في شهر رمضان المبارك مع مايحققه المسلم من انتصار لدينه وقهره لشياطين الإنس والجن فيظل على الدوام مستحضراً لحقائق وآداب الصيام كركنٍ من أركان الإسلام، نتذكر الانتصارات في معارك الاسلام ضد أعدائه، لقد انتصر المسلمون لدينهم فنصرهم الله تعالى على عدوهم «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» «7» محمد ولقد كانت أشهر معارك المسلمين والتي منَّ الله تعالى عليهم فيها بالنصر المؤزر المبين كلها في رمضان، وكان فاتحة تلك المعارك، معركة بدر الكبرى، معركة الفرقان، وفي تلك المعارك عدا معركة الفتح كان المسلمون الأقل عدداً وعدةً، ولكنهم كانوا يمتلكون مفاتيح النصر فسخروها لصالحهم فكان لهم ماأرادوه ومنحهم الله تعالى رقاب أعدائهم، لقد كان للمسلمين قبل معركة بدرٍ الكبرى العلو بالقول وامتلاك الحجة القاهرة والبرهان الساطع، والذي أعجز القوم وآلهتهم المتعددة، ثم تحقق العلو بالفعل حين أذن الله تعالى لهم بالقتال «أُذِن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير» «39» الحج، فكانوا على موعدٍ مع النصر في أولى معاركهم، ويومها وقد خرت هامات علاة القوم من قريش، ورمى المسلمون برميم أجسادهم في القليب وخاطبهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنبرة حزنٍ ألا يكونوا من المهتدين، وقد كان حريصاً على هدايتهم وتجنيبهم سوء المصير فقال: «ياأهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم كذبتموني وصدقني الناس» إنه قولٌ تسيل له المدامع ويعلو لمدلولاته الزفير من الصدور، ولأن معركة بدر الكبرى كانت فاتحة انتصار المسلمين في شهرهم المبارك رمضان فقد تلتها معارك الحسم، فتح مكة، ثم القادسية، عين جالوت، حطين، ولعل أحدث معارك انتصارهم على أعدائهم معركة العبور في العاشر من رمضان ويومها فر الصهاينة مذعورين أمام هتاف الله أكبر وضربات أبناء الأمة البواسل في جناحيها الشام وخلفه العراق وجزيرة العرب ومصر وخلفه شمال أفريقيا وحتى المغرب، وأما معركة الفتح وهي المعركة التي لن تغزى مكة بعدها أبداً، أي ذلك الغزو الذي يحولها عن كونها قبلةً للإسلام وللمسلمين فقد وقعت في السنة الثامنة للهجرة واجتمع فيها تحت إمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو الله تعالى أن يجنبه إراقة دماء أهلها، وكان حاله يحاكي مقاله كأعظم مايكون خشوعاً وطمأنينة وتواضعاً، حتى كادت لحيته تلامس ظهر دابته، ويخبر أصحابه فيقول منزلنا غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» عن/ أبي هريرة/ أخرجه/ البخاري ومسلم..والخيف موضع خارج مكة بني فيه مسجد الخيف في منى حيث يقضي الحاج يوم التروية وأيام التشريق الثلاث. وإذا نظرنا إلى الصوم كعبادة فهو ينقسم إلى أربعة أقسام:- 1) صيام الفريضة وقضائها. 2) صيام الكفارات ومنها كفارة اليمين إذا عجز المسلم عن الإطعام لعشرة مساكين صام ثلاثة أيام، ومنها كفارة الظهار صوم شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، ومنها كذلك كفارة الوطء في نهار رمضان صوم شهرين متتابعين عن كل يومٍ، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ويقضي في حالة الإطعام ذلك اليوم الذي وطىء فيه أهله، ومنها كفارة قتل النفس عن غير عمد صوم شهرين متتابعين، ولايجزي فيها إلا الصيام، ومنها صيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة إذ رجعتم وذلك لمن أخل بموانع الاحرام. 3) صيام التطوع وأشهره مايلي شهر رمضان وهو صيام الست من شوال، وصوم يوم عرفة التاسع من ذي الحجة، وصوم يوم عاشوراء محرم مع يوم قبله أو بعده، والأيام البيض من كل شهر أي ال13، 14، 15 وصوم يومي الاثنين والخميس. 4) صيام النذر، إن قصة فتح مكة تخبرنا أن في حياة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام خروج من بين ظهراني القوم الذين ابتعثوا فيهم ووحدة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم عاد إلى الموضع الذي خرج منه مهاجراً ليفتحه لدين الله تعالى لأنه قبلة أمته في صلاتها، ومبتدأ مناسك حجها.