- مدير عام الدفاع الاجتماعي : - الطفل اليتيم إذا ترك في الشارع ولم يتدخل المشرّع يصبح من ضحايا العنف - منسق حماية الأطفال : - الطفل المشرد يعاني الحرمان ويتعرض لعنف جسدي ونفسي الأطفال أحباب الرحمن ، ومرحلة الطفولة من أهم المراحل التي يجب أن تحظى باهتمام ورعاية سواء من قبل الحكومات أو الأسرة أو المجتمع . وللطفل حقوق منحها إياه القانون بعد الخالق سبحانه وتعالى، وتعتبر بلادنا إحدى الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل، وتحظى الطفولة في بلادنا بالرعاية والاهتمام ولكن هذا لا يمنع من وجود مشاكل يعاني منها أطفالنا فالعنف ضد الأطفال مشكلة تعاني منها الكثير من الدول والجمهورية اليمنية بحكم موقعها ضمن دول العالم الثالث لاشك أن معاناة الأطفال من هذه المشكلة سيكون أكبر خاصة وأن المجتمع يجهل العواقب الوخيمة جراء ممارسته للعنف ضد الأطفال ، كما أنه يجهل طرق التربية الصحيحة الخالية من العنف .. في هذا الموضوع نناقش قضية (العنف ضد الأطفال)، فإلى التفاصيل : الوالدان هما السبب..! (م.م.أ) 14 عاماً.. أحد ضحايا العنف الأسري، يمكث حالياً في دار الأحداث، بدأت قصته عندما بدأ يكبر بالسن، وبدأ يتضايق من كثرة المشاكل التي كانت تحدث بين والديه، فوالده عصبي جداً ولا يعرف التفاهم أو الكلام بصوت منخفض. وكان (م) يذهب إلى المدرسة ويعود والمنزل مازال مشحوناً بالمشاكل والمهاترات بين والديه وأثر هذا على مستواه الدراسي فكان يهرب من المدرسة ولا يدخل الحصص والقول هنا ل(م) وبعد هذا فكرنا أنا وبعض زملائي أن نخرج من المدرسة نهائياً وهو ما تم فعلاً ووالدي لم يمنعني من ذلك حتى إنه لم يعرف أنا في أي صف دراسي خرجت من المدرسة وبدأت القضية عندما أخذت الفلوس حق عمي لأني شعرت بالحرمان ووالدي لم يعطني مصروفاً ويعاملني بالعنف أيضاً، وعندما عرف عمي بأنني أخذت الفلوس لم يسلمني إلى الشرطة ولكن أبي أصر على ذلك، لأن أبي كان يريد التخلص مني بأية طريقة، وحصلت مشاكل بينه وبين أمي لأن أمي كانت لا تريدني أن أدخل الدار، ومن يوم دخلت هنا (دار الأحداث) لم يأتِ أبي لزيارتي إلا مرة واحدة. فقدان الحنان منذ الطفولة (ع.ع) 28 عاماً.. يعيش متخبطاً في الشوارع (مجنون) منذ 10 سنوات، حدثنا بعض أقاربه أنه كان من أذكى أصدقائه في المدرسة، ودائماً يعامل الناس باحترام ويقدم خدمات كبيرة لكل من هو أكبر منه سناً، وكان أيضاً طائعاً لوالده في كل قراراته إلا أن والده حسب ما قيل لنا كان رجلاً رأسمالياً ويمارس الضرب والعنف ضد أبنائه جميعاً، ولكن لم يتأثر منهم أحد سوى (ع) الذي أصبح اليوم عالة على والده، خاصة بعد أن انتهت تجارة والده، و(ع) عندما عرض على طبيب نفساني لكشف حالته أكد الطبيب أن (ع) افتقد الحنان منذ طفولته، إلى جانب تعرضه لبعض المشاكل الأسرية، وهو ما حصل فعلاً. الضرب والتهديد الكثير من الآباء والأمهات يمارسون الضرب على أبنائهم (الأطفال) ويعتقدون أن هذا أحد أساليب تربية الأطفال، ومازالت أيضاً عملية (الضرب بالعصا) تمارس على الأطفال داخل المدارس من قبل المربين بالرغم من أن الجهات المختصة في وزارة التربية والتعليم تحذر من استخدام العصا ضد الطلاب. (أبو صقر) مواطن.. لا يعتقد أن هناك وسيلة أخرى لتربية الأبنا،ء ويرى أن الضرب والتهديد و...إلخ وسائل مهمة لتربية الأطفال. العنف مفهوم واسع الأخ/عادل دبوان الشرعبي مدير عام الدفاع الاجتماعي بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل تحدث قائلاً: - مشكلة العنف ضد الأطفال مشكلة كبيرة ومتشابكة وتعانيها الكثير من الدول، ومنها الجمهورية اليمنية.. ومفهوم العنف مفهوم واسع يشمل كثيراً من التعاريف أو المفاهيم الفرعية التي تندرج تحت هذا المفهوم العام، فتحت مفهوم العنف يرتبط معه مفهوم الإساءة وفي إطار العنف والإساءة هناك مفاهيم أخرى تدخل أيضاً مثل مفهوم سوء المعاملة والإهمال بمفهوم الاستغلال الجنسي أو الاقتصادي، مفهوم الإيذاء و...الخ. وبالتالي كثيرة هي المفاهيم التي ترتبط بهذه المشكلة فنجد أن مفهومها واسع جداً ويختلف تداول المفهوم من مجتمع إلى آخر حسب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في البلد أو المجتمع. وبالنسبة للجمهورية اليمنية مفهوم العنف متداول في الدراسات الاجتماعية حتى الآن فقط أما بالنسبة للدراسات القانونية أو القانون والتشريعات لا يوجد حتى الآن تحديد واضح لقضايا العنف التي ترتكب ضد الأطفال، وإنما موجودة في سياق بعض النصوص القانونية التي تجرم هذه المشكلة أو تجرم الجرائم التي توصف بأنها جرائم ضد الأطفال. الخجل الاجتماعي وأضاف الشرعبي قائلاً : - المشكلة كبيرة ولكن للأسف هذه المشكلة تتصف بالسرية والكتمان نظراً لأن العنف أغلبه يمارس في أوساط الأسر أو في المنزل أكثر من الشارع وأكثر من مؤسسات الرعاية، فالعنف الذي يمارس على الأطفال داخل الأسر أو في المنازل لا يصل إلى مسامع الجهات المسؤولة لتطبيق ما هو متاح من نصوص توفر حماية جنائية في حالة ارتكاب العنف ضده، فنجد أن الأطفال يعانون ولكن لا يستطيعون الوصول، وتتصف جرائم العنف أيضاً بالخجل الاجتماعي أولاًً فتكون من ممارسة من أحد الأقارب أو من الوالد (ضرب ابنه أو ابنته) وقد تكون هناك تحرشات جنسية في أوساط الأسرة و..إلخ. إعادة تأهيل فما يصل إلينا في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل من قضايا العنف ضد الأطفال نتعامل معه من المنظور الاجتماعي لإعادة تأهيل (الطفل) الذي تعرض للعنف مثلاً قضايا الإساءة الجنسية للأطفال لدينا (دور الأحداث) تستقبل مثل هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون لهذه الإساءات ونقدم لهم البرامج الهادفة إلى اعادة تأهيلهم وإعادة ادماجهم خاصة في جانب التأهيل النفسي، وهناك عدد من الجمعيات الأهلية التي تعمل في معالجة مشكلة العنف ضد الأطفال وتستقبل بعض ضحايا العنف من الأطفال المحتاجين إلى إعادة تأهيل نفسي من هذه الجمعيات أذكر بالأخص (مؤسسة الرحمة) و(مؤسسة إنسان) التي تتعامل كثيراً مع هذه القضايا. أيضاً الأطفال الأيتام يعتبرون من ضحايا العنف إذا ما تركوا ولم تتدخل يد المشرع أو المتدخل الاجتماعي لانتشالهم فسيوصلون إلى الشارع وسيعانون من العنف والإهمال وهناك تدخل في مجال حماية الأيتام من خلال (دور الأيتام) ومن خلال كفالة الأيتام في أوساط الأسر التي تقوم بها الجمعيات الأهلية والذين يصل عددهم إلى حوالي (40.000) ألف حالة تقريباً المسجلة.. وبالنسبة للكفالة داخل دور الأيتام فهناك (24) داراً لرعاية الأيتام تساعد في حماية هؤلاء الأطفال وإعادة تأهيلهم، منها (10) دور حكومية و(14) داراً تتبع الجمعيات الأهلية. العنف داخل مؤسسات الرعاية ويؤكد الشرعبي قائلاً: فالعنف أيضاً نجده ممارساً داخل مؤسسات الرعاية، فهناك بعض وسائل العنف تمارس من قبل العاملين في هذه المؤسسات ضد الأطفال ولكن ليس بالمستوى القوي المتعارف عليه (الجسدي، الجنسي) حسب ما هو متداول في أنماط العنف وإنما تمارس عملية الضرب على بعض الأطفال، أيضاً بعض الاهانات وهي ضمن العنف النفسي. فمن خلال الدراسة التي قام بها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وكانت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل عضواً في اللجنة التي ساعدت على تسهيل هذه الدراسة التي تناولت مشكلة العنف مباشرة، تطرقت إلى موضوع ممارسة العنف ضد الأطفال في المنزل وفي المدرسة ودور الرعاية. كما قامت أيضاً وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بدراسة حول مكافحة تهريب الأطفال، وتضمنت الدراسة أنماط العنف الذي تعرض له الأطفال أثناء رحلة التهريب والعودة.. ومن أنماط العنف الممارس وأشكاله (العنف الجسدي، النفسي، سوء المعاملة والإهمال، العنف والإساءة العاطفية والنفسية). علاقة إيذاء للطفل العقيد الركن/محمد أحمد الصباري مدير علاقة البحث، منسق حماية الأطفال بالإدارة العامة للبحث الجنائي تطرق بالحديث عن علاقة العنف بأطفال الشوارع وذلك حسب قوله كأحد أهم العوامل المؤدية إلى هذه الظاهرة والتي بدأت تقلق سائر المجتمعات ، فالطفل المشرد والمتسول والعامل وكذلك الذي يعاني الحرمان من الحنان الأبوي يكون الشارع ملاذه الوحيد في عيشه ومنامه دون حماية ورعاية. ويعرف الصباري العنف ضد الأطفال بأنه قيام بالغ عاقل بأفعال وتصرفات وممارسة سلوكيات تعرض من خلالها حياة الطفل وأمنه وسلامته وصحته للخطر، ويتضح من ذلك أن العنف علاقة إيذاء يقوم فيها المعتدي البالغ باستخدام سلطته أو قوته على الطفل المعتدى عليه، وقد يكون الاعتداء من غريب أو قريب أب أو أم أو من قبل المربين للطفل معلمأ أو مشرفاً أو مديراً أو مكلّفاً. وهذا العنف قد يؤدي إلى إصابات جسدية ونفسية ولفظية وجنسية والعنف الجسدي يشمل الضرب والرفس والركل وتركيز الضرب على الرأس، فيما يتمثل العنف النفسي في حالات التحقير والسخرية والتقليل من قيمة الآخر ويعني العنف اللفظي الشتم أو السب واللعن واستخدام الألفاظ البذيئة. أما الإيذاء الجنسي فهو الإيذاء الأعنف والأبشع والذي يترك آثاراً لا تحمد عقباها في جسد الطفل ونفسيته، فهو الإيذاء الموجه إلى الاعضاء التناسلية مباشرة سواء بالتحرش أم خدش الحياء عبر الحركات والأقوال والأفعال. الآثار النفسية والاجتماعية وقال الصباري أيضاً: - إن ظاهرة العنف بكل أشكاله ظاهرة ممقوتة ويترتب عليه تدمير أهم خلية في المجتمع ألا وهي الأطفال وعندما تبنى هذه الخلية على العنف فإنه يتولد ويتجدد ويصبح النظام الاجتماعي اللاحق على مستوى الأسرة وقد يكوت تأثير الأسرة أكثر من دور المجتمع الذي يتكون من مجموعة من الأسر. فالعنف أيضاً يترك آثاراً نفسية واجتماعية، فالآثار النفسية تصيب الطفل باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق مع التوتر والتمرد والشعور بالعنف وجرح المشاعر يؤدي به إلى التعامل مع الآخرين بقسوة قد تصل به إلى العدوانية كأن يترك المدرسة ويشعر بعدم الرغبة في الدراسة. أما الآثار الاجتماعية فتتلخص في التالي : - يترك الطفل المنزل نتيجة للعنف والإهمال وتحوله الى جانح. - تدني المستوى الدراسي، رد الفعل العنيف في البيت أو المدرسة أو الشارع. - شعور الطفل بأنه شخص غير مرغوب فيه ومكروه ، ويمكن أن يقوم بأي عمل دون حساب للعواقب. ضعف الرقابة والإشراف ويضيف الصباري فيقول: بالنسبة للمعوقات والصعوبات التي يؤدي لانتشار ظاهرة العنف، منها غياب السياسات والبرامج المتصلة بالعنف ضد الأطفال ، عدم معاقبة مرتكبي العنف. الافتقار إلى مراكز الإرشاد الأسري ليتمكن الأطفال من اللجوء اليها.. وغياب الآليات التي تمكن من الابلاغ عن حالات العنف على مستوى الجمهورية وكذلك ارتفاع نسبة الأمية من أوساط الأسر.. وضعف الرقابة والإشراف على تطبيق التشريعات والقوانين المتعارفة بالأسرة والمجتمع، ومن كل ذلك يتضح جلياً أن معظم أطفال الشوارع هم فقراء ومحرومون لا يحصلون على مقومات الحياة بشكل صحيح مما يضطرهم إلى التشرد والعمل في أماكن بعيدة عن أسرهم مما يجعلهم يتعرضون لصور شتى من العنف الموجه ضدهم من أرباب العمل ومن الغرباء وغيرهم. أهم القواعد في التعامل مع الأطفال ويوضح الصباري في حديثه قائلاً: - نلاحظ مماورد بأن هناك علاقة بين أطفال الشوارع والعنف الموجه ضدهم كما تؤكد معظم البحوث الميدانية بتأثير العنف على ظاهرة أطفال الشوارع سواء كان أسرياً أم مدرسياً أو عملياً، فمن الضروري إيجاد آلية لمناهضة العنف ضد الأطفال والحد منه، ونقترح الآتي: عدم استخدام العنف ضد الأطفال، الجلوس مع الأطفال وتوضيح الصح من الخطأ، إعطاء فرصة للأطفال للتعبير عن آرائهم أو ارساء ثقة متبادلة بين المربين والأبناء ، ارساء قواعد التربية الصحيحة والتوجيه السليم للتعامل مع الأطفال ، القدوة الحسنة واستخدام مبدأ اللوم عند الخطأ مباشرة. عدم التعامل بمزاجية مع الأطفال، عدم التوبيخ أمام بعضهم البعض وعلى مستوى الأسرة أو المدرسة أو الفصل أو الطابور المدرسي، عدم التمييز بين طفل وآخر في أي مكان كان، إعطاؤهم الثقة وعدم جرح المشاعر وتشجيعهم كلما سنحت الفرصة لذلك، أيضاً على الآباء والمدرسين أن يدركوا أنهم يتعاملون مع أطفال بمستويات شتى وفروق فردية مختلفة وعلى أساسها يجب أن تحدد طرق التعامل الاّ نطلب من أحدهم فوق طاقته وقدراته ، أيضاً مساعدة الأطفال على أن نكّون لهم شخصياتهم المستقلة والقدرة على التعامل مع الآخرين والتفكير بشكل صحيح ، حتى يتمكنوا من الخروج من أي مأزق قد يقعون فيه على ألاّ نغفل التوجيه والمراقبة المستمرة لتلك التصرفات وتلك أهم القواعد في التعامل مع الأطفال. الالتزام بتنفيذ القوانين والاتفاقات الدولية ويرى الصباري أن آلية النشاط المستقبلي للحد من هذه الظاهرة، ومنها : التوعية الأسرية بالحقوق التي نص عليها الدستور والقوانين والمواثيق الدولية وخاصة في مجال مناهضة العنف ، تنظيم حملات تنشيطية وتدريبية في المجتمع تهدف إلى خلق وعي بمسألة العنف الأسري وأضراره المستقبلية ، ومن المهم أيضاً إدماج المواد المتعلقة بحقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الأطفال بصفة خاصة ضمن البرامج المقررة في المعاهد المتخصصة والمناهج المدرسية وتأهيل القضاة ومأموري الضبط القضائي والمعلمين والتربوييين بهذه الحقوق. تفعيل دور المؤسسات القائمة على حماية الأطفال ورفع كفاءتها والالتزام بتنفيذ القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة في هذا المجال ، زيادة التوعية الإعلامية وتكثيف التثقيف في المجتمع وتوعيته بمساوئ ومخاطر العنف ضد الأطفال وكيفية تجنب تلك المخاطر التي تكون نتيجتها التشرد خارج البلاد. كذلك على مستوى المجتمعات المحلية من الضرورة زيادة الوعي وتصحيح المعلومات التي تصل الآباء وأولياء الأمور للسماح بأخذ أبنائهم إلى الخارج وتوضيح ما يتعرضون له من استغلال من قبل المهربين وأصحاب العمل وغيرهم ، وعلى مستوى السلطات المحلية والتي في قدرتها مد يد العون وتقديم المساعدة المادية والمعنوية ونشر الوعي وتصحيح المعلومات واتخاذ القرارات المدروسة التي قد تؤدي إلى التخفيف من مظاهر العنف ضد الأطفال.