ذات مرة، قبل بضع سنوات، عندما كان الأخ العزيز سمير اليوسفي رئيسًا لتحرير الثقافية، ألتقيته، وسألني: لماذا لا أكتب للثقافية عن الرياضة؟ ودخل الحديث السريع عمقًا آخر في اطار السرعة ذاتها، حول دور الثقافة في الرياضة، ودور الرياضة كصناعة تساهم في خلق بيئة ثقافية! أعلم أن الحديث فيه كثير من (الأكاديمية الفكرية والثقافية) التي قد تعلو على قدراتنا أنا العامل البسيط في قطاع الشباب والرياضة والإعلام، ولكن المرء لا يمكن أن يمنع نفسه من الاجتهاد، ويترك للآخرين تقييم محاولاته. فعلاً يحتاج الأمر الى محاولة على قدر من الحرص والجدية، وسأعد نفسي لذلك في أقرب فرصة، ولكن سأجعل مدخلي الى تلك البوابة، النجم الذي أعجبت به، وأحببته واحترمته طوال مسيرته الرياضية على ملاعب كرة القدم في بلادنا. وهو معروف لغالبية أبناء اليمن في الداخل والخارج ولكثير من أهل المنطقة وباقي العرب؛ انه النجم الكبير، الخلوق، المحترم: شرف محفوظ. ما علاقة شرف محفوظ نجم التلال والمنتخبات الوطنية الذي خدم الرياضة اليمنية طوال عقدين ونصف من الزمان بالفكر والثقافة التي خشى عليها العزيز سمير اليوسفي؟! السؤال دقيق!، ولكن الإجابة موجودة!، فاللاعب أو الرياضي لا يكون نجمًا إلاّ اذا اجتاز قواعد مهنية وتقنية، وقد يكون النجم نجمًا، ولكنه قد لا يكون محبوبًا في أوساط الجماهير، لأن القواعد والأسس التي مر عليها كانت مشبعة بالحرفية الشديدة، ولكنها افتقدت القيم الإنسانية والروحية والجمالية التي يفرزها التواضع بالدور الجماعي لباقي مجموعة الفريق، وامتثال صفات القدوة على درب العطاء والتنافس. المهنية والمحبة، قد تمنحان النجم منزلة جيدة لدى الجماهير، ولكن المنزلة تعلو اذا وضع النجم نفسه موضع الاحترام الى جانب ما ذكرت، وهذه مرتبة ليس من السهل الوصول إليها، إلاّ اذا سطع النجم بمزايا اضافية تؤكد أنه غير حسود، وغير حقود، وسبّاق الى التضحية من أجل ناديه، وزملائه ويبادر الى الاعتذار للآخرين لمجرد إحساسه، أن لديهم التباس أو سوء فهم حتى ولو لم يكن ذلك موجودًا. هذا النوع من النجوم، يؤدي وظيفة إنسانية واجتماعية وثقافية وابداعية تخدم المجتمع، وتقدم صورة مختلفة للرياضة التي يعتقد كثيرون خلافًا لسمير اليوسفي- أنها ساحات للهو والتسلية وتضييع الوقت، وغير ذلك. النموذج الذي ذكرته هو النجم شرف محفوظ، الذي عرفته منذ كان لاعبًا ناشئًا في صفوف التلال. ومثله قليل على الملاعب الرياضية في بلادنا، حتى في مجالات مختلفة، عندما يقدر على أن يوجد رابطًا بين الرياضة، والقيم الاجتماعية، وثقافة الارتباط الإنساني بالجماهير. شرف محفوظ مثلنا اليوم، بمناسبة اعتزاله اللعب غدًا الأحد بعدن وسط محبة من قيادات الدولة والوطن والرياضة والجماهير. ويبقى الحديث عن الثقافة بالرياضة والعكس قائمًا لأن المداخل والأمثلة ليست قليلة..!