخوا سمعهم للشيطان فأمرهم بمالم يأمرهم به ربهم جل وعلا،فشقوا عصا الطاعة وفارقوا الجماعة،وخرجوا على إجماع الأمة في طاعة ولاة الأمر،وعدم الإفساد في الأرض ،وماهكذا يكون حال من أورثهم الله تعالى قدراً من محبة الناس المحيطين بهم،فتعشموا فيهم الخير واعتقدوا فيهم النفع،فأوردوهم الهلاك من أجل رغبة دنيوية زائلة أو فكر مارق غال وضال يتنافى مع وسطية الإسلام وعدله فلي الناس،وهذا هو ماوقع في تلك البقعة الغالية من وطننا الحبيب اليمني محافظة صعدة، فماذا جنى أولئك غير الخيبة والانكسار، وأوزار دماء سفكوها وأرواح أزهقوها،فما أرادوه لهذا الوطن الكبير المعتصم بحبل الله المتين والموحد لله رب العالمين من فرقة وتمزق وضغينة وهلاك صار فيهم ومن نصيبهم ،فذهبوا غير مأسوف عليهم. إن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم يرينا كيف يكون تسخير المجموعة لمافيه الخير، وبحيث لايشقى بها غيرها ،وأن تكون في صف الحق على الدوام،وأن لايدفعها ما تتعرض له من ظلم وعدوان أن تسلط ردة فعلها على الأبرياء،لأنها إن فعلت ذلك فارقتها خيريتها على الأمم بقدر ما عملت من سوء..فلقد انتصر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لعرض امرأة مسلمة انتهك ،ولدم رجل مسلم سُفك في سوق اليهود من بني قينقاع ،وكان هناك غيرهم: يهود بني النضير،ويهود بني قريضة ويهود خيبر،ولكنه لم يوقع العقوبة إلا على مستحقيها ،ولم يعمم العقوبة على أهل الديانة كلها،.وهذا هو العدل الذي يثمر النصر والغلبة والتمكين في الأرض،وهو مالم تفهمه جماعات أدعت أنها من أمته فخرجت على الناس تقتل البريء والمستأمن،والمسلم والمسالم،ولم تفرق في ردة فعلها بين حق وباطل ،فنصبوا أنفسهم قضاةً ومشرعين وولاة أمرٍ وجلادين ومما لايتجانس مع مسلكهم أن يسموا أنفسهم المجاهدين في سبيل الله ..أما الوصف الذي يجب أن يلتصق بهم فهو أنهم القتلة لخلق الله،وإن مردود أعمالهم قد جلب على الأمة الويلات،وأصبح الآخرون ينظرون إلى أبناء الإسلام كقتلة وقطاع طرق وأرباب غدر وبغي قد خلت قلوبهم من الرحمة،فأنى يهتدى بهم بعد ذلك؟لقد أضاعوا معالم الطريق الحق،وأصبح مالديهم هو القتل كيفما اتفق،ولو أنهم سخروا جهدهم وأموالهم في التأليف بين القلوب والدعوة إلى الله تعالى وتربية أبناء الإسلام على المنهاج الحق من غير تفريط ولاشطط لزرعوا الخير من حولهم وفي أرضهم ، ولصدروه بعد ذلك إلى غيرهم. وحازوا في الدنيا السعادة،وفي الآخرة رضوان الله والخلود في الجنة.